رُزئ في عَدَده وعُدَده، تَرَّى بالسواد، ولبس ثياب الحَداد، ثم لاح هلاَله للعين، كمنجل صيغ من لجين فأنشد وقد أرّقه البين:
انظر إلى حُسن هلال بدا ... يجلوسنا طلعته الحنّدسا
كِمنجل قد صيغ من فضة ... يحصد من زهر الدجى نرَجَسا
وقال: من ينصفني من هذا الجائر؟ وينصت لي فأبثه شكوى الواله الحائر، قسما بالحجر الأسود العظيم المبرَّة، وكل أشعت أغبر لو أقسم على الله لأبرَّه، ما أضمرت للنهار شرا، ولا أذعت له سرا، فحتّام أعاني حد الظبا، (وقد بلغ السيل الزُّبى)، ولله در المعنى، حيث قال في هذا المعنى:
وكنت كالمتمني أن يرى فلقا ... من الصباح فلما أن رآه عمى
فانتبه طرف النهار، وازدهر سراجه أي ازدهار، وشرح يتلو سورة النور بكمال الابتهاج، والشمس ترقم أية جماله بالذهب الوهاج.
وقابل الصبح الليل فارتسمت ... سطوره البيض في ألواحه السود
ثم قال: أيها الليل البهيم، (تالله إنك لفي ضلالك القديم)، كيف تدعي أنك مظلوم، وتشتكي من جوري وأنت الظلوم، وهب أني قاتلتك ظلمًا فأنت البادي، وهل قابلتك
إلا بما واجهتني به في المبادي،
1 / 144