قال: اسمع يا بني «نحن إخوان إذا اختلفنا في الاعتقاد فلا نختلف في الحقوق والواجبات، ولقد أساءت الحكومة صنعا بأن فرقت بيننا وأوجدت بين الطائفتين هوة عظيمة.
فمن هو المسلم ومن هو المسيحي؟ أليسا كلاهما أخوين من بني الإنسان، تربطهما ربط الإخاء والمصلحة العامة ووحدة اللغة والوطن، والله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في كل دين، فأي مسلم يجسر أن يقول: إن الإسلام يأمر بالتعدي على الأبرياء وقتل النفس التي حرم الله قتلها؟ إن المسلم الذي يقول بمثل ذلك يستحق أن يقطع لسانه، والمسيح جاء الناس بدين المحبة والإخاء، وأمر تلاميذه أن ينشروا تعاليمه بين الناس، فهل أنتم تفعلون بما أمركم به السيد الذي تتسمون باسمه؟ وهل تغفرون للناس زلاتهم حتى يغفروا لكم زلاتكم؟ وهل تنظرون إلى المسلمين كإخوان؟
إذا كان لبعض الرؤساء الدينيين غاية في إيجاد الشقاق، فيجب أن يكون للناس عقول وأفهام، فلا يستسلمون للشهوات ويكونون آلات للهدم في يد الأشرار.
لكل إنسان إرادة وعقل، فإذا وجد من الأمور ما لا ينطبق على الصواب، وجب عليه ألا يعمله أيا كان المحرض عليه، وإذا أساء إليك أخوك المسلم فعاتبه أو استعن عليه بأخ مسلم آخر تجد منه روح العدالة والإنصاف، ولا تجعلوا للمفسدين بينكم سبيلا، فإن ذلك يفسد عليكم أمركم ويوسع بينكم هوة الشقاق، وإذا ظلم مسيحي مسلما فقوموا أنتم عليه قومة واحدة يشعر أنه ظالم مكروه، فلا يعود إلى التعدي فيما بعد.»
فقال أحد الحاضرين: ولكن ما العمل والمسلمون يرون أنهم أفضل منا ويجب أن يكونوا مقدمين علينا في الحقوق؟ فقال الشيخ: «معاذ الله أن يكون هذا من الدين في شيء؛ فإن روح الإسلام هي روح الإخاء، وهكذا هي روح المسيحية، وإن اختلف التعبير لتباين الوسط الذي ظهر فيه الإسلام عن الوسط الذي ظهرت فيه المسيحية، ولكن الإسلام يقول: إن الخلق سواسية، وأحب الناس إلى الله أحبهم إلى عياله؛ أي إن خير الناس هو من كان أكثرهم نفعا للناس، وإنما الجهل هو علة الشقاء، وهو الذي حمل المتعصبين من الفريقين على أن يؤولوا تعاليم الكتب المقدسة - كما يريدون - ألا ترون أن الإسلام في أول عهده كان أكثر تساهلا منه الآن، والمسلمون في ذلك العهد أهل بداوة وعصبية!
إنه لقد حان الوقت الذي فيه يعرف الإنسان أن الدين إنما وضع لخيره ومنفعته؛ حتى يكون له هدى يسترشد به في ظلمات الحيوة، والآن أيها الإخوان، ها أنا أضع يدي بيدكم وأطلب إليكم أن تنضموا إلي في محاربة الشر والتعصب الذميم، وترفعوا من بينكم الأحقاد لنقضي على هذه الروح الشريرة التي تعمل فينا وتخرب ديارنا، وتفسد أخلاقنا وتصرفنا عن أعمالنا اليومية وتولد بيننا الحزازات.»
فوافقه الجميع على ذلك، ووكلوا إليه وضع الخطة الملائمة التي تكون أفضل أساس للاتحاد.
فسر الشيخ بذلك وخرج وكله آمال بالمستقبل رغم ما يبدو من تعقد الحالة وكثرة المعضلات.
الفصل الثالث
فعل الحب في القلوب
অজানা পৃষ্ঠা