ذلك حصلت المعاتبة لا على التأديب بل على التأدب لهذا المعنى.
قلت: سبحان العليم بما كان في ذلك الوقت وهو خلاف ظاهر الواقعة.
قال والجواب عن السؤال الثاني أن ذكره بلفظ الأعمى ليس بتحقير له بل كأنه قيل: بسبب عماه استحق مزية الرفق له والرأفة فكيف يليق بك يا محمد أن تخصه بالغلظة؟ والجواب عن السؤال الثالث أنه ﷺ كان مأذونًا له في تأديب أصحابه: لكن ههنا لما أوهم تقديم الأغنياء على الفقراء وكان ذلك ما يوهم ترجيح الدنيا على الدين، فلهذا السبب جاءت هذه المعاتبة.
قلت: ليس هذا مما فيه إيهام تقديم الدنيا على الدين لأن أولئك الكفار لو أسلموا لأسلم بإسلامهم جمع عظيم من أتباعهم وألزامهم وأزواجهم ومن يقول بقولهم. ولهذا المعنى رغب ﷺ في إسلامهم وطمع فيه. وذلك غاية في الدين.
قال: المسئلة الثانية القائلون بصدور الذنب عن الأنبياء تمسكوا بهذه الآية. وقالوا: لما عاتبه في ذلك الفعل. دل على أن ذلك الفعل كان معصية، وهذا بعيد. فإنا قد بينا أن ذلك كان هو الواجب المتعين وهذا جار مجرى ترك الأفضل وترك الاحتياط. فلم يكن هذا ذنبًا ألبتة.
وقوله تعالى: " وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن اله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ". هذه أمثال ضربها الله تعالى في حق المؤمنين والكفار فقوله: الأعمى والبصير، أي العالم والجاهل والمؤمن والكافر، ولا الظلمات ولا النور، أي الكفر والإيمان، ولا الظل ولا الحرور، أي الجنة والنار أو ظل الليل وسموم النهار أو الحرور بمنزلة السموم وهي الريح الحارة ويكون ليلًا ونهارًا والسموم لا يكون إلا نهارًا. قال أبو عبيدة الحرور يكون في النهار مع الشمس. وما يستوي الأحياء ولا الأموات العلماء والجهال أو المؤمنون والكافرون.
فإن قلت ما فائدة تكثير الأمثلة ههنا وتكريرها. قلت: البصير وإن كان سليم العين بخلاف الأعمى فإنه لا يرى شيئًا ما لم يكن في
1 / 22