أما صفة «العتيق» إذا أخذناها بمعنى العتق من الغرق، فستتضارب مع إجماع الرواة على انهيار البيت بالسيل، لكن لن يكون هناك أي تضارب إذا ما أخذناها كإشارة للبيت القديم، فالعتيق تعني القديم، فهي صفة تلزم البيت دوما، مما يشير إلى أنها كانت تستخدم للتأكيد والتذكير بأمر بيت قديم أو عتيق، هو ذاك الذي زعمناه كان في اليمن السعيد، عندما كان سعيدا!
وعند لوط الخبر اليقين
إذن: لنوجز ما انتهينا إليه:
ارتحل النبي إبراهيم عليه السلام من مدينة «أور» الأرمينية في بلاد الحور، قاصدا أرض كنعان، وبعد الاستقرار هونا في كنعان الفلسطينية، يتوجه بدفع القحط إلى مصر الخير، لينهل منها ما شاء، ويرتبط ببعض أهلها صهرا، ثم لا يلبث أن يخرج من أرض النيل ميمما نحو الجنوب إلى بلاد اليمن، حيث امتداد مصر بمهاجريها العظام، أو بفيالقها المتقدمة في حامياتها هناك. وتغفل أقلام كتبة التوراة الأمر، وتقفز فوقه فتقول: إنه عاد من الجنوب إلى «بيت إيل» في فلسطين دون تفصيل أو توضيح، مخالفة العهد بها مسهبة ومفصلة ومكررة إلى حد الإملال، لكن كان للحقيقة أقدامها الثابتة وومضاتها الباهرة، التي ظهرت لنا عدة مرات، وأفلتت في السرد التوراتي، لكن في غير مواضعها الأصلية.
ومن جهة أخرى أفادنا التراثيون المسلمون أنه في غابر الأزمان، حدثت في اليمن كوارث وحدثان، دفعت من استطاع النجاة نحو الشمال، ليتناثروا في بقاع الجزيرة والشام والعراق، وكان أنشر هؤلاء شأنا العمالقة، والذين زعمنا أنهم الجراهمة أو المنفيون، أو من افترضناهم مصريين سكنوا اليمن مصرا، ومن أخلافهم كانت خزاعة أو «خو-سا-عا» ليستقروا في بادية الحجاز، ويساعدوا هناك في بناء البيت الإلهي،
1
ويقيموا قواعده في مكة الحجازية، على غرار البيت الذي أقامه أجدادهم من قبل في «مكا» اليمنية ل «رب البيت»، لكن بعد أن ترك إبراهيم النبي
صلى الله عليه وسلم
بينهم، ولدهم المشترك «إسماعيل» الذي سار على سنة أبيه، فاختارهم من دون الناس أصفياء وأصهارا، وعاد النبي الأب مرة أخرى إلى الشمال حيث بيت إيل الفلسطيني محققا قول التوراة: «أراميا تائها كان أبي».
وفي نقوش سبأ نص يعني أمرنا هنا، يتحدث عن أول قاض من قضاة سبأ القبليين،
অজানা পৃষ্ঠা