ذلك المخبر ، فإن أسباب التباس المدركات معلومة ، يعلم انتفاؤها حيث تنتفي ضرورة.
[فيما به يعلم ثبوت الشرائط في جميع الطبقات]
وأما ما به يعلم ثبوت الشرائط التي ذكرناها في جميع الطبقات التي تروي الخبر ، فهو أن العادات جارية بأن المذاهب والأقوال التي تقوى بعد ضعف وتدرك بعد خفاء لا بد من أن يعرف ذلك من حالها ، ويفرق العقلاء المخالطون لأهلها بين زماني فقدها ووجودها ، وضعفها وقوتها ، كما علم الناس كلهم ابتداء حال الخوارج ، وظهور مقالة الجهمية والنجارية ومن جرى مجراهم ، وفرق العقلاء من سامعي الأخبار بين زمان حدوث مقالتهم ، وبين ما تقدم عليها.
وقد ذهب مخالفونا في الإمامة إلى أن امتناع الكتمان واستحالته في الجماعات الكثيرة يجريان مجرى استحالة الافتعال والكذب عليهم.
والصحيح الذي تشهد به أصولنا وأصولهم أن الجماعات لا يجوز أن تجتمع على افتعال ولا كتمان إلا لجامع يجمعها وسبب يؤلف بين دواعيها ، وأنها مع فقد الدواعي الجامعة لا تجتمع على افتعال ولا كتمان ، وقد بينا في الكتاب الشافي أن الجماعات الكثيرة يجوز أن تكتم عداوة وحسدا وبغضا وانحرافا فضيلة معينة لمن حسدوه وعادوه ، فلا يروونها ، ولا يذكرونها ، وإن لم يتواطؤوا على ذلك ويتفقوا عليه مشافهة ولا مكاتبة ، ولا يجوز أن يفعلوا خبرا مخصوصا بصيغة معينة من غير تواطؤ واتفاق عليه ، ولا يكفي في هذا الوجه داعي الحسد والعداوة كما كفى في الكتمان ، وبينا من بسط هذه النكتة وتفريعها ما ليس هذا موضع ذكره ؛ فإن الكتاب يطول باستقصائه ، وهو هنا مشروح (1).
পৃষ্ঠা ২১৭