واصلت الحديث بعد ذلك عن امرأة لم تنتحر، لكنها توفيت في منزلها، ولم يكتشف أحد ذلك إلا بعد أسبوع من وفاتها. كان ذلك في فصل الصيف. وطلبت من باتريك تصور الأمر. كل ذلك حدث في إطار خمسة أميال فحسب من المكان الذي ولدت فيه. كانت تستعرض أدلة على ما تقوله فحسب، ولا تحاول إفزاع باتريك، على الأقل بقدر يتجاوز ما هو مقبول اجتماعيا. لم تقصد أيضا إرباكه. لكن كيف يمكنه إدراك ذلك؟
قال باتريك لروز عند مغادرتهما هانراتي على متن الحافلة: «لقد كنت محقة. إنه مقلب نفايات بالفعل. لا ريب أنك سعيدة بهروبك من هنا.»
شعرت روز على الفور أنه ما كان ينبغي أن يقول لها ذلك.
أضاف باتريك: «ليست هذه بالطبع والدتك الحقيقية. فأنا على يقين أن والديك لا يمكن أن يكونا على هذه الشاكلة.» لم يرق لروز قول ذلك أيضا، مع أن ذلك أيضا هو رأيها. فقد رأت أنه يحاول منحها خلفية اجتماعية أكثر رقيا، ربما كمنازل أصدقائه الفقراء: بعض الكتب، صينية شاي، بياضات خضعت للإصلاحات، ذوق جيد في الملابس؛ وأشخاص مثقفون فخورون ومتعبون. فكرت روز غاضبة في مدى جبنه، لكنها كانت تعلم أنها أيضا تتسم بالجبن؛ فهي لا تعرف كيف تتعايش مع قومها أو مطبخ منزلها أو أي شيء آخر ذي صلة. بعد عدة أعوام، ستتعلم كيف تستخدم هذه الأمور، وستتمكن من إمتاع أصحاب التفكير السليم أو ترهيبهم في حفلات العشاء بمنحهم لمحات عن المنزل الذي عاشت فيه قديما. لكنها في تلك اللحظة شعرت بالارتباك والتعاسة.
مع ذلك، بدأت روز تشعر بالولاء؛ فبعد أن تيقنت من هروبها من ذلك المكان، تكونت طبقة أكثر قوة من الولاء والحماية حول كل ذكرى لديها، وحول المتجر والبلدة، حول الريف غير المميز ذي الطابع الفاتر والشجيرات الصغيرة. وصارت تقارن هذه الذكريات سرا برؤية باتريك للجبال والمحيط وقصره المبني من الحجارة والأخشاب، ووجدت أن ولاءها اتسم بقدر أكبر من الفخر والعناد مقارنة بولاء باتريك.
لكن اتضح لها بعد ذلك أنه لن يتخلى عن أي من هذه الأشياء. •••
قدم لها باتريك خاتما ماسيا، وصرح لها بتخليه عن طموحه في أن يصير مؤرخا من أجلها، وأنه سوف يعمل مع والده.
قالت له إنها اعتقدت أنه يكره عمل والده. فأجابها بأنه لا يستطيع تحمل ما يفرضه هذا الموقف عليه من أعباء بعد أن صار لديه الآن زوجة ينبغي عليه إعالتها.
اعتبر والد باتريك أن رغبة ابنه في الزواج - حتى وإن كانت الزوجة هي روز - علامة على تعقله. امتزجت في تلك الأسرة مسحات من الكرم بكل ما لديهم من سوء النوايا؛ فعندما علم والده بقراره، عرض عليه في الحال وظيفة في أحد متاجره، وشراء منزل له ولعروسه. لم يستطع باتريك رفض هذا العرض، شأنه شأن روز في عدم قدرتها على رفض عرض الزواج، وكلاهما كانت أسبابه غير مادية.
سألته روز: «هل سنسكن في منزل مثل منزل والديك؟» إذ شعرت بضرورة بدء حياتهما بعيدا عن ذلك النمط. «حسنا، ربما ليس في البداية. فلن يكون ...» «لا أرغب في منزل كمنزلهما! لا أرغب في العيش بهذا الشكل!» «سوف نعيش كما تشائين، ونسكن في أي منزل تفضلينه.»
অজানা পৃষ্ঠা