নবী মুসা ও তাল আল আমারনাহ
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
জনগুলি
أو أن تبحث عن موقع دولة كبيرة، كانت على علاقة وثيقة بمصر القديمة، زمن الأحداث التي سنتناولها هي بلاد ميتاني ، فتكتشف أنه قد تم وضع هذه الدولة في المساحة الواقعة بين الفرات والخابور، بأعالي الفرات شمالي الشام وشرقي تركيا (افتراضا)، لكن لتكتشف أن هذا المكان كانت تشغله في ذات الفترة الزمنية دولة الآشوريين؟! وتعود تدقق فتكتشف أن ذلك الموضع الجغرافي، الذي تم تحديده لبلاد ميتاني، ليس فيه أية أدلة قاطعة أو حتى مقبولة، لوضع تلك الدولة هناك! نعم إلى هذا الحد يصل التساهل بعلماء التاريخ القديم.
أو تبحث وراء العنصر الآرامي الذي قطن براري الشام وبواديه شرقي مصر، لكن لتكتشف أنه كان عنصرا أصيلا في البلاد، التي أطلق عليها المصريون القدماء بلاد بونت أرض الإله المقدسة، وبينما انتهى معظم المؤرخين إلى وضع بلاد بونت على الساحل الأفريقي الشرقي عند الصومال، تجد إشارات ونصوصا أخرى هامة وكثيرة لا يمكن تفسيرها، بوضع بلاد بونت عند الصومال، وإلا نكون قد أهملنا دلائل وإشارات أخرى، تذهب بنا إلى مواضع جغرافية مخالفة تماما، لما استقر عليه رأي هؤلاء المؤرخين.
وهي المشكلة التي عشت معها فترة، عندما كنت أبحث وراء العنصرين الهكسوسي والإسرائيلي، لأنتهي من البحث الذي طال بما فاق كل توقعاتي، إلى رؤية جديدة ومخالفة تماما، تدخل في باب الكشوف المدعمة بالبراهين والقرائن بنصوص آثارية ولوحات أركيولوجية، وهي الرؤية التي أصبحت العمود الأساسي لعملي هذا، حيث أمكننا العثور على أطراف خيوط مبعثرة، التأمت جميعا في موطن واحد، تجمعت فيه عناصر التاريخ والجغرافيا معا.
أو نقرأ في نصوص الرافدين عن بلاد باسم «موصري»، ونبحث وراء علماء التاريخ فيقولون لك: إنها إما تقع في أعالي الرافدين في الموضع نفسه، الذي تم تحديده لبلاد ميتاني (!!) أو في منطقة العقبة وشرقي سيناء، هكذا! ولك أن تختار أو تحتار بين موقعين متباعدين تماما لبلاد «موصري»، وهو الشأن الذي ستعيش فيه معي في تفاصيل من المتعة المعرفية الحقة، فالتاريخ رغم كل ما يعتوره، هو مساحة مغامرة علمية، لها ذائقة من نوع شديد الخصوصية، في المتعة الذهنية والتفرد.
أو أن تبحث وراء جنس أطلقت عليه التوراة الجنس الكوشي (أي الزنجي)، والمعلوم أن موطنه أفريقيا السوداء، لكن لتجد التوراة تحدثنا عن كوشيين يهاجمون فلسطين من الجنوب زمن المملكة اليهوذية، فيضع المؤرخون تفسيراتهم فيما لا يزيد عن سطرين عند كل منهم، البعض يرفض روايات التوراة تماما بهذا الخصوص، فكيف يهاجم الأفارقة الزنوج فلسطين طوال الوقت، كما لو كانوا جيرانهم؟ بعض آخر فسر ذلك بأن المقصود هم المصريون؛ لأنهم من أبناء حام، ومن أبناء حام كان كوش أبو الزنج الكوشيين، وذلك حسب شجرة الأنساب التوراتية، لكن يبقى السؤال البسيط الساذج: إن التوراة طوال الوقت تتحدث عن المصريين باسمهم، فلماذا أسمتهم هنا باسم الكوشيين؟! لذلك لا يقنع فريق ثالث بهذه النتائج، ويرى أن المقصود بالكوشيين هم المصريون فعلا، لكن في زمن حكم الأسرة السوداء الكوشية، وهي من الأسر الأخيرة لمصر القديمة، وهنا يبرز فريق رابع ليقول: ليس المقصود بالكوشيين في التوراة دائما هو العنصر الزنجي؛ لأنه ربما كان يشير إلى العنصر الكشي أو الكاسي، الذي احتل بلاد الرافدين قادما من السهوب الآرية الشمالية، في ذات الزمن الذي احتل فيه الهكسوس مصر، ومرة أخرى لك أن تختار، ومع كل اختيار لا يمكنك أن تتأكد من سلامة مقدماتك، لتمضي في استنباطاتك وأنت مطمئن، وكل هذه الحالات التي نشير إليها كانت عاملا مشتركا، في موضوع الإسرائيليين وعلاقتهم بمصر، وهنا لا بد أن ينال موضوعك حجما من التضارب، وتصل بك النتائج إلى درجة من التناقض، تتناسب مع اختياراتك من مجموع المتناقضات التاريخية، ويبقى لديك سؤال لم يجبك عليه أهل التاريخ: وعلى أي الأسس يتم الاختيار، وفي هذه الحال يطرح السؤال نفسه: وهل بذلك نبني علما؟
ثم إليك ما هو أنكى وأشد، في مثال فصيح واضح، حول موعد خروج بني إسرائيل من مصر، وحتى لا نطيل عليك هنا، سنضرب لك مثالا برأي مدرسة واحدة فقط، هي التي سادت واستقرت نهائيا، في زعم علماء التاريخ حول مسألة الخروج، وهي المدرسة التي تعتمد على ذكر كلمة إسرائيل في لوح مرنبتاح ابن رمسيس الثاني لأول مرة، وربما لآخر مرة في التاريخ المصري، ليقولوا إن الإسرائيليين قد سيموا السخرة والعذاب زمن رمسيس الثاني، وخرجوا من مصر زمن ولده مرنبتاح، الذي حكم حوالي 1224-1214ق.م. خلال الأسرة التاسعة عشرة.
المشكلة تظهر عندما نبدأ في رصد وجود الإسرائيليين في فلسطين، ولما كانت التوراة تطلق عليهم أحيانا اسم العبريين، فإن التضارب يبدأ صارخا عندما يعرضون لنا، محتويات مكتبة تل العمارنة عاصمة الفرعون إخناتون، وأغلبها كان رسائل قادمة من ولاة مصر على أراضي الإمبراطورية المصرية في الشام، والتي دونت صرخات استغاثة من هؤلاء الولاة بالفرعون، لحماية أراضي مصر في بلاد الشام، من هجوم شعب جاء اسمه على مختلف التنغيمات «العابيرو، الخابيرو، الهبرو، الهابيري، الخابيري، خبر، الأبيري، العابيري الهبيرو ... إلخ.» فإذا كان الإسرائيليون هم العبيرو (العبريين)، وأنهم خرجوا من مصر زمن مرنبتاح 1224-1214ق.م. وقد حددت رسائل العمارنة تاريخ ذلك الهجوم العبري على فلسطين، بزمن أمنحتب الثالث 1405-1367ق.م. وولده إخناتون 1367-1350ق.م. أي كانوا يهاجمون حدود فلسطين في زمن أمنحتب الثالث، وقبل أن يخرجوا من مصر زمن مرنبتاح 1224-1214ق.م. أي قبل الموعد المقرر تاريخيا لخروجهم بحوالي 170 عاما بالتمام والكمال؟
ونحن نعلم أن القائد الإسرائيلي للخروج بعد موسى المعروف باسم يشوع، أول ما هاجم في فلسطين «غربي الأردن» عندما عبر نهر الأردن، وهاجم مدينة أريحا ودمرها تدميرا شاملا، لكن البحث الأركيولوجي قد أثبت أن أريحا، قد تم تدميرها فعلا، لكن قبل الزمن المحدد في هذه النظرية للخروج بما يزيد عن 150 عاما!
لحل الإشكال لجأ المؤرخون بكل رصانة إلى استبعاد، أن يكون العابيرو هم العبريين التوراتيين، إنما هو اسم مشابه، حملته فئات من شذاذ البدو وقطاع الطرق، ولا يجب ربط تلك الإشارات التاريخية عن العابيرو، بمسألة بني إسرائيل والخروج، وهي النظرية المعتمدة أكاديميا في أقسام التاريخ القديم بجامعات العالم حتى اليوم.
نموذج آخر وما أكثرها النماذج في علم التاريخ! نوضحه بالقول إننا لو حتى أخذنا برأي مدارس أخرى، توارت بعد ظهور واستتباب الأمر لنظرية الخروج زمن مرنبتاح؛ سنجدها تضع الخروج في مساحة تتأرجح بين ثلاثة قرون كاملة، تبدأ بزمن الفرعونة حتشبسوت 1490-1468ق.م. وتنتهي بزمن مرنبتاح 1224-1214ق.م.
অজানা পৃষ্ঠা