بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
أما بعد ..
فإنه مما يمتن به المولى ﷿ على الإنسان أن ييسر له طرقَ الخير، فأحمد الله للعلي الكبير أن يسر لي الوقوف على هذا المخطوط ضمن مجموعة أخرى من المخطوطات التي قام بتصويرها عن طريق الحاسب الآلي، ونشرها بين طلاب العلم بعض الإخوة المحبين لنشر العلم - فجزاهم الله خيرًا- وكان هذا المخطوط هو أول ما لفت نظري من بينهم، فأخذت في قراءته، فألفيته رائعة من روائع السلف، ينم على غزارة علم ناظمها، فاستعنت بالله ﷿ متطفلًا على موائد المحققين، وأخذت في بذل الوسع لتحقيقه، والتعليق عليه، لإخراجه في أفضل صورة أستطيعها، فلله الفضل، والمنة.
سبب اختيار هذا المخطوط:
١ - تعلقه بأشرف العلوم، وهو علم العقيدة.
٢ - تضمين الناظم فيه لبعض القضايا الفقهية الهامة كبيان: تحريم المسكرات، والمعازف والغناء، وربا الفضل، والحيل المذمومة، وبذلك تحققت فيه شمولية، وتنوع مواده.
٣ - اشتمال المنظومة على بيان عقيدة السلف، والرد على المخالفين، وبيان زيف منهجهم بأسلوب رائع، وحجة قوية.
٤ - تعريف الناس بهذا العلم الجهبذ، فإنه مع كثرة تصانيفه، وسلامة منهجه، وثناء العلماء
1 / 3
عليه، إلا أنه لم يطبع له ﵀ سوى نظم: "الحمية الإسلامية للانتصار لمذهب ابن تيمية" - وهو غير مشهور -.
عملي في المخطوط:
١ - قمت بنسخه، وتصحيحه.
٢ - قمت بإثبات ما وجدته من تصويبات على هامش المخطوط، وأشرت في هامش التحقيق إلى الفروق بين الأصل، والتصويب.
٣ - قمت بوضع عناوين، وتقاسيم للمنظومة لتقريبها للقارئ، وتيسيرًا للإفادة منها.
٤ - ضبط، وشكل ألفاظه (١)، مع ترقيم الأبيات؛ ليسهل تناولها على القارئ.
٥ - التعليق، والتوضيح لما أشكل، أو استغلق من ألفاظه، وذلك بإتباع ما يلي:
أ - ذكر الأدلة الشرعية التي تعضد ما ذهب إليه الناظم.
ب - شرح غريب الألفاظ بالرجوع إلى كتب المعاجم، والغريب.
ج - تقريب المعنى الذي يقصده الناظم فيما أشكل من أبيات، مع البعد عن التكلف، والغلو.
د - التعليق على ما يظهر أن الناظم قد جانبه فيه الصواب، مع محاولة تحميل كلام الناظم على أفضل محامله، على أن يكون ذلك مدعومًا بالأدلة الشرعية، ومشفوعًا بكلام أهل العلم.
هـ - وقد راعيت أثناء كتابتي للتعليقات عدم الإسهاب الممل، وعدم التعليق إلا عند
الحاجة؛ حتى لا يطول الكتاب بما لا فائدة فيه، أو بما يستغنى عنه.
_________
(١) وقد عاونني في ذلك بعض الإخوة الذين لهم دراية أكثر مني بعلم العروض، فجزاهم الله خيرًا، كما أن بعضهم قد ذكر لي أن هذه المنظومة من البحر الطويل، ثم أخذ يتكلم عن صوره، وعن الضرورات الشعرية في المنظومة، إلا أنني أعرضت عن ذكر كل هذا، لأنني لست أهلًا للكتابة في هذا العلم، ولا أستطيع تمييز الصواب من الخطأ فيه، وقد رأيت أن ذكره لا يفيد الغالبية من طلاب العلم. ولعل بعض البلاغيين يسد هذا الخلل فيما بعد. فهذا جهد المقل، فيما ظنَّ أنه يحسنه، وكما قيل: ما لا يدرك كله، لا يترك جله، والله المستعان.
1 / 4
٦ - قمت بالترجمة للمؤلف ﵀.
٧ - قمت بإعداد فهرس شامل لموضوعات ومسائل المنظومة والتعليق.
وصف النسخة الخطية:
ذكرت فيما سبق أنني حصلت على هذه المخطوطة مصورة عن طريق الحاسب الآلي، وقد وجدت على الصفحة الصفحة الأولى منها:
أصل رقم = ١٥٤
عدد الأوراق = ٩ ق
رقم المصورة = ٩٥٢
وعلى الأخيرة من المخطوطة: خاتم دار الكتب الأهلية.
والمخطوطة مكتوبة بخط جيد ومقروء، وعليها تصويبات قراءة على الناظم، وسماعات.
صورة الصفحة الأولى من المخطوط
1 / 5
صورة الصفحة الثانية من المخطوط
صورة الصفحة قبل الأخيرة من المخطوط
1 / 6
صورة الصفحة الأخيرة من المخطوط
توثيق اسم المنظومة:
اسم المنظومة: نهج الرشاد في نظم الاعتقاد - كما هو مذكور على الصفحة الأولى منها.
وأيضًا قال الناظم في آخرها:
١٤٢ - وَسَمَّيْتُهَا نَهْجَ الرَّشَادِ لِكَوْنِهَا ... تَفُوقُ بِنَظْمِ الْاِعْتِقَادِ عِلِى الدُّرِّ
بالإضافة إلى أن كل من ذكرها من أهل العلم، سماها بهذا الاسم.
توثيق نسبتها للناظم:
ناظمها هو: جمال الدين أبي المظفر يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم العبادي السرمري - كما هو مذكور على الصفحة الأولى منها، وفي بدايتها.
وأيضًا قال الناظم في آخرها:
١٥١ - مُؤَلِّفُهَا نَجْلُ الْعَبادِيِّ يُوسُفُ ... وَخَاتِمُهَا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالشُّكْرِ
بالإضافة إلى أن كل من ترجم للناظم ذكرها ضمن مؤلفاته.
1 / 7
ترجمة الناظم (١):
اسمه، ونسبه، وكنيته:
هو: جمال الدين أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم العبادي - بالتخفيف - ثم العقيلي السرمري نزيل دمشق الحنبلي.
مولده:
قال ابن ناصر الدين الدمشقي في الرد الوافر: (مولده فيما وجدته بخطه في سابع عشر رجب من سنة ست وتسعين وستمائة بسر من رأى).
وسر من رأى هي مدينة سامراء، قال الحموي في معجم البلدان (٣/ ١٧٣): [سامراء لغة في سر من رأى، مدينة كانت بين بغداد، وتكريت على شرقي دجلة، وقد خربت، وفيها لغات: سامراء ممدود، وسامرا مقصور، وسر من رأ مهموز الآخر، وسر من را مقصور الآخر ... وبها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخرج منه، وقد ينسبون إليها بالسرمري ... وذكر محمد بن أحمد البشاري نكتة حسنة فيها قال: لما عمرت سامراء، وكملت، واتسق خيرها، واحتفلت سميت: سرور من رأى، ثم اختصرت فقيل: سر من رأى، فلما خربت، وتشوهت خلقتها، واستوحشت سميت: ساء من رأى، ثم اختصرت فقيل: سامراء ...].
طلبه للعلم، ورحلاته، وشيوخه:
أخذ الناظم ﵀ العلم عن الأئمة، والمسندين من شيوخ العراق كالصفي عبد المؤمن بن عبد الحق، وأبي الثناء محمود بن علي الدقوقي، وغيرهما، ورحل إلى دمشق فسمع من أصحاب ابن
_________
(١) انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي (٨/ ٢٥٠ - ٢٥١)، وإنباء الغمر لابن حجر (١/ ٣٥)، وإيضاح المكنون للبغدادي (١/ ٥٤٣)، (٢/ ٤٩)، وبغية الوعاة للسيوطي (٤٢٣، ٤٢٤)، والدرر الكامنة لابن حجر (٤/ ٤٧٣ - ٤٧٤)، والرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي (١/ ١٣٠: ١٣٣)، وذيل تذكرة الحفاظ لأبي المحاسن الحسيني (١/ ١٦٠ - ١٦٢)، وشذرات الذهب لابن العماد (٦/ ٢٤٩)، وكشف الظنون لحاجي خليفة (٥٦، ١٣١، ٥٢٤، ١٠٧٠، ١١٢٥، ١١٥٧)، ومعجم المؤلفين لكحالة (١٣/ ٣٣٢)، والمقصد الأرشد لبرهان الدين إبراهيم بن مفلح (١/ ٣٤٩)، وهدية العارفين للبغدادي (٢/ ٥٥٨).
1 / 8
عبد الدائم، وجماعة غيرهم، وأجاز له أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار وعدة سواه.
وأخذ الفقه عن سراج الدين حسين بن يوسف بن أبي السري التستري، ثم انتقل إلى بغداد سنة تسع وعشرين، وأجاز له ابن الشحنة، وابن الدواليبي، وغيرهما.
برع الناظم في علوم كثيرة منها: العربية، والفرائض. ونظم، وخرج، وحدث، واقعد بأخرة، وقد جاز الثمانين.
وقد ذكره أيضًا الذهبي في المعجم المختص فقال: قدم علينا سنة ست وأربعين وقرأ عليَّ.
ومن شيوخهم (١) الذين أثنى عليهم، وامتدحهم كثيرًا: الشيخ حسان حيث قال عنه في منظومتنا هذه:
٨ - فَلَوْلَا مَكَانُ الشَّيخِ حَسَّانِ أَصْبَحَتْ ... مَدِينَةُ سَامَّرَاءَ فِي غَايَةِ الضُّرِ
٩ - وَلَوْلَا خِلَالٌ شَدَّهَا لَتَعَطَّلَتْ ... رُسُومُ الْهُدَى وَاسْتَوْسَقَتْ دَوْلَةُ الشِّرِ
١٠ - هَوُ الْعَالِمُ الْمَرْضِيُّ وَالقُثَمُ الذي ... يَفَتِّحُ أَقْفَالَ الْمَسَائِلِ بِالسَّبْرِ
١١ - إِذَا سَأَلُوهُ عَنْ دَلِيلِ مَقَالِةِ ... أَجَابَ بِقَوْلِ اللهِ فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ
١٢ - وَإِنْ يَسْتَزِيدُوا قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ ... وَإِن يَسْتَزِيدُوا قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرِ
١٣ - كَفَانِي أَنِّي أَنْتَمِي بِعَقِيَدتيِ ... إِلَيْهِ وَإِنِّي فِي طَرِيقَتَهِ أَجْرِي
تقدير الناظم لتقي الدين ابن تيمية ووصفه بأنه شيخ الإسلام:
قال ابن ناصر الدين الدمشقي في الرد الوافر: [وترجم - أي الناظمُ - الشيخ تقي الدين بشيخ الإسلام فيما كتبه بخطه، وجمع في شمائله اللطيفة ترجمة مونقة منيفة إعلاما بقدره، وتنبيها قال فيما وجدته بخطه فيها: حدثني غير واحد من العلماء الفضلاء، والأئمة النبلاء، الممعنين في الخوض في أقاويل المتكلمين، لإصابة الصواب، وتمييز القشر من اللباب: أن كلا منهم لم يزل حائرا في تجاذب أقوال الأصوليين، ومعقولاتهم، وأنه لم يستقر في قلبه منها قول، ولم يبن له من مضمونها حق بل رآها كلها موقعة في الحيرة، والتضليل، وجلها ممعن يتكلف الأدلة، والتعليل، وأنه كان خائفا على نفسه من الوقوع بسببها في التشكيك، والتعطيل، حتى مَنَّ الله سبحانه، وتعالى عليه بمطالعة مؤلفات هذا الإمام ابن تيمية، شيخ الإسلام، مما أورده من النقليات، والعقليات في هذا النظام، فما هو إلا أن
_________
(١) وسوف يأتي احتمال عند شرح هذه الأبيات أنه ليس من شيوخه، فالله أعلم بالصواب.
1 / 9
وقف عليها، وفهمها فرآها موافقة للعقل السليم، وعلمها حتى انجلى ما كان قد غشيه في أقوال المتكلمين من الظلام، وزال عنه ما خاف أن يقع فيه من الشك، وظفر بالمرام.
ومن أراد اختبار صحة ما قلته فليقف بعين الإنصاف العرية عن الحسد، والانحراف أن شاء على مختصراته في هذا الشأن كـ: شرح العقيدة الاصبهانية، ونحوها، وإن شاء على مطولاته كـ: تخليص التلبيس من تأسيس التقديس، والموافقة بين العقل والنقل، ومنهاج الاستقامة والاعتدال، فإنه - والله - يظفر بالحق، والبيان، ويستمسك بأوضح برهان، ويزن حينئذ في ذلك بأصح ميزان ...].
تلاميذه:
وقد أخذ عن الناظم - رجمه الله - ابن رافع مع تقدمه، وذكره في معجمه، وحدث عنه، ومات قبله.
وروى عن أيضًا جماعة منهم ابنه إبراهيم.
ثناء العلماء عليه:
قال ابن ناصر الدين في الرد الوافر: الشيخ الامام العلامة الحافظ البركة القدوة ذو الفنون البديعة والمصنفات النافعة ... وكان إماما ثقة عمدة زاهدا عابدا محسنا جهده، صنف في أنواع كثيرة نثرا ونظما وخرج وأفاد وأملى رواية وعلما ... وكان عمدة في نقد رجال الحديث وضبطه.
وقال الذهبي: وله معرفة بالمذهب، ونظم جيد في علوم الحديث، وغيرها.
وقال ابن العماد في شذرات الذهب: الشيخ العالم المفنن الحافظ.
وقال أبو المحاسن الحسيني في ذيل تذكرة الحفاظ: الإمام العلامة الحافظ جمال الدين أبو المظفر ... وكان عمدة ثقة ذا فنون إماما علامة له مصنفات عدة في أنواع كثيرة نثرًا، ونظمًا خرج، وأفاد، وأملي رواية، وعلما.
وقال كحالة في معجم المؤلفين: محدث، حافظ، فقيه، فرضي، نحوي، ناظم، مشارك في غير ذلك.
وقال الزركلي في الأعلام: حافظ للحديث، من علماء الحنابلة.
مصنفاته (١):
_________
(١) وكل مصنفاته مخطوطه - على حسب علمي - ولم يطبع له سوى نظم: (الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية) فقد قام بطبعه: مجمع البحوث العلمية الإسلامية بالهند، وقدَّم له، وعلق عليه: صلاح الدين مقبول أحمد، مع رسالة: قصيدة في الرد على التقي السبكي والدفاع عن بن تيمية لأبي عبد الله بن يوسف الشافعي. ولكنه غير مشهور، ولم أقف عليه.
1 / 10
قال ابن حجي رأيت بخطه ما صورته: مؤلفاتي تزيد على مائة مصنف كبار، وصغار في بضعة، وعشرين علمًا، ذكرتها على حرف المعجم في "الروضة المورقة في الترجمة المونقة".
ومن مصنفاته:
١ - إحكام الذريعة، إلى أحكام الشريعة.
٢ - الأربعين الصحيحة في الحديث.
٣ - الأربعين الصحيحة فيما دون أجر المنيحة.
٤ - الأرجوزة الجلية في الفرائد الحنبلية.
٥ - الإفادات المنظومة في العبادات المختومة.
٦ - تخريج الأحاديث الثمانيات.
٧ - الثمانيات.
٨ - الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية (نظم).
٩ - الخصائص والمفاخر لمعرفة الأوائل والأواخر.
١٠ - ذكر القلب الميت بفضائل أهل البيت.
١١ - رسالة الجراد وما في شانه من الصلاح والفساد.
١٢ - شرح اللؤلؤة في علم العربية.
١٣ - شفاء الآلام في طب أهل الإسلام.
١٤ - صحاح الأحكام وسلاح الحكام. قال حاجي خليفة في كشف الظنون: قد ... جمعه: في قوله ﵊: (بني الإسلام على خمس ... الخ).
١٥ - عجائب الاتفاق وغرائب ما وقع في الآفاق.
١٦ - عجايب الآفاق (١).
١٧ - عقود (٢) اللآلي في الأمالي.
_________
(١) ولعله والذي قبله كتاب واحد، والله أعلم بالصواب.
(٢) وسماه بعضهم: عقد، وبعضهم: عنقود.
1 / 11
١٨ - عمدة الدين في فضل الخلفاء الراشدين.
١٩ - غيث السحابة في فضل الصحابة.
٢٠ - الفوائد السرمرية.
٢١ - نشر القلب الميت بنشر فضل أهل البيت.
٢٢ - نظم الغريب في علوم الحديث لأبيه نحو من ألف بيت.
٢٣ - نظم مختصر ابن رزين في الفقه.
٢٤ - نهج الرشاد في نظم الاعتقاد. وهو النظم الذي بين أيدينا موضوع التحقيق.
وغير ذلك.
وفاته:
وتوفي يوم السبت الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وسبعين وسبعمائة، بدمشق وقد جاوز الثمانين، ودفن بمقبرة الصوفية جوار تربة الشيخ تقي الدين ابن تيمية - رحمهما الله -.
وبعد ...
ولا يسعني في ختام هذه المقدمة، وقبل أن أبدأ في عرض منظومتنا موضوع التحقيق، إلا أن أقول كما قال الناظم ﵀:
١٤٧ - فَيَا نَاظِرًَا فِيهَا تَدَارَكْ لِمَا عَسَى ... يَكُونُ بِهَا مِنْ خَافِيَ الْوَهْنِ بِالْجَبْرِ
١٤٨ - فَقَدْ خُلِقَ التَّقْصِيرُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى ... لِيَنْفَرِدَ الْبَارِي عَلَا بِاسْمِهِ الْوِتْرِ
١٤٩ - وَقُلْ رَبِّ سَامِحْ مَنْ تَكَلَّفَ نَظْمِهَا ... وَقَارِئَهَا وَالسَّامِعِيَن وَمَنْ يُقْرِى
والله ﷿ أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله في ميزان حسناتي، وميزان حسنات كل من شارك فيه بنصح ومشورة، أو مراجعة.
وهذا أوان الشروع في المقصود، والله المستعان، وعليه البلاغ، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي
غفر الله له، ولوالديه .. أمين
1 / 12
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقير إلى الله - تعالى -: يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد السرمري، عفا الله - تعالى - عنه:
المقدمة (١)
١ - بَدَاتُ اعْتِقَادِي بِاسْمِ ذِي الْعَفْوِ وَالْغُفْرِ (٢) ... . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(١) وهذه العناوين، والتقاسيم ليست من صلب المنظومة، وإنما هي من عمل المحقق.
(٢) بدأ المصنفون كتبهم بالبسملة لأمور: منها - التأسي بفعل الصحابة ﵃ في افتتاحهم المصحف الإمام بالتسمية وتبعهم جميع من كتب المصحف بعدهم في جميع الأمصار، سواء من يقول بأن البسملة آية من الفاتحة، ومن لا يقول ذلك.
ومنها - الإقتداء بالرسول ﷺ في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم، كما في رسالته ﷺ إلى هرقل، في الحديث المتفق عليه.
ومنها - العمل بحديث: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر)، أي ذاهب البركة، والحديث لا يثبت فقد رواه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " (١٢١٠) (٢/ ٦٩)، ومن طريقه السمعاني في " آداب الإملاء والاستملاء" (ص/٥٢)، ورواه السبكي في "طبقات الشافعية" (١/ ٦) - كلهم - من طريق أحمد بن محمد بن عمران - وأسقطه السمعاني - عن محمد بن صالح البصري عن عبيد بن عبدالواحد بن شريك عن يعقوب بن كعب الأنطاكي عن مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا به. وأحمد بن محمد بن عمران، هو المعروف بالجنيدي، قال عنه الخطيب في "تاريخه": كان يضعف في روايته.، وقال الزهري: ليس بشيء. وقد أفرد العلماء هذا الحديث بالتصنيف، وقد حكم عليه الشيخ الألباني ﵀ في الإرواء (١) (١/ ٢٩) بأنه ضعيف جدًا، وقد اختلف العلماء في جواز العمل بالحديث الضعيف في باب فضائل الأعمال، والراجح المنع، وانظر " القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" للحافظ السخاوي، ومقدمة " صحيح الترغيب والترهيب " للشيخ الألباني، وبحث "تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف" للدكتور: عبد العزيز عبدالرحمن بن محمد العثيم.
فائدة: قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١/ ٩): [وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة، وكذا معظم كتب الرسائل، واختلف القدماء فيما إذا كان الكتاب كله شعرا، فجاء عن الشعبي منع ذلك، وعن الزهري قال: مضت السنة أن لا يكتب في الشعر بسم الله الرحمن الرحيم، وعن سعيد بن جبير جواز ذلك، وتابعه على ذلك الجمهور، وقال الخطيب: هو المختار].
1 / 13
. . . . . . . . . . . . . . . . ... وثَنَّيْتُ أَنَّ الْحَمْدَ لِلْوَاحِدِ الْبَرِّ (١)
٢ - وَأَنْ لَاِ إِلَهَ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَالْخَفَا ... سَوَى بِارِئِ خَلْقِهِ مُنَزِّلِ الْقَطْرِ (٢)
٣ - وَأَهْدَيْتُ مِنّيِ لِلْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ ... صَلَاةً كَمَا مَرَّ النَّسِيمُ (٣) عَلَى الزَّهْرِ (٤)
٤ - وَعِتْرَتِهِ (٥). . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(١) البدء بالحمدلة فيها نحو الوجوه الثلاث السابقة فقد ابتداء الصحابة كتابة المصحف الإمام بالفاتحة، وهي تبدأ بالحمد بعد البسملة، وكان النبي ﷺ يبدأ خطبته بالحمد، وأيضًا قد ورد في ذلك حديث مرسل لا يثبت، رواه أبو داود (٤٨٤٠) (٤/ ٢٦٢) وقال: (رواه يونس، وعقيل، وشعيب وسعيد بن عبدالعزيز عن الزهري عن النبي ﷺ مرسلًا)، وكذا صوب الدارقطني الإرسال في الحديث في سننه (١/ ٢٢٩) ولفظه: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع)، وقد اشتهر الكلام على هذا الحديث وانظر الإرواء (٢) (١/ ٣٢).
فائدة: ظاهر صنيع الناظم هنا من البدء بالبسملة، ثم التثنية بالحمدلة، يحتاج لتوجيه للجمع بين الحديثين - على فرض ثبوتهما، أو اختيار العمل بالحديث الضعيف في الفضائل - ووجه الجمع: أن الأولية في البدء بالبسملة أولية حقيقية مطلقة، وأما الأولية في البدء بالحمدلة فهي أولية نسبية، أي بالنسبة لما يأتي بعدها.
(٢) أي المطر.
(٣) قال الثعالبي في فقه اللغة: (النَّسِيمُ حَرَكَةُ الرِّيحِ في لِينٍ وضُعْفٍ).
(٤) ووجه الشبه هنا قد يكون فيه تكلف وبعد، ولولا خشية إفساد عروض البيت لقلت: الأولى في هذا البيت: إبدال كلمة (كما) بـ (كلما).
(٥) روى الترمذي (٥/ ٦٦٣) (٣٧٨٨)، وغيره عن أبي سعيد، وزيد بن أرقم ﵄ قالا: قال رسول الله ﷺ: [إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من
1 / 14
الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما] وقال: وهذا حديث حسن غريب.
وقد اختلف العلماء في بيان درجة هذا الحديث، وفقهه اختلافًا كثيرًا، فقد ضعفه الإمام أحمد، وغيره. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (٧/ ٣٩٤): [أما قوله: [وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض] فهذا رواه الترمذي وقد سئل عنه احمد بن حنبل، فضعفه، وضعفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح، وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة، قالوا: ونحن نقول بذلك كما ذكر القاضي أبو يعلي، وغيره. ولكن أهل البيت لم يتفقوا، ولله الحمد على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرؤون المنزهون عن التدنس بشيء منه].
وهذا الحديث قد ورد من طرق أخرى كثيرة عن جابر بن عبد الله، أبي هريرة، وابن عباس، وعلي، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وقد تتبع الشيخ الألباني طرق الحديث، وصححه بالشواهد، وكذا فعل الشيخ الأرناؤوط في تحقيق المسند حيث صححه بالشواهد، ما عدا قوله: [ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض].
وسوف أنقل هنا ما وجه به الشيخ الألباني الحديث بعد تصحيحه، وما ردَّ به على الشيعة في تفسيرهم المنحرف له، قال ﵀ في "السلسلة الصحيحة" (٤/ ٣٥٩): [من المعروف أن الحديث مما يحتج به الشيعة، ويلهجون بذلك كثيرا، حتى يتوهم أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعا واهمون في ذلك، وبيانه من وجهين: الأول: أن المراد من الحديث في قوله ﷺ: " عترتي " أكثر مما يريده الشيعة، ولا يَرُدَّه أهل السنة بل هم مستمسكون به، ألا وهو أن: العترة فيهم هم أهل بيته ﷺ وقد جاء ذلك موضحا في بعض طرقه كحديث الترجمة: " عترتي أهل بيتي " وأهل بيته في الأصل هم: نساؤه ﷺ وفيهن الصديقة عائشة ﵅ جميعا - كما هو صريح قوله تعالى في (الأحزاب): (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) بدليل الآية التي قبلها والتي بعدها: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا. وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)، وتخصيص الشيعة (أهل البيت) في الآية بعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين ﵃ دون نسائه ﷺ من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصارًا لأهوائهم كما هو مشروح في موضعه، وحديث الكساء، وما في معناه غاية ما فيه: توسيع دلالة الآية، ودخول علي وأهله فيها، كما بينه الحافظ ابن كثير وغيره،
1 / 15
وكذلك حديث " العترة " قد بيَّن النبي ﷺ أن المقصود أهل بيته ﷺ بالمعنى الشامل لزوجاته - قلت: أي بطريق التبعية، لا الأصالة -، وعلي، وأهله. ولذلك قال التوربشتي - كما في " المرقاة " (٥/ ٦٠٠): " عترة الرجل: أهل بيته، ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم " العترة " على أنحاء كثيرة بينها رسول الله ﷺ بقوله: " أهل بيتي " ليعلم أنه أراد بذلك نسله، وعصابته الأدنين، وأزواجه ".
والوجه الآخر: أن المقصود من " أهل البيت ": إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتمسكون بالكتاب، والسنة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى: " (العترة) هم أهل بيته ﷺ الذين هم على دينه، وعلى التمسك بأمره ". وذكر نحوه الشيخ علي القاريء في الموضع المشار إليه آنفا. ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: " إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت، وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه، وحكمته. وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة). قلت: ومثله قوله تعالى في خطاب أزواجه ﷺ في آية التطهير المتقدمة: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ). فتبين أن المراد بـ (أهل البيت) المتمسكين منهم بسنته ﷺ فتكون هي المقصود بالذات في الحديث ولذلك جعلها أحد (الثقلين) في حديث زيد بن أرقم المقابل للثقل الأول وهو القرآن، وهو ما يشير إليه قول ابن الأثير في " النهاية ": " سماهما (ثقلين) لأن الآخذ بهما (يعني الكتاب والسنة) والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفيس (ثقل)، فسماهما (ثقلين) إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما ".
قلت: والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته ﷺ في قوله: " فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين ... ". قال الشيخ القاريء (١/ ١٩٩): " فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم، إما لعملهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إياها ". إذا عرفت ما تقدم فالحديث شاهد قوي لحديث " الموطأ " بلفظ: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة رسوله ". وهو في "المشكاة" (١٨٦). وقد خفي وجه هذا الشاهد على بعض من سود صفحات من إخواننا الناشئين اليوم في تضعيف حديث الموطأ. والله المستعان ...].
وقد بيَّن النبي ﷺ في هذا الحديث أن المراد بعترته: أهل بيته، وسوف يأتي في التعليق التالي - بمشيئة الله - زيادة بيان للمراد بالأهل.
1 / 16
وِالْأَهْلِ (١) وَالصَّحْب والذي ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(١) فرَّق أبو هلال العسكري في "معجم الفروق اللغوية" بين معنى العترة، والآل، والأهل حيث قال: [الفرق بين العترة والآل: أن العترة على ما قال المبرد: " النصاب، ومنه عترة فلان أي منصبه "، وقال بعضهم: " العترة أصل الشجرة الباقي بعد قطعها قالوا فعترة الرجل أصله "، وقال غيره: " عترة الرجل أهله وبنو أعمامه الأدنون " واحتجوا بقول أبي بكر ﵁ عن عترة رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - يعني قريشا فهي مفارقة للآل على كل قول لان الآل هم: الأهل والأتباع، والعترة هم: الأصل في قول والأهل وبنو الأعمام في قول آخر].
وقال أيضًا: [الفرق بين الأهل والآل: أن الأهل يكون من جهة النسب والاختصاص، فمن جهة النسب قولك: أهل الرجل لقرابته الأدنين، ومن جهة الاختصاص قولك أهل البصرة، وأهل العلم، والآل خاصة الرجل من جهة القرابة، أو الصحبة تقول: آل الرجل لأهله وأصحابه، ولا تقول آل البصرة وآل العلم، وقالوا: آل فرعون أتباعه، وكذلك آل لوط، وقال المبرد: إذا صغرت العرب الآل قالت أهل، فيدل على أن أصل الآل الأهل، وقال بعضهم: الآل عيدان الخيمة وأعمدتها، وآل الرجل مشبهون بذلك لأنهم معتمده، والذي يرفع في الصحارى آل لأنه يرتفع كما ترفع عيدان الخيمة، والشخص آل لأنه كذلك.] وانظر أيضًا جلاء الأفهام لابن القيم (ص/٢٠٣: ٢٠٩) لبيان وجوه التفريق بين: الآل، والأهل.
إلا أن ظاهر صنيع ما وقفت عليه من كلام العلماء التسوية بين المعاني الاصطلاحية لـ: العترة، وأهل البيت، وآل النبي.
وقد اختلف العلماء في المراد بالآل على أقوال كثيرة ذكرها ابن القيم في جلاء الأفهام (ص/٢١٠)، وما بعدها، وغيره، وأقوى الأقوال عندى ما رحجه الشيخ: عبد المحسن بن حمد العباد البدر في رسالته: "فضلُ أهل البيت وعلوُّ مكانتِهم عند أهل السُّنَّة والجماعة"حيث قال: [القولُ الصحيحُ في المرادِ بآل بيت النَّبِيِّ ﷺ هم مَن تَحرُم عليهم الصَّدقةُ، وهم أزواجُه وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبدالمطلب، وهم بنُو هاشِم بن عبد مَناف؛ قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (ص:١٤): (وُلِد لهاشم بن عبد مناف: شيبةُ، وهو عبدالمطلب، وفيه العمود والشَّرف، ولَم يبْقَ لهاشم عَقِبٌ إلاَّ مِن عبدالمطلب فقط).
1 / 17
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
وانظر عَقِبَ عبدالمطلب في: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص:١٤ - ١٥)، والتبيين في أنساب القرشيِّين لابن قدامة (ص:٧٦)، ومنهاج السنة لابن تيمية (٧/ ٣٠٤ - ٣٠٥)، وفتح الباري لابن حجر (٧/ ٧٨ - ٧٩).
ويدلُّ لدخول بنِي أعمامه في أهل بيته ما أخرجه مسلم في صحيحه (١٠٧٢) عن عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب أنَّه ذهب هو والفضل بن عباس إلى رسول الله ﷺ يطلبان منه أن يُولِّيهما على الصَّدقةِ ليُصيبَا مِن المال ما يتزوَّجان به، فقال لهما ﷺ: «إنَّ الصَّدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنَّما هي أوساخُ الناس»، ثمَّ أمر بتزويجهما وإصداقهما من الخمس.
وقد ألْحَق بعضُ أهل العلم منهم الشافعي وأحمد بنِي المطلب بن عبد مَناف ببَنِي هاشم في تحريم الصَّدقة عليهم؛ لمشاركتِهم إيَّاهم في إعطائهم من خمس الخُمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (٣١٤٠) عن جُبير بن مُطعم، الذي فيه أنَّ إعطاءَ النَّبِيِّ ﷺ لبَنِي هاشم وبنِي المطلب دون إخوانِهم من بنِي عبد شمس ونوفل؛ لكون بنِي هاشم وبَنِي المطلب شيئًا واحدًا.
فأمَّا دخول أزواجه ﵅ في آلِه ﷺ، فيدلُّ لذلك قول الله ﷿: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنءَايَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾، فإنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على دخولِهنَّ حتمًا؛ لأنَّ سياقَ الآيات قبلها وبعدها خطابٌ لهنَّ، ولا يُنافي ذلك ما جاء في صحيح مسلم (٢٤٢٤) عن عائشة ﵂ أنَّها قالت: «خرج النَّبِيُّ ﷺ غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل من شَعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثمَّ جاء الحُسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمةُ فأدخلها، ثمَّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمَّ قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾»؛ لأنَّ الآيةَ دالَّةٌ على دخولِهنَّ؛ لكون الخطابِ في الآيات لهنَّ، ودخولُ عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين ﵃ في الآيةِ دلَّت عليه السُّنَّةُ في هذا الحديث، وتخصيصُ النَّبِيِّ ﷺ لهؤلاء الأربعة ﵃ في هذا الحديث لا يدلُّ على قَصْرِ أهل بيته عليهم دون القرابات الأخرى، وإنَّما يدلُّ على أنَّهم مِن أخصِّ أقاربه ...
وزوجاتُه ﷺ داخلاتٌ تحت لفظ «الآل»؛ لقوله ﷺ: «إنَّ الصَّدقةَ لا تَحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآل محمَّد»، ويدلُّ لذلك أنَّهنَّ يُعطَيْن من الخُمس، وأيضًا ما رواه ابن أبي شيبة في مصنّفه (٣/ ٢١٤) بإسنادٍ صحيح عن ابن أبي مُلَيكة: «أنَّ خالد بنَ سعيد بعث إلى عائشةَ ببقرةٍ من الصَّدقةِ فردَّتْها، وقالت: إنَّا آلَ محمَّدٍ ﷺ لا تَحلُّ لنا الصَّدقة».
1 / 18
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
ومِمَّا ذكره ابن القيِّم في كتابه «جلاء الأفهام» (ص:٣٣١ - ٣٣٣) للاحتجاج للقائلِين بدخول أزواجه ﷺ في آل بيته قوله: «قال هؤلاء: وإنَّما دخل الأزواجُ في الآل وخصوصًا أزواجُ النَّبِيِّ ﷺ تشبيهًا لذلك بالنَّسَب؛ لأنَّ اتِّصالَهُنَّ بالنَّبِيِّ ﷺ غيرُ مرتفع، وهنَّ محرَّماتٌ على غيرِه في حياتِه وبعد مَمَاتِه، وهنَّ زوجاتُه في الدنيا والآخرة، فالسَّببُ الذي لهنَّ بالنَّبِيِّ ﷺ قائمٌ مقامَ النَّسَب، وقد نصَّ النَّبِيُّ ﷺ على الصلاةِ عليهنَّ، ولهذا كان القولُ الصحيح - وهو منصوص الإمام أحمد ﵀ أنَّ الصَّدقةَ تحرُمُ عليهنَّ؛ لأنَّها أوساخُ الناسِ، وقد صان اللهُ سبحانه ذلك الجَنَابَ الرَّفيع، وآلَه مِن كلِّ أوساخِ بَنِي آدَم.
ويا لله العجب! كيف يدخلُ أزواجُه في قوله ﷺ: (اللَّهمَّ اجعل رزقَ آل محمَّد قوتًا)، وقوله في الأضحية: (اللَّهمَّ هذا عن محمد وآل محمد)، وفي قول عائشة ﵁: (ما شبع آلُ رسول الله ﷺ من خُبز بُرٍّ)، وفي قول المصلِّي: (اللَّهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد)، ولا يَدخُلْنَ في قوله: (إنَّ الصَّدقة لا تَحلُّ لمحمَّد ولا لآل محمَّد)، مع كونِها من أوساخِ الناس، فأزواجُ رسولِ الله ﷺ أولى بالصِّيانةِ عنها والبُعدِ منها؟!
فإن قيل: لو كانت الصَّدقةُ حرامًا عليهنَّ لَحَرُمت على مواليهنَّ، كما أنَّها لَمَّا حرُمت على بَنِي هاشِم حرُمَت على موالِيهم، وقد ثبت في الصحيح أنَّ بريرةَ تُصُدِّق عليها بلَحمٍ فأكلته، ولَم يُحرِّمه النَّبِيُّ ﷺ، وهي مولاةٌ لعائشة ﵂.
قيل: هذا هو شبهةُ مَن أباحَها لأزواج النَّبِيِّ ﷺ.
وجوابُ هذه الشُّبهةِ أنَّ تحريمَ الصَّدقةِ على أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ ليس بطريق الأصالةِ، وإنَّما هو تَبَعٌ لتَحريمها عليه ﷺ، وإلاَّ فالصَّدقةُ حلالٌ لهنَّ قبل اتِّصالِهنَّ به، فهنَّ فرعٌ في هذا التحريمِ، والتحريمُ على المولَى فرعُ التَّحريمِ على سيِّدِه، فلمَّا كان التَّحريمُ على بَنِي هاشِم أصلًا استتبَع ذلك مواليهم، ولَمَّا كان التَّحريمُ على أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ تَبَعًا لَم يَقْوَ ذلك على استِتْبَاعِ مواليهنَّ؛ لأنَّه فرعٌ عن فرعٍ.
قالوا: وقد قال الله تعالى: ﴿يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ مَن يَاتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ وساق الآيات إلى قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنءَايَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ﴾، ثم قال: فدخَلْنَ في أهل البيت؛ لأنَّ هذا الخطابَ كلَّه في سياق ذِكرهنَّ، فلا يجوز إخراجُهنَّ مِن شيءٍ منه، والله أعلم».
ويدلُّ على تحريم الصَّدقة على موالِي بَنِي هاشِم ما رواه أبو داود في سننه (١٦٥٠)، والترمذي (٦٥٧)، والنسائي (٢٦١١) بإسنادٍ صحيح - واللفظ لأبي داود - عن أبي رافع: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ بعث رجلًا على الصَّدقة مِن بَنِي مخزوم، فقال لأبي رافع: اصْحَبنِي فإنَّك تُصيبُ منها، قال: حتى آتِي رسولَ الله ﷺ فأسأله، فأتاه فسأله، فقال: مولَى القوم مِن أنفسِهم، وإنَّا لا تَحِلُّ لنا الصَّدقة».]. وانظر أيضًا جلاء الأفهام (ص/٢١٠) وما بعدها، ومقالة: " آلُ البَيْتِ" للشيخ: عثمان الخميس.
1 / 19
. . . . . . . . . . . . . . ... تَلَاهُمْ بِإِحْسَانٍ (١) إِلَى آَخِرِ الدَّهْرِ
دواعي تأليف المنظومة
٥ - وَبَعْدُ فَدَاعِ النَّظْمِ أَشْيَاءُ غَادَرَتْ ... سَوَامِ الْكَرَى (٢) فِي مُقْلَتَيَّ عَلَى ذُعْرِ (٣)
_________
(١) هذا البيت معطوف على سابقه، والمعنى أنه صلى على النبي ﷺ، وعلى من ذكر من العترة، والأهل، والصحب، ومن تلاهم من المؤمنين، وقد اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء استقلالًا، ومن أجمع من تكلم في هذه المسألة الإمام ابن القيم فقد قال في جلاء الأفهام (ص/ ٤٨١ - ٤٨٢) بعد أن عرض الخلاف في أفراد هذه المسألة: [وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي إما أن يكون آله - وذكر أيضًا: أنه إذا أبدل لفظ الآل بالأهل، ففي الإجزاء وجهان -، وأزواجه، وذريته، أو غيرهم، فان كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي، وجائزة مفردة.
وأما الثاني: فإن كان الملائكة، وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء، وغيرهم جاز ذلك أيضا، فيقال: اللهم صل على ملائكتك المقربين، وأهل طاعتك أجمعين، وإن كان شخصا معينا، أو طائفة معينة كره أن يتخذ الصلاة عليه شعارا لا يخل به، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه، ولا سيما إذا جعلها شعارا له، ومنع منها نظيره، أو من هو خير منه، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي ﵁ فإنهم حيث ذكروه قالوا: عليه الصلاة، والسلام، ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه، فهذا ممنوع لا سيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به، فتركه حينئذ متعين، وأما أن صلى عليه أحيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا، كما صلي على دافع الزكاة، وكما قال ابن عمر للميت صلى الله عليه، وكما صلى النبي على المرأة، وزوجها، وكما روي عن علي من صلاته على عمر، فهذا لا بأس به، وبهذا التفصيل تتفق الأدلة، وينكشف وجه الصواب، والله الموفق].
(٢) أي النعاس، وانظر مختار الصحاح مادة (كرى)، وقال الثعالبي في فقه اللغة: [اَلكَرَى والغُمْضُ وهُوَ أنْ يَكُونَ الإنسانُ بين النَّائِمِ واليَقْظَان].
(٣) والمعنى الإجمالي لهذا البيت أن الناظم بدأ في ذكر الأشياء التي دعته إلى كتابة هذا النظم، فذكر منها في هذا البيت: أنه كان مشغولًا لكتابة هذا النظم، وهذا الانشغال منع مرور لذيذ النوم على عينه، وبيَّن أيضا أن هذا الانشغال جعله خائفًا فزعًا. فهنا ظهر أنه لم يطلب منه أحد تأليف هذا النظم، وإنما هو الذي أنشأ هذه النية من تلقاء نفسه لما رأى من الفتنة التي أنشأها بعض الأوباش كما سيأتي.
1 / 20
٦ - وَرُبَّ حَدِيثٍ أَذْهَلَ الْقَلْبَ ذِكْرُهُ ... عَنِ الْبِحْثِ وَالّتِكَرارِ وَالدَّرْسِ لِلّذِكْرِ (١)
٧ - وَأَوْبَاشُ (٢) نَاسٍ أَضْرَمُوا نَارَ بِدْعَةٍ ... يُؤَجِّجُهَا ذُو الطَّعْنِ مِنْهُمْ وُذُو الْغِمْرِ (٣)
الباب الأول
محاربة شيخه للبدع بالاعتماد على الأدلة الشرعية
٨ - فَلَوْلَا مَكَانُ الشَّيخِ حَسَّانِ (٤) أَصْبَحَتْ ... . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . .
_________
(١) وهذا سبب آخر وهو أن التذكر والتفكير في النظم، وموضوعه أذهل قلبه عن البحث، والتكرار، والدرس.
(٢) الأوباش، جمع الوَبْشُ، وهم: الأخْلاطِ والسَّفِلَةِ. وانظر القاموس المحيط: باب الشين، فصل الواو.
(٣) قال ابن سلام في غريب الحديث (٢/ ١٥٤): [الغمر: الشحناء، والعداوة، وكذلك الإحنة، والغِمْر أيضًا: الحقد وزنًا ومعنى، وانظر المغرب (باب: الغين مع الميم، والمصباح المنير، مادة: الغمر).
(٤) لم أقف له على ترجمة بعد طول بحث، وقد ذكر الناظم أشياء كثيرة من أوصافه، وتمسكه بالسنة، ستأتي في الأبيات التالية، وقد أشار بعض إخواننا احتمالا أن يكون الفقيه الشاعر الفحل أبي زكرياء يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور الصرصري الأنصاري الحنبلي المتوفى ﵀ شهيدا على أيدي التتار سنة٦٥٦هـ والملقب بحسان السنة كما ذكر ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/٢٠٠)، وقال عنه الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة: وكان حسان وقته.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (١٣/ ٢١١) في ترجمته (يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المعرم عبد السلام الشيخ الإمام العلامة البارع الفاضل في أنواع من العلوم جمال الدين أبو زكريا الصرصري الفاضل المادح الحنبلي الضرير البغدادي معظم شعره في مدح رسول الله ﷺ وديوانه في ذلك مشهور معروف غير منكر ويقال إنه كان يحفظ صحاح الجوهري بتمامه في اللغة وصحب الشيخ علي بن إدريس تلميذ الشيخ عبد القادر وكان ذكيا يتوقد نورا وكان ينظم على البديهة سريعا أشياء حسنة فصيحة بليغة وقد نظم الكافي الذي ألفه موفق الدين بن قدامة ومختصر الخرقي وأما مدائحه في رسول الله ﷺ فيقال إنها تبلغ عشرين مجلدا وما اشتهر عنه أنه مدح أحدا من المخلوقين من بني آدم إلا الأنبياء ولما دخل التتار إلى بغداد دعي إلى ذارئها كرمون بن هلاكو فأبى أن يجيب إليه وأعد في =
1 / 21
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... مَدِينَةُ سَامَّرَاءَ (١) فِي غَايَةِ الضُّرِ
٩ - وَلَوْلَا خِلَالٌ شَدَّهَا (٢) لَتَعَطَّلَتْ ... رُسُومُ الْهُدَى وَاسْتَوْسَقَتْ (٣) دَوْلَةُ الشِّرِ
١٠ - هَوُ الْعَالِمُ الْمَرْضِيُّ وَالقُثَمُ (٤) الذي ... يَفَتِّحُ أَقْفَالَ الْمَسَائِلِ بِالسَّبْرِ (٥)
_________
داره حجارة فحين دخل عليه التتار رماهم بتلك الاحجار فهشم منهم جماعة فلما خلصوا إليه قتل بعكازه أحدهم ثم قتلوه شهيدا رحمه الله تعالى وله من العمر ثمان وستون سنة.
وقد أورد له قطب الدين اليونيني من ديوانه قطعة صالحة في ترجمته في الذيل استوعب حروف المعجم وذكر غير ذلك قصائد طوالا كثيرة حسنة).
وانظر أيضا: المقصد الأرشد (٣/ ١١٤)، وفوات الوفيات (٢/ ٦١٨)، وذيل طبقات الحنابلة (١/ ٢٨٣)، وشذرات الذهب (٥/ ٢٨٦)، تاريخ الإسلام (٤٨/ ٣٠٣)، الأعلام (٨/ ١٧٧)، ومعجم الكؤلفين (١٣/ ٢٣٧).
وعلى هذا فهو ليس من شيوخه؛ لأنه قتل شهيدا قبل ولادته بأربعين عاما.
(١) سبق التعريف بها في المقدمة عند الكلام على مولد الناظم في ترجمته.
(٢) أي خصال حسنة أرساها عند الناس، وهذا يدل على علو قدر هذا الرجل عند الله - عزوجل - لقيامه مقام الأنبياء بإرساء الخصال الحسنة عند الناس بالدعوة، والتعليم والقدوة الحسنة. وعند الناس لتقبلهم منه هذه الخصال حتى رسخت عندهم، وقاوموا بها دولة الشر.
(٣) أي اجتمعت والمراد استتباب الأمر لها، قال الخطابي في غريب الحديث (١/ ١١٣): [وقوله استوسقوا معناه اجتمعوا وانضموا يسومهم الانقياد والاستسلام].
(٤) القُثَمُ من معنيين أحدهما: من القثم وهو الإعطاء، يقال: قثم له من العطاء يقثم إذا أعطاه، والثاني: من القثم الذي هو الجمع، يقال للرجل الجموع للخير: قثوم وقثم. قال ابن الأثير في النهاية (٤/ ٢٧): [القُثَم: المجْتَمِع الخَلْقِ، وقيل: الجامِع الكامِل، وقيل: الجَمُوع للخير، وبه سُمِّي الرجُل قُثَم. وقيل: قُثَم مَعْدُول عن قائِم، وهو: الكثير العَطاء - ومنه حديث المبعث [أنتَ قُثَمُ أنت المُقَفّى أنت الحاشِر] هذه أسماء للنبي ﷺ].
(٥) قال العلامة الشنقيطي ﵀ في المذكرة (ص/٢٥٧): [والسبر بالفتح لغة: الاختبار، ومنه
يسمى ما يعرف به طول الجرح وعرضه سبارًا ومسبارًا، وأصل هذا الدليل من حيث هو مبني على أمرين: أحدهما: حصر أوصاف المحل، وهو المعبر عنه بالتقسيم. ثانيهما: إبطال ما ليس صالحًا للتعليل بطريق من طرق الأبطال الآتية .. فيتعين الوصف الباقي وهو المعبر عنه بالسبر.] والمعنى أن الناظم ﵀ يشير إلى تمكن شيخه من العلم، وقوة قدرته على فهم، وحل المسائل المشكلة.
1 / 22