আরবি পঠন: বালিকা বিদ্যালয়ের জন্য
المطالعة العربية: لمدارس البنات
জনগুলি
فنعم الأرض ما أحسنت فيها
ولم تطع الغواية والضلالا (25) متتبع الآثار
أراد أحد المصريين السفر إلى باريس يمتع الطرف بما فيها من الآثار والمناظر، فصادف في طريقه فرنسيا عائدا من مصر إلى بلده، فأنس كل منهما بصاحبه، وأخذا يتحدثان، فقال الفرنسي: أين تذهب؟ قال: إلى باريس. قال: ألك حاجة هناك؟ قال: لا، ولكني أردت أن أرى ما فيها من الآثار، وقد علمت أن هذا يزيد الإنسان علما بتاريخ هذه البلاد، وما كان عليه أهلها من الحضارة والعلوم.
قال الفرنسي، وقد أعجب بقول المصري وأقبل عليه: لقد صدقت؛ ولهذا الغرض كنت في مصر، وإنها لفوق ما سمعت من وصفها، وقد تمتعت بكثير من مناظرها الجميلة، وأعجبني متحف الآثار العربية، ولكني أسفت لعدم معرفة اللغة العربية وقراءة شيء مما كتب على بعض هذه الآثار، فهل تحفظ شيئا من ذلك؟ قال المصري: إني لم أر هذا المتحف.
فظهرت علامات التعجب على وجه الفرنسي، ولكنه تمالك عنه، ودخل في الحديث ثانية، وأخذ يطنب في مدح مصر وما فيها من الآثار، ويذكر مشاهدته لكثير منها، إلى أن ساقه الحديث إلى ذكر الأهرام، فجعل يعجب من صنعها وعظيم مشهدها، ويسأل المصري عما يرى في ذلك، فاضطرب المصري ولم يكن يخال أن يكون لأرضه هذا التأثير في النفوس، ثم قال: إني لم أر الأهرام؛ لعدم اهتمامي بها، ولكنك عظمت ذلك في نفسي، وسأزورها بعد عودتي.
فضحك الفرنسي متهكما به، وصرف وجهه عنه، قائلا: إنك لا تدري شيئا من آثار بلادك، وأراك توغل في البلاد الأخرى؛ لتعرف من آثارها ما لم تعرفه جدودك، فماذا يكون حالك إن سألك أهل باريس أن تصف بعض الآثار الشهيرة في بلادك، وما مثلك إلا كمن يترك الدر تحت أقدامه لا يعبأ به، ويذهب في طلب الصدف جهلا منه بقيمة كل.
اذهب أيها المغرور فاعرف آثار بلادك، ثم اطلب معرفة غيرها، نعم إن الإنسان لا تكمل أخلاقه وآدابه وتحسن تجربته إلا إذا خالط أجناس الناس على اختلاف أحوالهم ومشاربهم، فيكتسب منهم علما وتجربة، ولكنه إذا أراد أن يعرف آثارهم وعاداتهم ليستفيد منها فليبدأ بمعرفة آثار بلاده وعاداتها؛ ليقارن بين هذا وذاك، وإلا كانت سياحته مجرد أسفار لا يهمه فيها إلا حسن المناظر، وتنميق الألوان، وهو في معزل عما تشير إليه هذه المناظر من الأسرار الغامضة.
فخجل المصري، وكر راجعا إلى بلاده، معولا أن يدرس أحوالها درسا جيدا. (26) وصف حالة المعيشة في مصر
ينقسم المصريون إلى قسمين متباينين في المعيشة؛ أهل القرى والمدنيين، أما القرويون: فإن منبع ثروتهم الزراعة، وهم في الغالب مستقيمو الأحوال، ولنسائهم من العمل نصيب وافر، وكل الأشياء متوفرة لديهم من خيرات أرضهم حتى إن الحازم منهم الذي لم يقتد بأشرار المدنيين في أحواله ولم يترك سنة آبائه لا يحتاج إلى شراء شيء من غير متحصلات أرضه، إلا خشب البناء، وبعض أثاث المنزل، كالفرش والأواني، وربما كان أغلب أواني الفقراء من الفخار المصنوع من طين أرضهم.
فيزرع الفلاح في أرضه ما يحتاج إليه من الغذاء والكسوة، كالقمح والذرة والفول والقطن والكتان والتيل، ويهتم باقتناء المواشي وبعض الطيور، فيعيش من لحومها وألبانها، ويلبس من صوفها، وبعد فراغه من زرع أرضه يشتغل بحراستها، وغزل القطن أو الصوف؛ لعمل ملابسه.
অজানা পৃষ্ঠা