أما بعد، أيها الناس فإن هذا المنابر لو نطقت لوعظت، ولو تكلمت لقالت وصدقت؛ لكنها وإن لم تنطق بلسان المقال، فإنها قائلة بلسان الحال، كم من خطيب [22ب-ب]قام عليها خاطبا مزهدا لكم في الدين وفي وعظكم راغبا طال ما حبر في مواعظكم المقال، وكثيرا ما ضرب في نصحكم الأمثال، وكم من أمم اجتمعت لديها لاستماع الخطب، وكم من زمر عندها اصطفت على الركب، ما بين عيون جامدة ودامعة، وقلوب قاسية وخاشية خاشعة، فما زالت سهام المنايا قاصدة لكل جمع [40ب-ج] بالتفريق، وما برحت رماحها مشرعة إلى نحر كل فريق، سهام لا تعصم عن إصابتها المعاقل المرتفعات، ولا يمنع نفوذها الدروع السابغات، سهام لا يمنع البليغ عنها بلاغته، وإن كان أبلغ من سحبان (1) ولا يردها عنه وإن فاق كل إنسان، سهام لا يردها عن قصد الملوك والدول ما لديهم من الأجناد والخيول والخول(2) ، سهام لا تحتشم العالم لعلومه، ولا الأديب لحسن منثوره ومنظومه، سهام لا يخلص من إصابتها المنجم بالنجوم والأفلاك، ولا الكاهن عن الكهانة ينجو عن الهلاك، سهام لا تسلم منها الطيور في الهوى، ولا ينجو منها الحيتان في الماء، سهام لا تدفع بالعطايا من الأموال، ولا تجدي فيها حيلة الداهية من الرجال، سهام لا يتخاف الشجعان والأبطال، ولا تهاب كل هول من الأهوال، سهام نفذت في ربات الخدود وأخرجته الغواني إلى الحفر من القصور، سهام طافت الأقطار (فاستقصت) (3) ونزلت الأغوار والأنجاد، فما أبقت سهام قد أصابت الأنبياء والمرسلين وهي سهام تلحق الآخرين بالأولين:
ا الدهر يبقى ((ولا الدنيا))(4) ولا
?
??
??
الفلك الأعلى ولا النيران والشمس والقمر
??
পৃষ্ঠা ১৩৯