নাফাহাত কোরআন

ناصر مکارم شیرازی d. 1450 AH
93

والآية الحادية عشرة لفتت الأنظار إلى مسألة خلق الأرض ومن ثم خلق الإنسان الذي يعتبر خلقة عالما عظيما مليئا بالضجيج رغم صغر حجمه ، وأنبت الذين لا يبصرون رغم أنهم قادرون على الإبصار بخطاب «أفلا يبصرون».

(ينبغي الالتفات إلى أن «البصيرة» جاءت من مادة «بصر» الذي يعني «العين» إن «بصر العين» ، ورغم استعمالها بمعنى «النظر» و «الرؤية» إلاأنها تختلف عنهما بالتأكيد على عضو البصر وقوته ، لكنها كالمفردتين السابقتين قد تستعمل بمعنى المشاهدة الباطنية والفكر).

وأخيرا ، فإن الآية الثانية عشرة تؤكد على الأعضاء الثلاثة أى الأذن والعين والقلب والتي تعتبر ثلاثة أعضاء أساسية للمعرفة وهذا دليل واضح على اعتبار المشاهدة والحس من المصادر الأساسية للمعرفة.

** النتيجة :

إن الآيات السابقة والتي غالبا ما تحدثت عن قضية التوحيد ومعرفة الله ، أمرت الناس بأن يفتحوا أعينهم أثناء سلوك طريق المعرفة والتوحيد من أجل الوصول إلى الهدف ، عندها سيرون اسم «الله» على جبين كل موجود في هذا العالم ، ويشاهدون الأنظمة الدقيقة والغريبة التي تتحكم بالعالم ، ومن ثم يصلون بواسطة برهان النظم لا إلى معرفة ذات الله فحسب ، بل صفاته وتوحيده وتدبيره وقدرته وعلمه اللامتناهي.

وبالنظر إلى أن أهم مسألة في الإسلام هي مسألة التوحيد ومعرفة الله ، وأن أهم دليل في القرآن على المعرفة هو برهان النظم ، وأهم منبع لبرهان النظم هو الطبيعة والمخلوقات فمن هنا تتضح أهمية الحس والمشاهدة والتجربة من وجهة نظر القرآن الكريم.

وقد استعان القرآن كثيرا ب «المشاهدة الحسية» ليس في مسألة التوحيد فحسب بل في مسألة المعاد أي ثاني أهم مسألة في الإسلام أيضا ، وقد صور لنا لقطات من المعاد بالاستعانة بنفس الطبيعة المشهودة لنا ، كما جاء ذلك في سورة (ق) حيث يقول تعالى :

পৃষ্ঠা ১০১