قالت: إنها ثورة عصبية غلبتني، وبعد أفلا يجب أن أشكرك؟
قال: ولماذا أغمي عليك إذا كنت لا تحبيني؟
قالت: ذلك لأني خفت عليك. - وماذا حدث بالأزهار؟ - لا أعلم؛ فقد تكون الخادمة رمتها بعد ذبولها.
فابتسم ابتسامة تشف عن الحزن الشديد.
وقال: إذا كان ذلك؛ فهو لا يدل على أنك صادقة فيما تقولين.
فأغمضت عينها كأنها لا تجسر أن تنظر إليه؛ حذرا من أن تكذبها عيناها وقالت: نعم، لا أحبك، وإن كنت تستحق أن تحب كثيرا. - لماذا ألححت علي بالسفر؟ - لأني شعرت بأني لن أحبك، وأية فائدة من اجتماعنا؟ - هذه هي إرادتك الجازمة. - نعم؛ فإني يسرني كثيرا ألا تكون خير صديق لي إذ يستحيل ... - إذن أستودعك الله، وأنا مسافر كما تشائين. - سر بأمن الله وثق أنك ستنساني قريبا.
فانحنى أمامها مسلما، ومضى حتى إذا دخل إلى الباب التفت فرآها مغميا عليها، ورأى رأسها منقلبا على عضادة المقعد، فأسرع إلى مناداة الخادمة وقال لها: إن سيدتك مغمى عليها، فأسرعي إلى فك أزرار صدرها. فدنت الخادمة منها وفكت الأزرار فسقط من صدرها ضمة من الزهر الذابل، وهي تلك الضمة نفسها التي جناها بوفور من الوادي.
ولما فتحت عينيها خرجت الخادمة، فركع بوفور وأخذ يقبل يديها بلهف عظيم، فقالت له بصوت يقطعه اليأس: ماذا تفعل يا سيدي أنسيت ما قلته لك؟
فأراها ضمة الزهر، وقال لها بلهجة المنتصر: كلا، لم أنس، ولكنك كاذبة وإنك تحبينني.
فأطرقت برأسها عند ذلك وأخذت تشهق بالبكاء، فتركها تبكي؛ لأن البكاء يخفف ما بها، ولكنه لبث راكعا أمامها، وقال لها: إنك تحبينني يا مرسلين، فلماذا تنكرين؟
অজানা পৃষ্ঠা