إن هذا الحديث لا يعني ترك كسب العلم ، والاكتفاء بتهذيب النفس كما يقول بعض الصوفية وأشخاص منحرفون بل المراد هو أن التقوى تهييء الأرضية لكسب العلم الحقيقي أشبه ما يكون بالأرض الخصبة والمعدة لبذر البذور.
صحيح أن جملة «اتقوا الله» ليست شرطا وأن جملة «يعلمكم الله» ليست جزاء لها (ولهذا أنكر البعض العلاقة بين التقوى والعلم المستفادة من هذه الآية) ، لكن مما لا شك فيه هو أن اقتران أحدهما بالآخر لم يكن اعتباطا ، بل هو تلميح إلى العلاقة الموجودة بين هذين الاثنين ، وإلا فيعرض انسجام الآية للسؤال.
* *
إن رابع وآخر آية بينت العلاقة بين التقوى والمعرفة بوضوح ، فبينت ثلاثة أجور للذين يتقون الله ويؤمنون برسوله.
الأول يؤتيهم الله كفلين أو نصيبين من رحمته ، نصيبا لإيمانهم ونصيبا لتقواهم ، أو نصيبا لأجل إيمانهم بالأنبياء السالفين ونصيبا لأجل إيمانهم بالرسول صلى الله عليه وآله ، وبالرغم من أن المخاطبين في الآية مؤمنون إلاأن الله يأمرهم أن يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وآله ، كما أن شأن نزول الآية يبين أنها بصدد فريق من نصارى الحبشة الذين سمعوا القرآن وآمنوا بنبي الإسلام صلى الله عليه وآله (1).
والثاني : هو جعل الله لهم نورا لأجل ايمانهم وتقواهم يهتدون به في صراطهم : ( ويجعل لكم نورا تمشون به ).
وبالرغم من أن البعض أراد تقييد مفهوم الآية والقول بأن النور الذي ذكر فيها إشارة إلى النور الذي يسعى بين أيدي المؤمنين وبإيمانهم في يوم القيامة (كما تشير إلى ذلك الآية 12 من سورة الحديد : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ). (الحديد / 12)
لكن لا دليل لهم على هذا التقييد ، بل إن مفهومها وكما يقول صاحب الميزان واسع
পৃষ্ঠা ৩৪৬