وينوب عنه شرط آخر يجري مجراه ، ولا يخرج من أن يكون شرطا ، ألا ترى أن قوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) (1) إنما منع من قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه الآخر ، فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ، ثم يعلم أن ضم امرأتين إلى الشاهد الأول يقوم مقام الثاني ، ثم يعلم بدليل أن ضم اليمين إلى الشاهد الواحد يقوم مقام الثاني ، فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن يحصى.
والصحيح أن الحكم إذا علق بغاية أو عدد ، فإنه لا يدل بنفسه على أن ما عداه بخلافه ؛ لأنا إنما نعلم أن ما زاد على الثمانين في حد القاذف لا يجوز ؛ لأن ما زاد على ذلك محظور بالعقل ، فإذا وردت العبادة بعدد مخصوص خرجنا عن الحظر بدلالة ، وبقينا فيما زاد على ذلك العدد على حكم الأصل ، وهو الحظر وكذلك إذا قال الرجل لغلامه : «اعط زيدا مائة درهم» فإنا نعلم حظر الزائد على المذكور بالأصل. ولو قال : «أعطيت فلانا مائة درهم» ؛ لم يدل لفظا ولا عقلا على أنه لم يعطه أكثر من ذلك. فأما تعليق الحكم بغاية فإنما يدل على ثبوته إلى تلك الغاية ، وما بعدها يعلم انتفاؤه أو إثباته بدليل. وإنما علمنا في قوله : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) (2)، وقوله تعالى : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) (3)، وقوله سبحانه : ( حتى يطهرن ) (4) أن ما بعد الغاية بخلافها بدليل ، وما يعلم بدليل غير ما يدل اللفظ عليه ، كما نعلم أن ما عدا السائمة بخلافها في الزكاة ، وإنما علمناه بدليل.
ومن فرق بين تعليق الحكم بصفة وبين تعليقه بغاية ليس معه إلا الدعوى ، وهو كالمناقض ، لفرقه بين أمرين لا فرق بينهما.
فإذا قال : فأي معنى لقوله تعالى : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) إذا كان ما بعد الليل يجوز ان يكون فيه الصوم.
পৃষ্ঠা ১৭২