285

شعيب : ( قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها ، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ... ) [89] فبين أنه ليس لهم أن يعودوا فى ذلك إلا بمشيئته.

والجواب عن ذلك : أن ظاهر الكلام يقتضى أن لهم أن يكفروا ، وهذا مما لا يطلقه أحد ، لأنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا : وما كان لنا أن نعود فيها ، وهذا نفى ، ثم قال : ( إلا أن يشاء الله ربنا ) وهذا يوجب إثبات ما نفوه ، وإثبات أن لهم أن يعودوا فيها إن شاء تعالى. وذلك يوجب القول بأن لهم أن يكفروا ، وهو الذى قلنا إنه خلاف الآية!

وبعد ، فإن الملة هى الدين ، وقد يراد بها الشرعيات التى قد تختلف على لسان الأنبياء ، كما يراد بها ما لا يختلف من العبادات ، فمن أين بظاهره (1) أن المراد بها ما لا يختلف دون ما يجوز أن يختلف التعبد فيه ، فصح حمله على ظاهره بأن يريد الله تعالى أنه ليس لنا أن نعود فى الملة المنسوخة إلا أن يشاء ربنا إثبات التعبد فيها من بعد ، ليكون من الباب الذى يعلم اختلافه بالمشيئة.

وعلى هذا تأوله أبو على رحمه الله ، وقال : إنما طلب الكافرون من قوم شعيب أن يعود (2) من آمن به فى ملة شرعية نسخت عنهم ، فقالوا : ( قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم ) وأرادوا أنهم إن عادوا فيها على ذلك الحد الذى « هم عليه (3) من التكذيب به ، وعلى جهة الاستحلال ، قد افتروا على الله تعالى الكذب ، ثم قالوا : ( وما يكون لنا أن نعود فيها ) يعنى فى الملة ، إلا أن يشاء الله تعالى التعبد بها من حيث يعلمها صلاحا فى المستقبل ، بعد أن نسخها عنهم وأزالها. وهذا مطابق للظاهر ، مشاكل لما يقتضيه القول بالعدل ، وقد بينا ذلك.

পৃষ্ঠা ২৮৬