Names and Attributes Series
سلسلة الأسماء والصفات
জনগুলি
حفظ السماوات والأرض لا يئود الله ومن فيهما لا يعجزونه
قال الناظم ﵀: [ولم يكن يئوده حفظ السما والأرض أو يعجزه من فيهما] كذلك من الصفات المنفية عن الله ﷾ أنه لا يئوده -أي: يثقله- حفظ السماء والأرض، وقد جاء ذلك في آية الكرسي في قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة:٢٥٥] .
وآده الشيء يئوده بمعنى: أثقله، كما قال الشاعر: جبل على جمل يكاد يئوده فتراه يمشي مشية المرحوض جبل، معناه: رجل ضخم.
على جمل يكاد يئوده، معناه: يثقله.
فتراه يمشي مشية المرحوض: أي المثقل.
فالله ﷾ لا يعجزه شيء من خلقه، فلا يئوده حفظ السماوات والأرض، كما قال: ﴿وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة:٢٥٥] .
وقوله: (أو يعجزه من فيهما)، كذلك لا يعجزه أحد من خلقه، ولذلك فإن الجن قالوا هذا كما حكى الله عنهم: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ [الجن:١٢]، فهذا لا يمكن أن يقع أبدًا.
وأعجزه يعجزه معناه: انقطع دونه ولم يستطع الوصول إليه، وهو من العجز، والعجز معناه القصور دون الشيء أو الكسل عنه، وفعلها: عجَز يعجز عجزًا، وأما عجِز يعجز بالكسر في الماضي والفتح في المضارع فمعناها: كبرت عجيزته، أو صار عجوزًا، وفعلها: عجز، فالعجز معناه: ضخامة العجُز.
و(من) في الأصل تطلق على العاقل وحده، لكنها تطلق عليه مع غيره لاختلاطه به أو اشتراكهما في العموم، وما في السماوات وما في الأرض فيهم العقلاء وغير العقلاء، فأطلقت لفظة (من) لتشمل كل ذلك.
ومن في السماوات ومن في الأرض هذا يشمل أنواع المخلوقات، وقد ذكر الله ﷾ منها أربعة أصناف في العالم العلوي وأربعة أصناف في العالم السفلي، وذلك في سورة فصلت في قوله تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [فصلت:٩]، وهذه قشرة الأرض.
ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت:١٠-١٢]، فالسماوات السبع تقابل الأراضين السبع، ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت:١٢]، وهذا يقابل قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ [فصلت:١٠] .
وقوله: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [فصلت:١٢]، هذا يقابل قوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا﴾ [فصلت:١٠] .
وقوله: ﴿وَحِفْظًا﴾ [فصلت:١٢]، هذا يقابل قوله: ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ [فصلت:١٠]، فهذه أربعة أنواع تقابلها أربعة.
وبالإضافة إلى هذا فجنود الله تعالى لا حصر لها، كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ [المدثر:٣١]، وقد جاء في الحديث: (أطت السماء وحق لها أن تئط؛ فما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد لله أو راكع)، هذا بالنسبة للسماء.
وكذلك بالنسبة لكثرة جنود الله ﷾ في الأرض من الملائكة والجن وغير ذلك من الجنود التي لا نعلمها، ومع هذا فجميع هؤلاء لا يخفي أحد منهم أحدًا عن الله ﷾، ولا يلتبس عليه كلامهم ولا خطابهم ولا وظائفهم ولا ما هم فيه، ولهذا قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [النور:٤١]، فكل من في السماوات والأرض قد علم الله صلاته وتسبيحه، أو قد علم هو صلاة نفسه وتسبيح نفسه فلم يعلمها غيره.
فنحن لا نعلم تسبيح الحصى، ولا تسبيح البحار، ولا تسبيح الجبال، لكن الجبال تعرف تسبيحها والبحار تعرف تسبيحها وهكذا، ولهذا قال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:٤٤]، فنحن لا نعرف ذلك، ولكنها هي تعرف ذلك، وهو ﷾ يعرف تسبيح كل ذلك لا يلتبس عليه.
8 / 5