325

** كما يقول الفخر الرازي :

«والبعض الآخر ذكر في حصر الهداية بالمتقين لأن الله تعالى ذكر المتقين مدحا ليبين أنهم هم الذين اهتدوا وانتفعوا به كما قال : ( إنما انت منذر من يخشاها ). (النازعات / 45)

وقال : ( إنما تنذر من اتبع الذكر ). (يس / 11)

وقد كان عليه السلام منذرا لكل الناس ، فذكر هؤلاء الناس لاجل أن هؤلاء هم الذين انتفعوا بانذاره» (1).

** وقد استنتج الفخر الرازي في بعض عباراته :

«ولو لم يكن للمتقي فضيلة إلاما في قوله تعالى (هدى للمتقين) كفاه لانه تعالى بين أن القرآن هدى للناس في قوله تعالى : ( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس ... ). (البقرة / 185)

ثم قال : إنه هدى للمتقين فهذا يدل على أن المتقين هم كل الناس فمن لا يكون متقيا كانه ليس بانسان» (2).

وبالرغم من عدم تعارض التفاسير الماضية ، إلاأن التفسير الأول يبدو أوضح ، ومن هنا يعرف عدم صحة الرأي القائل (بحمل «المتقين» في الآية على المجاز ، والقول بأن المراد منهم سالكو طريق التقوى ، وذلك للحيلولة دون الوقوع في إشكال (تحصيل حاصل)، وذلك لأن للتقوى وكما قلنا مراحل ودرجات ، فمرحلة منها تؤهل لهداية القرآن ، والمراحل الرفيعة الاخرى تكون وليدة هداية القرآن.

ويطرح هنا سؤال وهو : إن الآيات التي جاءت بعد «هدى للمتقين» عرفت المتقين بالذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وعلى هذا ، أفلا تكون هداية القرآن تحصيلا للحاصل يا ترى؟!

إن الإجابة على هذا السؤال تتضح بالالتفات إلى نقطة في هذا المجال وهي : إن الوصول إلى هذه المراحل المذكورة في السؤال ليست نهاية الطريق ، بل هناك مراحل كثيرة اخرى ينبغي طيها لبلوغ المرحلة التكاملية اللائقة بالإنسان ، وهذه المرحلة عند

পৃষ্ঠা ৩৪৩