حذف المضاف توسعا جائز ، فساغ لنا أن نقول : سل المنازل التي نزلناها ، والخيل التي ركبناها ، على هذه الطريقة في الحذف. ولما وصفوا البليد بأنه حمار تشبيها له به في البلادة ، والجواد بالبحر تشبيها له به في كثرة عطائه ، جاز أن نصف البليد بغير ذلك من الأوصاف المنبئة عن عدم الفطنة ، فنقول : إنه صخرة ، وإنه جماد ، وما أشبه ذلك. ولما أجروا على الشيء اسم ما قارنه في بعض المواضع ، فقلنا مثل ذلك للمقارنة في موضع آخر. ألا ترى أنهم قالوا : سل القرية في قرية معينة ، وتعديناها إلى غيرها بلا شبهة للمشاركة في المعنى ، وكذلك في النوع والقبيل. وليس هذا هو القياس في اللغة المطرح ، كما لم يكن ذلك قياسا في تعدى العين الواحدة في القرية.
وبعد فإنا نعلم أن ضروب المجازات الموجودات الآن في اللغة لم يستعملها القوم ضربة واحدة في حال واحدة ، بل في زمان بعد زمان ، ولم يخرج من استعمل ذلك ما لم يكن بعينه مستعملا عن قانون اللغة ، فكذلك ما ذكرناه (1).
[السادس : البحث في أقسام الخطاب وبيان مراتبه]
واعلم أن الخطاب إذا انقسم إلى لغوي ، وعرفي ، وشرعي ، وجب بيان مراتبه وكيفية تقديم بعضه على بعض ، حتى يعتمد ذلك فيما يرد منه تعالى من الخطاب.
وجملة القول فيه أنه إذا ورد منه تعالى خطاب ، وليس فيه عرف ، ولا شرع ، وجب حمله على وضع اللغة ؛ لأنه الأصل.
فإن كان فيه وضع ، وعرف ، وجب حمله على العرف دون أصل الوضع ؛ لأن العرف طار على أصل الوضع ، وكالناسخ له والمؤثر فيه.
পৃষ্ঠা ১২৩