فخطر لجيرار ما قاله له أبوه، وهو أنهم سيراقبونك فاحذر، والتفت متظاهرا بعدم الاكتراث فرأى الرجل دون أن يعرفه، وقال: إنك مخطئ يا كلوكلو فإنه ينصرف.
فهز رأسه وقال: بل إنه يراقبك يا سيدي، أتأذن لي أن أكون في خدمتك؟ - لك ما تشاء؛ فإني ذاهب لعيادة الموسيو داغير وأحب لأسباب خاصة ألا يعلم أحد أني طبيبه، فإذا تبعني هذا الرجل فامنعه. - كيف؟ - لا أعلم، فعليك أن تبحث عن الطريقة. - سأبحث وسأجد، أما أنا فقد كنت واثقا من أن الموسيو داغير مريض. - كيف ذلك؟ - ذلك أنه منذ بضعة أيام؛ أي في ليلة مقتل فولدن كنت عائدا من كريل، وكان البدر يتوهج في السماء بحيث يرى الساري الأشياء على مسافة ميل، فلما وصلت إلى الغابة رأيت رجلا خارجا منها وهو يمشي مشية غريبة استلفتت نظري؛ إذ كان يجر نفسه جرا، وكان يقع وينهض وأحيانا يسير ببطء، وأحيانا يجد في السير ويتألم. - ألم يخطر لك أن تساعده؟ - نعم، لقد خطر لي ذلك واقتربت منه حتى وصلت إليه فقلت: ألعلك مريض أم أنت تحتفل بعيد باخوس إله الخمر؟ فإذا كان الأول، صحبتك إلى منزلك؛ فإن التعاون عندي من أخص واجبات الإنسان، وإذا كان الثاني، أودعتك إحدى الحفر وغطيتك ببركتي.
فلم يجبني، وحاول أن يركض فأدركته وحاولت إسعافه؛ فانتهرني قائلا: اذهب عني فلست في حاجة إليك. فتأمل يا سيدي مقدار دهشتي حين عرفت أن هذا الرجل إنما هو الموسيو داغير. - وماذا فعلت بعد ذلك؟ - تركته وشأنه؛ إذ لا يحق لي أن أساعده بالرغم عنه، ولكني لبثت أنظر إليه حتى توارى، ألست تعالجه لهذا يا سيدي الطبيب؟ - نعم، ولكني لا أريد أن يعلم الرقيب أني ذاهب إلى منزل داغير. - وهو لن يعلم، فاذهب مطمئنا وأنا الضمين. - وماذا تصنع إذا تبعني؟ - يوجد طريقة سهلة يا سيدي، وهي أنك إذا سمعتني أغني النشيد الذي مطلعه:
تبسم الأزهار من بكا الأمطار
فاعلم أنه مجد في أثرك.
وإذا سمعتني أنشد:
يا شقيق البان إن صبري بان
فاعلم أنه تراجع عنك.
وإذا التبس علي أمره أنشدت القصيدة التي مطلعها:
يا طائر البان قد هيجت أشجاني
অজানা পৃষ্ঠা