398

إلى مصاديقها في عالم الوجود التي اعتمد عليها القرآن الكريم.

واللطيف أن آيات القرآن لا تتحدث مطلقا عن كبرى برهان النظام ، أي «علاقة النظام والعلم» ، لأنها كانت واضحة ووجدانية إلى حد أنه لم تكن ثمة حاجة لبيانها ، وكما قلنا فإن الإنسان إذا أنكر هذه العلاقة يجب عليه إنكار الكثير من الحقائق الموجودة في حياته ، وما من شك في أن منكري هذه العلاقة يشبهون ب «السفسطائيين» الذين ينكرون الحقائق أثناء حديثهم ، ولكنهم في حياتهم اليومية يقبلون جميع الحقائق مثل الآخرين ، فمثلا لو تمرضوا يراجعون الطبيب ويستعملون الدواء وينفذون إرشادات الطبيب حرفا بحرف ، أي أنهم يعترفون رسميا بوجود «الطبيب» و «الدواء» و «علم الطب» و «الصيدلة» ومئات الأمور الأخرى الدائرة في هذا الفلك.

إن منكري «علاقة النظام والعلم» أيضا بدورهم يستنتجون علميا وعمليا من أي أثر علمي وصناعي وأدبي وفني ، وجود مبدىء واع وذي ذوق وفن ، ولا يعتمدون أبدا على الاحتمالات المجنونة.

الآن وقد اتضحت علاقة النظام والعلم تماما ، وثبتت كبرى البرهان حسب الاصطلاح المنطقي ، نعرج على مصاديقها في القرآن الكريم والتي اعتمد عليها.

ونعتقد أن من الضروري ذكر هذه النقطة وهي : أن الفلاسفة الماديين الذين حاربوا برهان النظم (انكار وجود النظام في العالم أو إنكار علاقة النظام والعلم) وعلى رأسهم «دافيد هيوم» لم يتحفونا بسوى مجموعة من الوساوس التي لا قيمة لها ، الوساوس التي لم يكونوا يقبلونها في حياتهم أبدا.

* * *

পৃষ্ঠা ৪৪