وقد أخبرته أمه أنه أتى رجل في غيابه وسألها عنه وعن المرضى الذين يعودهم، ووصفت له الرجل، فكانت أوصافه تنطبق على الرقيب الذي كان يقتفي أثره، فأوصاها بالكتمان ودخل إلى غرفته فاختبأ فيها.
أما الرقيب فإنه عاد إلى قاضي التحقيق وقص عليه كل ما جرى له، فاستنتج القاضي من كل تلك الحكاية ومن مجيء جيرار إلى النيابة وفحصه مسدس القتيل، أنه يعرف القاتل وأنه يكتم اسمه لتقيده بواجب مهنته، وأن القاتل جريح وأن الطبيب قد يكون أخرج الرصاصة منه وفحص المسدس كي يعلم إذا كانت هذه الرصاصة هي التي خرجت منه، فأوصى معاونه أن يراقب في الغد جيرار وكلوكلو معا وأن يبالغ في التكتم حذرا من الفشل.
تقدم لنا القول إن مودست لم تر روبير بن فولون منذ مقتل أبيه؛ فإن هذا المنكود كاد أن يجن من يأسه وجزعه على أبيه.
وقد حاول جيرار أن يزوره فيسليه ويعزيه فأبى أن يستقبله، ولكنه كتب إليه يقول:
إني أعلم الغرض من زيارتك، فإنك خشيت علي الجنون وهو كل ما أشتهيه؛ لأنه خير علاج للنسيان.
على أن لكل شيء حدا؛ فإن الحزن أخذ يخف تباعا، فكتب إلى صديقه جيرار يخبره أنه سيزورهم في الغد؛ لأنه في أشد حاجة إلى التعزية بإخلاص الأصدقاء.
وقد كان فرح مودست عظيما وكذلك جيرار خلافا لأمه، فقالت له: ألا ترى يا بني أن هذه الزيارة ستجدد أحزاننا؟ ألا تعلم حقيقة موقفنا بإزاء ابن فولون؟ إن بوفور لم يتفق وجوده مع فولون في تلك المركبة ليلة قتله؛ إلا لأني ذهبت إليه وقلت له: «إن مودست هي ابنتك وإني أنا امرأتك، فإذا وضعت الحواجز في سبيل زواج ابنتي فليس لعدم كفاءة الزوج، بل لأني لا بد لي من كشف سر زواجنا.» فلما علم بوفور أن له بنتا فرح وغفر لي بعض الغفران، وذهب إلى فولون ليخبره بجلية الأمر ويزيل تلك الحواجز، فاعلم يا بني أن موقفنا الآن مع روبير مثل ما كان موقفنا مع أبيه؛ أي إنه يجب إطلاعه على حقيقة أمرنا.
قال: سأتولى إطلاعه عليها.
قالت: ولكن ألا ترى أن زواج أختك به أصبح من المستحيلات؟ - لماذا؟ - لأن بوفور متهم بقتل أبيه، فكيف يتزوج بنته؟ - سأقنعه أنه بريء فيثق بما أقول. - أتمنى ألا تكون منخدعا يا بني.
وفي اليوم التالي جاء روبير وعليه علائم الحزن الشديد، فأحسنوا استقباله وقال لمرسلين: إنه إذا أتيح لي العزاء عن مصيبتي القادمة تكونين أنت السبب الوحيد فيه، فعديني يا سيدتي تذكارا لأبي الذي كان يحبكم كثيرا، وباسم حبي لمودست ألا تعارضي في زواجنا أكن سعيدا مع أحزاني.
অজানা পৃষ্ঠা