عاقبهم الله على انصرافهم ، فسمى العقوبة عليه باسمه ، كما قال : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) (1) وقالت العرب : الجزاء بالجزاء ، والأول ليس بجزاء ، إلى غير ذلك من الشواهد فى الشعر وغيره (2).
فإن قال : إن (3) كان المراد به العقوبة فلما ذا ذكر القلب وعلق الصرف به ، وهلا دل على أن المراد به الكفر الذى محله القلب!!
قيل له : إن الكفر أيضا قد يكون فى غير القلب ، كالجحود والتكذيب اللذين يكونان باللسان ، وكالاستهزاء بالرسول ، وكشف العورة ، إلى ما شاكله مما يكون بالجوارح ، فما الفائدة والحال هذه فى تعليقه الصرف بالقلب على قولكم؟ فإذا هم تأولوه على وجه ما ، فقد سوغوا لنا مثله ، بل الذى نقوله أولى ؛ لأنه تعالى لما علم أن انصرافهم عن طاعته وإعراضهم عن أدلته لا يكون إلا بالقلب أو بأفعال لا بد أن تضامها أفعال القلب ، صار كأنه قال : فلما انصرفوا بقلوبهم ، ثم (4) أجرى اسم العقوبة على الحد لنقدر فى ذلك ، فقال : ( صرف الله قلوبهم ) وهذا كما يقال (5) لمن بين له فلم يتبين : قد أعمى الله عينيه وأصم سمعه ، فتذكر الآلات التى بها يقع الإعراض وترك التذكر ، فكذلك القول فيما بيناه.
وقوله تعالى : ( بأنهم قوم لا يفقهون ) يدل على أن صرف قلوبهم هو بالعقوبة التى استحقوها بالإعراض وترك التفقه والنظر فيما أنزله من السورة وسائر الدلائل ، وهذا بين.
পৃষ্ঠা ৩৫০