[التاسع : جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى]
واعلم أنه غير ممتنع أن يراد باللفظة الواحدة في الحال الواحدة من المعبر الواحد المعنيان المختلفان. وأن يراد بها أيضا الحقيقة والمجاز. بخلاف ما حكى عمن خالف في ذلك من أبي هاشم وغيره. والذي يدل على صحة ما ذكرناه أن ذلك لو كان ممتنعا لم يخل امتناعه من أن يكون لأمر يرجع إلى المعبر ، أو لما يعود إلى العبارة ، وما يستحيل لأمر يرجع إلى المعبر ، تجب استحالته مع فقد العبارة ، كما أن ما صح لأمر يعود إليه ، تجب صحته مع ارتفاع العبارة ، وقد علمنا أنه يصح من أحدنا أن يقول لغيره لا تنكح ما نكح أبوك ، ويريد به لا تعقد على من عقد عليه ولا من وطئه. ويقول أيضا لغيره إن لمست امرأتك فأعد الطهارة ، ويريد به الجماع واللمس باليد. وإن كنت محدثا فتوضأ ، ويريد جميع الأحداث. وإذا جاز أن يريد الضدين في الحالة الواحدة ، فأجوز منه أن يريد المختلفين. فأما العبارة فلا مانع من جهتها يقتضى تعذر ذلك ؛ لأن المعنيين المختلفين قد جعلت هذه العبارة في وضع اللغة عبارة عنهما ، فلا مانع من أن يرادا بها ، وكذلك إذا استعملت هذه اللفظة في أحدهما مجازا شرعا أو عرفا ، فغير ممتنع أن يراد بالعبارة الواحدة ؛ لأنه لا تنافي ولا تمانع. وإنما لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الأمر والنهي ، لتنافي موجبيهما ؛ لأن الأمر يقتضي إرادة المأمور به ، والنهى يقتضي كراهة المنهي عنه ، ويستحيل أن يكون مريدا كارها للشيء الواحد على الوجه الواحد. وكذلك لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الاقتصار على الشيء وتعديه ؛ لأن ذلك يقتضي أن يكون مريدا للشيء وأن لا يريده.
وقولهم لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة استعمالها فيما وضعت له والعدول بها عما وضعف له ، ليس بصحيح ؛ لأن المتكلم بالحقيقة والمجاز ليس يجب أن يكون قاصدا إلى ما وضعوه وإلى ما لم يضعوه ، بل يكفي في كونه متكلما بالحقيقة ، أن يستعملها فيما وضعت له في اللغة ، وهذا القدر كاف في
পৃষ্ঠা ১২৫