بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه الْحَمد لله الملهم لحمده وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد رَسُوله وَعَبده وعَلى آله وَصَحبه وجنده وَبعد فَيَقُول العَبْد الْفَقِير إِلَى مَوْلَاهُ الْغَنِيّ خَالِد بن عبد الله الْأَزْهَرِي هَذَا شرح لطيف على قَوَاعِد الْإِعْرَاب سألنيه بعض الْأَصْحَاب يحل المباني وَيبين الْمعَانِي سميته موصل الطلاب إِلَى قَوَاعِد الْإِعْرَاب نَافِع إِن شَاءَ الله تَعَالَى
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْبَاء مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره افْتتح يقدر مُؤَخرا لإِفَادَة الْحصْر عِنْد البيانيين والإهتمام عِنْد النَّحْوِيين أما بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْمِيم حرف فِيهِ معنى الشَّرْط بِدَلِيل دُخُول الْفَاء فِي جوابها بعد بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة الزمانية وَاخْتلفَا فِي ناصبه فَقيل فعل مَحْذُوف وَهُوَ الَّذِي نابت عَنهُ أما وَقيل لنيابتها عَن الْمَحْذُوف
1 / 23
وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْأَصْل عِنْده مهما يكن من شَيْء بعد حمد الله بَدَأَ بِالْحَمْد تأدية لحق شَيْء مِمَّا وَجب عَلَيْهِ وَالْجَلالَة اسْم للذات المستجمع لسَائِر الصِّفَات حق حَمده أَي وَاجِب حَمده الَّذِي يتَعَيَّن لَهُ ويستحقه كَمَال ذَاته وَقدم صِفَاته وتقدس اسمائه وَعُمُوم آلائه وانتصابه على المفعولية الْمُطلقَة وَالصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْجَرِّ عطفا على حمد الله على سيدنَا مُتَعَلق بِالسَّلَامِ على اخْتِيَار الْبَصرِيين ومعلق الصَّلَاة مَحْذُوف تَقْدِيره عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق الْمَذْكُور بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ كَانَ يجب ذكر الْمُتَعَلّق بِالسَّلَامِ على الْأَصَح وَفِي نُسْخَة وَعَبده وَهُوَ مَعْطُوف على سيدنَا وَفِيه من أَنْوَاع البديع الْمُطَابقَة وَمُحَمّد بَدَلا من سيدنَا لِأَن نعت الْمعرفَة إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِحَسب العوامل وأعربت الْمعرفَة بَدَلا
1 / 24
فَصَارَ الْمَتْبُوع تَابعا كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد الله﴾ فِي قِرَاءَة الْجَرّ نَص على ذَلِك ابْن مَالك وعَلى آله هم كَمَا قَالَ الشَّافِعِي أَقَاربه الْمُؤمنِينَ من بني هَاشم وَبني الْمطلب ابْني عبد منَاف من بعده أَي من بعد مُحَمَّد وَأَشَارَ بذلك إِلَى أَن الصَّلَاة على الْآل مرتبَة وتابعة للصَّلَاة على مُحَمَّد ﷺ فَهَذِهِ فَوَائِد جملَة مقرونة بِالْفَاءِ على أَنَّهَا جَوَاب الشَّرْط وَأَشَارَ بِهَذِهِ إِلَى أَشْيَاء مستحضرة فِي ذهنه والفوائد جمع فَائِدَة وَهُوَ مَا يكون الشَّيْء بِهِ أحسن حَالا مِنْهُ بِغَيْرِهِ جليلة أَي عَظِيمَة فِي قَوَاعِد جمع قَاعِدَة وَهِي قَضِيَّة كُلية يتعرف مِنْهَا أَحْكَام جزئياتها الْإِعْرَاب الاصطلاحي تقتفي من القفو وَهُوَ الِاتِّبَاع تَقول قَفَوْت فلَانا إِذا تبِعت أَثَره وَضَمنَهُ معنى تسلك بمتأملها أَي بالناظر فِيهَا جادة بِالْجِيم أَي مُعظم طَرِيق الصَّوَاب وَهُوَ ضد الْخَطَأ وتطلعه أَي توقفه فِي الأمد أَي فِي الزَّمن الْقصير خلاف الطَّوِيل وَلَو قَالَ الْقَلِيل بدل الْقصير كَانَ أنسب لكثير فِي قَوْله
1 / 25
على نكت كثير بِالْإِضَافَة والنكت بِالْمُثَنَّاةِ جمع نُكْتَة وَهِي الدقيقة من الْأَبْوَاب جمع بَاب وَتجمع أَيْضا على أبوبة للإزدواج كَقَوْل ابْن مقبل
(هتاك أخبية ولاج أبوبة ... يخالط الْبر مِنْهُ الْجد واللينا)
عملتها بِكَسْر الْمِيم عمل بِفَتْحِهَا من طب لمن حب لُغَة فِي أحب وَالْأَصْل كعمل من طب لمن أحب وَالْمرَاد أَنِّي بالغت فِي النصح فَجعلت هَذِه الْفَوَائِد لطلبة الْعلم كَمَا يَجْعَل الطَّبِيب الحاذق الْأَدْوِيَة النافعة لمحبوبه وَالْغَرَض من هَذَا التَّشْبِيه بَيَان كَمَال الِاجْتِهَاد فِي تَحْصِيل الْموَاد وَإِلَّا فقد قَالَ الْأَطِبَّاء الْأَب لَا يطب وَلَده والمحب لَا يطب حبيبته والعاشق لَا يطب معشوقه وسميتها أَي الْفَوَائِد الجليلة بالإعراب لُغَة هُوَ الْبَيَان عَن قَوَاعِد الْإِعْرَاب اصْطِلَاحا وَهُوَ علم النَّحْو وَفِي هَذِه التَّسْمِيَة من البديع التَّجْنِيس التَّام اللَّفْظِيّ والخطي وَمن الله استمد أَي أطلب المدد قدم معموله عَلَيْهِ لإِفَادَة الْحصْر التَّوْفِيق خلق قدرَة الطَّاعَة فِي العَبْد وضده الخذلان وَالْهِدَايَة الْإِرْشَاد وَالدّلَالَة وضدها الغواية والضلالة إِلَى اقوم طَرِيق قدم الصّفة على الْمَوْصُوف وإضافتها إِلَيْهِ رِعَايَة للسجع وَالْأَصْل إِلَى طَرِيق أقوم أَي مُسْتَقِيم وَهُوَ كِنَايَة عَن
1 / 26
سرعَة الْوُصُول إِلَى المأمول لِأَن الْخط الْمُسْتَقيم أقل من المنحني بمنه أَي إنعامه وَيُطلق الْمَنّ على تعديد النعم الصادرة من الشَّخْص إِلَى غَيره كَقَوْلِه فعلت مَعَ فلَان كَذَا وَكَذَا وتعداد النعم من الله تَعَالَى مدح وَمن الْإِنْسَان ذمّ وَمن بلاغات الزَّمَخْشَرِيّ طعم الآلاء أحلى من الْمَنّ وَهُوَ أَمر من الآلاء عِنْد الْمَنّ أَرَادَ بالآلاء الأولى النعم وبالثانية الشّجر المر وَأَرَادَ بالمن الأول الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الْمَنّ والسلوى﴾ وَبِالثَّانِي تعديد النعم وَكَرمه أَي جوده يُقَال على الله تَعَالَى كريم وَلَا يُقَال سخي إِمَّا لعدم الْوُرُود وَإِمَّا للإشعار بِجَوَاز الشُّح وينحصر تقْرَأ بالتحتانية على إِرَادَة المُصَنّف اَوْ الْكتاب وبالفوقانية على إِرَادَة الْفَوَائِد الجليلة أَو الْمُقدمَة فِي أَرْبَعَة أَبْوَاب من حصر الْكل فِي أَجْزَائِهِ وَهِي الْجُمْلَة وأحكامها وَالْجَار وَالْمَجْرُور وَتَفْسِير كَلِمَات وَالْإِشَارَة إِلَى عِبَارَات محررة وستمر بك هَذِه الْأَبْوَاب بَابا بَابا
1 / 27
الْبَاب الأول
شرح الْجُمْلَة وَذكر أسمائها وأحكامها وَفِيه أَربع مسَائِل
1 / 29
الْمَسْأَلَة الأولى فِي شرح الْجُمْلَة
إعلم أَيهَا الْوَاقِف على هَذَا المُصَنّف أَن اللَّفْظ الْمركب الاسنادي يكون مُفِيدا كقام زيد وَغير مُفِيد نَحْو إِن قَامَ زيد وَأَن غير الْمُفِيد يُسمى جملَة فَقَط وَأَن الْمُفِيد يُسمى كلَاما لوُجُود الْفَائِدَة وَيُسمى جملَة لوُجُود التَّرْكِيب الاسنادي
ونعني معشر النُّحَاة بالمفيد حَيْثُ أطلقناه فِي بحث الْكَلَام مَا يحسن من الْمُتَكَلّم السُّكُوت عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يصير السَّامع منتظرا لشَيْء آخر
وَبَين الْجُمْلَة وَالْكَلَام عُمُوم وخصوص مُطلق وَذَلِكَ أَن الْجُمْلَة أَعم من الْكَلَام لصدقها بِدُونِهِ وَعدم صدقه بِدُونِهَا فَكل كَلَام جملَة لوُجُود التَّرْكِيب الاسنادي وَلَا ينعكس عكسا لغويا أَي لَيْسَ كل جملَة كلَاما لِأَنَّهُ يعْتَبر فِيهِ الإفادة بِخِلَافِهَا أَلا ترى أَن جملَة الشَّرْط نَحْو قَامَ زيد من قَوْلك إِن قَامَ زيد قَامَ عَمْرو تسمى جملَة لاشتمالها على الْمسند والمسند إِلَيْهِ وَلَا تسمى كلَاما لِأَنَّهُ لَا يُفِيد معنى يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ لِأَن إِن الشّرطِيَّة أخرجته عَن صلاحيته لذَلِك لِأَن السَّامع ينْتَظر الْجَواب وَكَذَلِكَ أَي وكالقول فِي جملَة الشَّرْط القَوْل فِي جملَة
1 / 31
الْجَواب أَي جَوَاب الشَّرْط وَهِي جملَة قَامَ عَمْرو من الْمِثَال الْمَذْكُور تسمى جملَة وَلَا تسمى كلَاما لما قُلْنَاهُ وَالْحَاصِل أَنه جعل فِي كل من جملتي الشَّرْط وَجَوَابه أَمريْن أَحدهمَا ثبوتي وَهُوَ التَّسْمِيَة بِالْجُمْلَةِ وَالْآخر سَلبِي وَهُوَ عدم التَّسْمِيَة بالْكلَام فَفِي ذَلِك دَلِيل على مَا ادَّعَاهُ من عدم ترادف الْجُمْلَة وَالْكَلَام ورد على من قَالَ بتراد فهما كالزمخشري وعَلى من قَالَ جملَة جَوَاب الشَّرْط كَلَام بِخِلَاف جملَة الشَّرْط كالرضى ثمَّ الْجُمْلَة تَنْقَسِم أَولا بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّسْمِيَة إِلَى اسمية وفعلية وَذَلِكَ أَنَّهَا تسمى اسمية إِن بدأت باسم صَرِيح كزيد قَائِم أَو مؤول نَحْو ﴿وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ أَي صومكم خير لكم
أَو بِوَصْف رَافع لمكتف بِهِ نَحْو أقائم الزيدان أَو اسْم فعل
1 / 32
نَحْو هَيْهَات العقيق وَإِذا دخل عَلَيْهَا حرف فَلَا يُغير التَّسْمِيَة سَوَاء غير الْإِعْرَاب دون الْمَعْنى أم الْمَعْنى دون الْإِعْرَاب أم غَيرهمَا مَعًا أم لم يُغير وَاحِدًا مِنْهُمَا فَالْأول نَحْو إِن زيدا قَائِم وَالثَّانِي نَحْو هَل زيد قَائِم وَالثَّالِث مَا زيد قَائِما وَالرَّابِع نَحْو لزيد قَائِم
وَالْجُمْلَة تسمى فعلية إِن بدأت بِفعل سَوَاء كَانَ مَاضِيا أم مضارعا أم أمرا وَسَوَاء كَانَ الْفِعْل متصرفا أم جَامِدا وَسَوَاء كَانَ تَاما أم نَاقِصا وَسَوَاء كَانَ مَبْنِيا للْفَاعِل أم مَبْنِيا للْمَفْعُول كقام زيد وَيضْرب عَمْرو وَاضْرِبْ زيدا وَنعم العَبْد وَكَانَ زيد قَائِما و﴿قتل الخراصون﴾ وَلَا فرق فِي الْفِعْل أَن يكون مَذْكُورا أَو محذوفا تقدم معموله عَلَيْهِ أَولا تقدم عَلَيْهِ حرف أَولا نَحْو هَل قَامَ زيد وَنَحْو زيدا ضَربته وَيَا عبد الله فزيدا وَعبد الله منصوبان بِفعل مَحْذُوف لِأَن التَّقْدِير فِي الأول ضربت زيدا ضَربته فَحذف ضربت لوُجُود مفسره وَهُوَ ضَربته وَفِي الثَّانِي أَدْعُو عبد الله فَحذف أَدْعُو لِأَن حرف النداء نَائِب عَنهُ وَنَحْو ﴿ففريقا كَذبْتُمْ﴾ ففريقا مقدم من تَأْخِير وَالْأَصْل كَذبْتُمْ فريقا
ثمَّ الْجُمْلَة تَنْقَسِم ثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الوصفية الى صغرى وكبرى فالصغرى هِيَ الْمخبر بهَا عَن مُبْتَدأ فِي الأَصْل أَو فِي الْحَال إسمية كَانَت أَو فعلية
والكبرى هِيَ الَّتِي خَبَرهَا جملَة كزيد قَامَ أَبوهُ فجملة قَامَ أَبوهُ
1 / 33
صغرى لِأَنَّهَا خبر عَن زيد
وَجُمْلَة زيد قَامَ أَبوهُ كبرى لِأَن خبر الْمُبْتَدَأ فِيهَا جملَة
وَقد تكون الْجُمْلَة صغرى وكبرى باعتبارين كَمَا إِذا قيل زيد أَبوهُ غُلَامه منطلق فزيد مُبْتَدأ أول وَأَبوهُ مُبْتَدأ ثَان وَغُلَامه مُبْتَدأ ثَالِث ومنطلق خبر الْمُبْتَدَأ الثَّالِث وَهُوَ غُلَامه والمبتدأ الثَّالِث وَخَبره وهما غُلَامه منطلق خبر الْمُبْتَدَأ الثَّانِي وَهُوَ أَبوهُ والرابط بَينهمَا الْهَاء من غُلَامه والمبتدأ الثَّانِي وَخَبره وهما أَبوهُ غُلَامه منطلق خبر الْمُبْتَدَأ الأول وَهُوَ زيد والرابط بَينهمَا الْهَاء من أَبوهُ وَيُسمى الْمَجْمُوع وَهُوَ زيد ومنطلق وَمَا بَينهمَا جملَة كبرى لَا غير لِأَن خبر مبتدأيها جملَة وَتسَمى جملَة غُلَامه منطلق جملَة صغرى لَا غير لِأَنَّهَا وَقعت خَبرا عَن مُبْتَدأ وَهُوَ أَبوهُ وَتسَمى جملَة أَبوهُ غُلَامه منطلق جملَة كبرى بِالنِّسْبَةِ إِلَى جملَة غُلَامه منطلق وَتسَمى جملَة أَبوهُ غُلَامه منطلق أَيْضا جملَة صغرى بِالنِّسْبَةِ إِلَى زيد لكَونهَا وَقعت خَبرا عَنهُ وَالْمعْنَى غُلَام أَي زيد منطلق وَلَك فِي الرابط طَرِيقَانِ أَحدهمَا أَن تضيف كلا من المبتدآت غير الأول إِلَى ضمير متلوه كَمَا مثل المُصَنّف وَالثَّانِي أَن تَأتي بالرابط بعد خبر المبتدإ الْأَخير نَحْو زيد هِنْد الأخوان الزيدون ضاربوهما عِنْدهَا باذنه فضمير التَّثْنِيَة للأخوين وَضمير الْمُؤَنَّث لهِنْد وَضمير الْمُذكر لزيد وَيتَفَرَّع من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ طَريقَة ثَالِثَة مركبة مِنْهُمَا وَهِي أَن نجْعَل بعض الروابط مَعَ الْمُبْتَدَأ وَبَعضهَا مَعَ الْخَبَر نَحْو زيد عبداه الزيدون ضاربوهما وَمثله فِي كَون الْجُمْلَة فِيهِ صغرى وكبرى باعتبارين قَوْله تَعَالَى ﴿لَكِن هُوَ الله رَبِّي﴾ إِذْ اصله أَي أصل ﴿لَكِن هُوَ الله رَبِّي﴾ لَكِن أَنا فحذفت الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بِدُونِهِ
1 / 34
وتلاقت النونان فأدغم فِي قِرَاءَة ابْن عَامر بِإِثْبَات ألف نَا وصلا ووقفا وَالَّذِي حسن ذَلِك وُقُوع الْألف عوضا عَن همزَة أَنا وَقَرَأَ أبي بن كَعْب لَكِن أَنا على الأَصْل وَإِلَّا أَي وَإِن لم يكن أَصله لَكِن أَنا بِالتَّخْفِيفِ بل كَانَ أَصله لَكِن هُوَ بِالتَّشْدِيدِ وَإِسْقَاط الْألف لقيل لكنه لِأَن لَكِن الْمُشَدّدَة عاملة عمل إِن فَإِذا كَانَ اسْمهَا ضميرا وَجب اتِّصَاله بهَا
وَقد تسَامح المصنفون بِدُخُول اللَّام فِي جَوَاب إِن الشّرطِيَّة المقرونة بِلَا النافية فِي قَوْلهم وَإِلَّا لَكَانَ كَذَا حملا على دُخُولهَا فِي جَوَاب لَو الشّرطِيَّة لِأَنَّهَا أُخْتهَا وَمنع الْجُمْهُور دُخُول اللَّام فِي جَوَاب إِن وَأَجَازَهُ ابْن الْأَنْبَارِي
1 / 35
وَلَكِن حرف اسْتِدْرَاك من أكفرت كَأَنَّهُ قَالَ أَنْت كَافِر بِاللَّه لَكِن أَنا هُوَ الله رَبِّي فَأَنا مُبْتَدأ أول وَهُوَ ضمير الشَّأْن مُبْتَدأ ثَان وَالله مُبْتَدأ ثَالِث
وربي خبر الثَّالِث وَالثَّالِث وَخَبره خبر الثَّانِي وَلَا يحْتَاج إِلَى رابط لِأَنَّهَا خبر عَن ضمير الشَّأْن وَالثَّانِي وَخَبره خبر الأول والرابط بَينهمَا يَاء الْمُتَكَلّم وَيُسمى الْمَجْمُوع جملَة كبرى وَالله رَبِّي جملَة صغرى وَهُوَ الله رَبِّي جملَة كبرى بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله رَبِّي وصغرى بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنا
وَقد تكون الْجُمْلَة لَا صغرى وَلَا كبرى لفقد الشَّرْطَيْنِ كقام زيد وَهَذَا زيد
1 / 36
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي بَيَان الْجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب
الَّذِي هُوَ الرّفْع وَالنّصب والخفض والجزم وَهِي سبع على الْمَشْهُور إِحْدَاهَا الْوَاقِعَة خَبرا لمبتدأ فِي الأَصْل أَو فِي الْحَال فَالْأول نَحْو زيد قَامَ أَبوهُ فجملة قَامَ أَبوهُ فِي مَوضِع رفع خبر زيد وَالثَّانِي نَحْو إِن زيدا أَبوهُ قَائِم فجملة أَبوهُ قَائِم فِي مَوضِع رفع خبر إِن وَالْفرق بَين الْبَابَيْنِ من وُجُوه أَحدهَا إِن الْعَامِل فِي الْخَبَر على الأول الْمُبْتَدَأ وعَلى الثَّانِي إِن
ثَانِيهَا إِن الْخَبَر فِي الأول مُحكم وَفِي الثَّانِي مَنْسُوخ
ثَالِثهَا إِن الْخَبَر فِي الأول يلقى إِلَى خَالِي الذِّهْن من الحكم والتردد فِيهِ وَالثَّانِي يلقى إِلَى الشاك أَو الْمُنكر فِي أول درجاته
1 / 37
وموضعها نصب فِي بَابي كَانَ وَكَاد فَالْأول نَحْو ﴿كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ﴾ فجملة يظْلمُونَ من الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي مَوضِع نصب خبر لَكَانَ وَالثَّانِي نَحْو ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ فجملة يَفْعَلُونَ فِي مَوضِع نصب خبر لكاد
وَالْفرق بَين الْبَابَيْنِ من وُجُوه الأول أَن جملَة خبر كَانَ تكون جملَة اسمية أَو فعلية وَجُمْلَة خبر كَاد لَا تكون إِلَّا فعلية فعلهَا مضارع
الثَّانِي إِن خبر كَانَ لَا يجوز إقترانه بِأَن المصدرية وَيجوز فِي خبر كَاد
الثَّالِث أَن خبر كَانَ مُخْتَلف فِي نَصبه على ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا أَنه خبر مشبه بالمفعول عِنْد الْبَصرِيين
1 / 38
وَالثَّانِي أَنه مشبه بِالْحَال عِنْد الْفراء
وَالثَّالِث أَنه حَال عِنْد بَقِيَّة الْكُوفِيّين
بِخِلَاف خبر كَاد فَإِنَّهُ مَنْصُوب بهَا بِلَا خلاف الْجُمْلَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة من الَّتِي لَهَا مَحل الْوَاقِعَة حَالا والواقعة مَفْعُولا بِهِ ومحلهما النصب فالحالية نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وجاؤوا أباهم عشَاء يَبْكُونَ﴾ فجملة يَبْكُونَ من الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي مَحل نصب على حَال من الْوَاو وعشاء مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة
وَقَوله ﷺ أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فجملة وَهُوَ ساجد من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي مَحل نصب على الْحَال من العَبْد
وَالْجُمْلَة المفعولية تقع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول أَن تقع محكية بالْقَوْل نَحْو قَالَ إِنِّي عبد الله فجملة إِنِّي
1 / 39
عبد الله فِي مَوضِع نصب على المفعولية محكية بقال وَالدَّلِيل على أَنَّهَا محكية بقال كسر إِن بعد دُخُول قَالَ
وَالثَّانِي أَن تقع تالية للْمَفْعُول الأول فِي بَاب ظن نَحْو ظَنَنْت زيدا يقْرَأ فجملة يقْرَأ من الْفِعْل وفاعله الْمُسْتَتر فِيهِ فِي مَوضِع نصب على أَنَّهَا الْمَفْعُول الثَّانِي لظن
وَالثَّالِث أَن تقع تالية للْمَفْعُول الثَّانِي فِي بَاب أعلم نَحْو أعلمت زيدا عمرا أَبوهُ قَائِم فجملة أَبوهُ قَائِم فِي مَوضِع نصب على أَنَّهَا الْمَفْعُول الثَّالِث لأعْلم
وَإِنَّمَا لم تقع تالية للْمَفْعُول فِي بَاب اعْلَم لِأَن مَفْعُوله الثَّانِي مُبْتَدأ فِي الأَصْل والمبتدأ لَا يكون جملَة
وَالرَّابِع أَن تقع مُعَلّقا عَنْهَا الْعَامِل وَالتَّعْلِيق إبِْطَال الْعَمَل لفظا وإبقاؤه محلا لمجىء مَا لَهُ صدر الْكَلَام سَوَاء كَانَ الْعَامِل من بَاب علم أم من غَيره فَالْأول نَحْو ﴿لنعلم أَي الحزبين أحصى﴾
فَأَي الحزبين مُبْتَدأ ومضاف إِلَيْهِ وأحصى خَبره وَهُوَ فعل مَاض لَا اسْم تَفْضِيل من الإحصاء على الْأَصَح وَجُمْلَة الْمُبْتَدَأ وَخَبره فِي مَوضِع نصب سادة مسد مفعولي نعلم
وَالثَّانِي ﴿فَلْينْظر أَيهَا أزكى طَعَاما﴾ فأيها مُبْتَدأ ومضاف إِلَيْهِ وأزكى خَبره وَطَعَامًا تَمْيِيز وَجُمْلَة الْمُبْتَدَأ وَخَبره فِي مَوضِع نصب سادة مسد مفعول ينظر الْمُقَيد بالجار
قَالَ المُصَنّف فِي الْمُغنِي لِأَنَّهُ يُقَال نظرت فِيهِ وَلكنه هُنَا علق بالاستفهام عَن الْوُصُول فِي اللَّفْظ إِلَى
1 / 40
الْمَفْعُول وَهُوَ من حَيْثُ الْمَعْنى طَالب لَهُ على معنى ذَلِك الْحَرْف وَزعم ابْن عُصْفُور أَنه لَا يعلق فعل غير علم وَظن حَتَّى يتَضَمَّن مَعْنَاهُمَا وعَلى هَذَا تكون هَذِه الْجُمْلَة سادة مسد مفعولين انْتهى وَالنَّظَر والفكر فِي حَال المنظور فِيهِ
وَالرَّابِعَة من الْجمل الَّتِي لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا ومحلها الْجَرّ فعلية كَانَت أَو اسمية فَالْأولى نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم﴾ فجملة ينفع الصَّادِقين صدقهم فِي مَحل جر بِإِضَافَة يَوْم إِلَيْهَا
وَالثَّانيَِة نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿يَوْم هم بارزون﴾ فجملة هم بارزون من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي مَحل جر بِإِضَافَة يَوْم إِلَيْهَا وَالدَّلِيل على أَن يَوْم فيهمَا مُضَاف عدم تنوينه
وكذك كل جملَة بعد إِذْ الدَّالَّة على الْمَاضِي أَو إِذا الدَّالَّة على الْمُسْتَقْبل أَو حَيْثُ الدَّالَّة على الْمَكَان أَو لما الوجودية الدَّالَّة على وجود شَيْء لوُجُود غَيره عِنْد من قَالَ باسميتها وَهُوَ ابو بكر بن السراج
1 / 41
وَتَبعهُ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي وتبعهما أَبُو الْفَتْح بن جني وتبعهم جمَاعَة زَعَمُوا أَنَّهَا ظرف بِمَعْنى حِين وَقَالَ ابْن مَالك ظرف بِمَعْنى إِذْ وَاسْتَحْسنهُ المُصَنّف فِي الْمُغنِي أَو بَيْنَمَا أَو بَينا بِزِيَادَة الْمِيم فِي الأولي وحذفها فِي الثَّانِيَة فَهِيَ أَي الْجُمْلَة الْوَاقِعَة بعد هَذِه الْمَذْكُورَات كلهَا فِي مَوضِع خفض بإضافتهن أَي إِضَافَة هَذِه الْمَذْكُورَات إِلَيْهَا مِثَال إِذْ قَوْله تَعَالَى ﴿واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل﴾ و﴿إِذْ كُنْتُم قَلِيلا﴾ فتضاف إِلَى الجملتين كَمَا مثلنَا وَمِثَال إِذا وتختص بالفعلية على الْأَصَح قَوْله تَعَالَى ﴿إِذا جَاءَ نصر الله﴾ وَمِثَال حَيْثُ جَلَست حَيْثُ جلس زيد وَحَيْثُ زيد جَالس فتضاف للجملتين كَمَا مثلنَا وإضافتها إِلَى الفعلية أَكثر
وَمِثَال لما قَوْلك لما جَاءَ زيد جَاءَ عَمْرو وتختص بِالْفِعْلِ الْمَاضِي
وَمِثَال بَيْنَمَا أَو بَينا قَوْلك بَيْنَمَا اَوْ بَينا زيد قَائِم أَو يقوم زيد وَالصَّحِيح أَن مَا كَافَّة لبين عَن الْإِضَافَة فَلَا مَحل للجملة بعْدهَا من الْإِعْرَاب وَاصل بَينا بَيْنَمَا فحذفت الْمِيم
1 / 42
وَالْجُمْلَة الْخَامِسَة الْوَاقِعَة جَوَابا لشرط جازم وَهُوَ إِن الشّرطِيَّة وَأَخَوَاتهَا ومحلها الْجَزْم إِذا كَانَت الْجُمْلَة الجوابية مقرونة بِالْفَاءِ سَوَاء كَانَت اسمية أم فعلية خبرية أم إنشائية أَو كَانَت مقرونة بإذا الفجائية وَلَا تكون إِلَّا اسمية والأداة إِن خَاصَّة فَالْأولى المقرونة بِالْفَاءِ نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿من يضلل الله فَلَا هادي لَهُ ويذرهم﴾
فجملة لَا هادي لَهُ من لَا وَاسْمهَا وخبرها فِي مَحل جزم لوقوعها جَوَابا لشرط جزم وَهُوَ من وَلِهَذَا أَي وَلأَجل أَنَّهَا فِي مَحل جزم قريء بجزم يذرهم بِالْيَاءِ عطفا على مَحل الْجُمْلَة فيذرهم مجزوم فِي قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ مَعْطُوف على مَحل جملَة فَلَا هادي لَهُ وَالثَّانيَِة المقرونه بإذا الفجائية نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون﴾ فجملة هم يقنطون فِي مَحل جزم لوقوعها جَوَابا لشرط جازم وَهُوَ إِن والفجأة البغته وَتَقْيِيد الشَّرْط بالجازم احْتِرَازًا عَن الشَّرْط غير الْجَازِم كإذا وَلَو وَلَوْلَا
فَأَما إِذا كَانَت جملَة الْجَواب فعلهَا مَاض خَال عَن الْفَاء نَحْو إِن قَامَ زيد قَامَ عَمْرو فَمحل الْجَزْم فِي الْجَواب مَحْكُوم بِهِ
1 / 43
للْفِعْل وَحده وَهُوَ قَامَ لَا للجملة بأسرها وَهُوَ قَامَ وفاعله
وَكَذَا أَي وكالقول فِي فعل الْجَواب القَوْل فِي فعل الشَّرْط إِن الْجَزْم مَحْكُوم بِهِ للْفِعْل وَحده لَا للجملة بأسرها لِأَن أَدَاة الشَّرْط إِنَّمَا تعْمل فِي شَيْئَيْنِ لفظا أَو محلا فَلَمَّا عملت فِي مَحل الْفِعْلَيْنِ لم يبْق لَهَا تسلط على مَحل الْجُمْلَة بأسرها وَلِهَذَا نقُول إِذا عطفت عَلَيْهِ أَي على فعل الشَّرْط الْمَاضِي فعلا مضارعا وَتَأَخر عَنْهَا مَعْمُول وأعملت الْفِعْل الأول وَهُوَ الْمَاضِي فِي الْمُتَنَازع فِيهِ نَحْو إِن قَامَ وَيقْعد أَخَوَاك قَامَ عَمْرو فتجزم الْمُضَارع الْمَعْطُوف على الْمَاضِي
قبل أَن تكمل الْجُمْلَة بفاعلها وَهُوَ أَخَوَاك فلولا أَن الْجَزْم مَحْكُوم بِهِ للْفِعْل وَحده للَزِمَ الْعَطف على الْجُمْلَة قبل إِتْمَامهَا وَهُوَ مُمْتَنع تَنْبِيه وَهُوَ لُغَة الإيقاظ يُقَال نبهت تَنْبِيها أَي أيقظت إيقاظا وَاصْطِلَاحا عنوان الْبَحْث الْآتِي بِحَيْثُ يعلم من الْبَحْث السَّابِق إِجْمَالا إِذا قلت إِن قَامَ زيد أقوم بِالرَّفْع مَا مَحل أقوم فَالْجَوَاب عَن هَذَا السُّؤَال مُخْتَلف فِيهِ قيل إِن أقوم لَيْسَ هُوَ الْجَواب وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل الْجَواب أَي لَا عينه وَهُوَ مُؤخر من تَقْدِيم وَالْجَوَاب مَحْذُوف وَالْأَصْل أقوم إِن قَامَ زيد أقِم وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ
1 / 44