[٥٢] ومنه حديث عمرو بن الأحوص- ﵁ سمعت النبي ﷺ في حجة الوداع) الحديث.
قال البخاري إنما سمى حجة الوداع؛ لأن رسول الله ﷺ لما قال هل بلغت وقالوا نعم طفق يقول اللهم فاشهد ثم ودع الناس فقالوا هذه حجة الوداع.
قلت: وفي حديث أبي أمامة- ﵁ أنه قال يوم حجة الوداع: يا أيها الناس أنصتوا فإنكم لعلكم لا تروني بعد عامكم هذا) وقد أشبعت القول (٨/ب) في معنى حجة الوداع في كتابي الموسوم (بطلب الناسك في علم المناسك) فمن ابتغى الزيادة على ما أشرنا إليه فليطلبه هنالك من كتابنا ذلك.
قوله ﷺ (ألا لا يجني جان] إلا [على نفسه) من حق هذا القول من طريق المعنى أن يجعل لا ينهي كيلا يخلو الكلام عن الفائدة؛ لأن الجاني إذا جني فإنما يجني على نفسه وبجنايتها يؤخذ في الدنيا والآخرة فكيف ينفي عنه الجناية، فالظاهر أن إثبات الياء في قوله (يجني) غلط من بعض الرواة أو تركوه على رسم الخط من غير حذف وكثيرًا نجد من هذا الباب في كتب الحديث، ومن الدليل على صحة ما ذهبنا إليه أن في بعض طرق هذا الحديث (ألا لا يجني جان إلا على نفسه)، وبيان ذلك: أن أهل الجاهلية كانوا يرون أخذ الرجل بجناية غيره من ذوي الرحم وأولي القرابة فربما قتل الوالد أو الولد فقتل أحدهما مكان الآخر وكذلك القريب والحميم فأعلمهم رسول الله ﷺ أن الجاني إنما يجني على نفسه لا على غيره فلا يؤخذ مولود بجناية والده ولا والد بجناية مولوده وإنما اقتصر على ذكر الوالد والولد؛ لأن نسبهما أقرب الأنساب وسببهما آكد الأسباب وهما الأصلان يتفرع عنهما الأنساب والقرابات فإذا جعل هذا الحكم منفيا عن الأصل فالبحري أن يكون منفيا عن الفرع والله أعلم.
الإيمان بالقدر
(من الصحاح)
[٥٣] من الصحاح (حديث عبد الله بن عمرو- ﵁ (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس) والقدر: اسم لما صدر مقدرًا عن فعل القادر والكيس: جودة القريحة وإنما أتى به في مقابلة العجز؛ لأنه هو الخصلة التي تفضي بصاحبها إلى الجلادة وإتيان الأمور من أبوابها وذلك نقيض العجز ولهذا المعنى كنوا به عن الغلبة فقالوا كايسته فكسته أي غلبته والعجز ههنا- عدم القدرة وقيل هو ترك ما يجب فعله
1 / 49