386

على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود والاعوجاج (1) ومنعها من التهافت والانفراج (2)، أرسى أوتادها (3)، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه (4)، ولا ضعف ما قواه.

هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالى على كل شىء منها بجلاله وعزته ، [و] لا يعجزه شىء منها طلبه ، ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذى مال فيرزقه.

خضعت الأشياء له ، وذلت مستكينة لعظمته ، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضره ، ولا كفء له فيكافيه ، ولا نظير له فيساويه ، هو المفنى لها بعد وجودها ، حتى يصير موجودها كمفقودها.

وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها ، بأعجب من إنشائها واختراعها! وكيف [و] لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها (5)

পৃষ্ঠা ১৪৭