فأجابه بصوت مختنق: لا أعرف اسمه. - هذا ممكن، ولكن اذكر لي الأسباب التي حملتك على الاعتقاد ببراءة بوفور؟ - لا أستطيع أن أزيد كلمة على ما قلته، وهو أنه بريء وأنك مخطئ خطأ هائلا بالقبض عليه، فلا تسألني زيادة.
فضحك القاضي وقال: لا شك عندي أنك صادق في اعتقادك، ولكن أتحسب أن القانون يجيز لي إطلاق سراح متهم بشهادة رجل يقرر أنه بريء دون أن يؤيد قوله ببرهان؟ فقل أيها الصديق ماذا اكتشفت وكيف تولد عندك هذا الاعتقاد؟
فأطرق ولم يجب، وجعل القاضي يسير ذهابا وإيابا في غرفته ثم وقف وقال له: ألعلك اكتشفت سرا يدعوك نظام مهنتك إلى كتمانه؟ - ليس لي ما أزيده على ما قلت. - ألا تجيب حتى على هذا السؤال البسيط؟ - حتى على هذا السؤال. - إذن جوابك هذا يعتبر بمثابة إجابتي بالإيجاب؛ لأنك لو أردت أن تجيب سلبا لما احتجت إلى التردد. نعم إنك اكتشفت سر الجناية وأنت تزاول مهنتك، فلا ألح عليك بالسؤال؛ لأن الشرف يقضي عليك بالكتمان. - ولكني أقسم لك بشرفي أن بوفور ضحية الخطأ وأقسم بشرفي أنه بريء. - لا شك عندي أنك تعتقد صحة ما تقول. - إذن هلا أرجو أن يطلق سراح هذا البريء؟ - هذا أمر آخر؛ فقد قلت لك إني أثق باعتقادك أن ما تقوله حق، ولكن القانون لا يسمح لي بإطلاق سراحه، والأدلة متوفرة ضده إلا إذا نقضت بالبرهان، ورجائي أن تتمكن بطريقة من الطرق من إرشاد النيابة إلى المجرم دون أن تخل بواجباتك. - إذن إني لم أغير شيئا بما قلته من حالة هذا المنكود؟ - كلا، ولكنا نستأنس بشهادتك.
فودعه آسفا وانصرف، وبقي القاضي يناجي نفسه فيقول: ألعله وقف على سر الجناية ... لا شك عندي أنه يعرف سرا يأبى الإباحة به فكيف أنتزعه منه؟ إن هذا محال؛ فإنه شديد التمسك بنظامه الطبي فلم يبق إلا أن أحتال.
وقد دعا إليه أحد معاونيه وقال له: أريد أن أعهد إليك بمهمة سرية، وهي مراقبة الدكتور جيرار؛ فقد أقسم لي بشرفه الآن أن بوفور بريء، فلما سألته البرهان أبى أن يظهره بحجة نظام الأطباء الذي يقضي بالكتمان، والظاهر أنه اكتشف هذا السر لدى معالجته الجاني؛ ولذلك أريد أن تكون له أتبع من ظله، فتعلم في كل لحظة أين يكون.
قال: لك أن تعتمد علي.
قال: احذر أن يعلم أنك تراقبه. - دون شك، فإذا علم فأية فائدة من المراقبة؟ - وأريد أن تأتيني بتقريرك في كل مساء.
سأفعل، وها أنا الآن ذاهب لأتنكر.
عندما خرج جيرار من عند القاضي لم يعد من فوره إلى المنزل، بل ذهب إلى داغير.
أما المعاون فإنه ذهب بعد أن تنكر إلى منزل جيرار، وجعل يرود حوله على اعتقاده أنه فيه، وأنه سيقفو أثره حين خروجه منه.
অজানা পৃষ্ঠা