فإننا في الأمس قد اجتمعنا كما في حلم.
قد أنشدتم لي في وحدتي، وبنيت لكم من أشواقكم برجا في السماء،
ولكن عهد النوم قد انقضى، والحلم قد مضى، ولسنا الآن عند بزوغ الفجر؛
لأن الظهيرة ترقص فوق رءوسنا، ويقظتنا قد تحولت إلى نهار كامل، فيجدر بنا أن نفترق.
فإذا جمعنا شفق الذكرى مرة أخرى، فإننا حينئذ نتكلم معا، وحينئذ تنشدون لي أنشودة أوقع في النفس من أنشودة اليوم.
وإن اجتمعت أيدينا في حلم ثان فهنالك سنبني برجا آخر في السماء.
وعندما قال هذا أشار إلى الملاحين إشارة تؤذن بالسفر، فرفعوا مرساة السفينة في الحال، وحلوا حبالها، وساروا نحو الشرق.
فصرخ الشعب كله بصوت عظيم كأنه صادر من قلب واحد، وتعالى صراخهم في الشفق فحملته دقائق الهواء فوق البحر كأنه صوت بوق عظيم.
أما المطرة العرافة فكانت صامتة وحدها، تشيع السفينة بنظرها حتى توارت في الضباب.
ثم تفرق الشعب كل في سبيله، بيد أنها ظلت وحدها واقفة على شاطئ البحر تردد في قلبها كلمات المصطفى الأخيرة: «قليلا ولا ترونني، وقليلا وترونني؛
অজানা পৃষ্ঠা