[الثاني عشر : في عدم جواز العمل بالظن
* في أصول الفقه وأصول الديانات]
وإن قيل : ما دليلكم على أن تكليفكم في أصول الفقه إنما هو العلم دون العمل التابع للظن وإذا كنتم تجوزون أن تكليفكم الشرايع تكليف يتبع الظن الراجح إلى الأمارة فألا كان التكليف في أصول الفقه كذلك؟
قلنا : ليس كل أصول الفقه يجوز فيه أن يكون الحق في جهتين مختلفتين ؛ لأن القول بأن المؤثر في كون الأمر أمرا إنما هو إرادة المأمور به وأنه لا تعلق لذلك بصفات الفعل في نفسه وأنه تعالى لا يجوز أن يريد إلا ما له صفة زائدة على حسنه ولا ينسخ الشيء قبل وقت فعله وما أشبه ذلك وهو الغالب والأكثر فلا يجوز أن يكون الحق فيه إلا واحدا كما لا يجوز في أصول الديانات أن يكون الحق إلا في واحد.
اللهم إلا أن يقول جوزوا أن يكلف الله تعالى من ظن بأمارة مخصوصة تظهر له أن الفعل واجب ، أن يفعله على وجه الوجوب ، ومن ظن بأمارة أخرى أنه ندب ، أن يفعله على هذا الوجه ، وكذلك القول في الخصوص والعموم ، وسائر المسائل ؛ لأن العمل فيها على هذا الوجه هو المقصود دون العلم ، واختلاف أحوال المكلفين فيه جائز ، كما جاز في فروع الشريعة.
فإذا سئلنا على هذا الوجه ، فالجواب أن ذلك كان جائزا ، لكنا قد علمنا الآن خلافه ؛ لأن الأدلة الموجبة للعلم قد دلت على أحكام هذه الأصول ، كما دلت على أصول الديانات ، وما إليه طريق علم لا حكم للظن فيه ، وإنما يكون للظن حكم فيما لا طريق إلى العلم به ، ألا ترى أننا لو تمكنا من العلم بصدق الشهود لما جاز أن نعمل في صدقهم على الظن ، وكذلك في أصول العقليات. لو أمكن أن نعلم أن في الطريق سبعا ، لما علمنا على قول من نظن صدقه من المخبرين عن ذلك ، وإذا ثبتت هذه الجملة ، وعلمنا أن على هذه الأصول أدلة
পৃষ্ঠা ১২৮