97

মুস্তাসফা

المستصفى

তদারক

محمد عبد السلام عبد الشافي

প্রকাশক

دار الكتب العلمية

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤١٣هـ - ١٩٩٣م

يَتَضَمَّنُ الْمَعْرِفَةَ، أَيْ: عَرِّفْنِي لِأَنِّي كَلَّفْتُكَ أَنْ لَا تُعَرِّفَنِي، وَذَلِكَ مُحَالٌ فَيَمْتَنِعُ التَّكْلِيفُ فِيهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مَعْرِفَةَ شَيْءٍ مِنْ الْحَوَادِثِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ وَلَا تَرْكُهُ. [مَسْأَلَةٌ الْآيَةُ إذَا تَضَمَّنَتْ حُكْمًا يَجُوزُ نَسْخُ تِلَاوَتِهَا] الْآيَةُ إذَا تَضَمَّنَتْ حُكْمًا يَجُوزُ نَسْخُ تِلَاوَتِهَا دُونَ حُكْمِهَا وَنَسْخُ حُكْمِهَا دُونَ تِلَاوَتِهَا وَنَسْخُهُمَا جَمِيعًا، وَظَنَّ قَوْمٌ اسْتِحَالَةَ ذَلِكَ. فَنَقُولُ: هُوَ جَائِزٌ عَقْلًا وَوَاقِعٌ شَرْعًا، أَمَّا جَوَازُهُ عَقْلًا فَإِنَّ التِّلَاوَةَ وَكِتْبَتَهَا فِي الْقُرْآنِ وَانْعِقَادَ الصَّلَاةِ بِهَا كُلُّ ذَلِكَ حُكْمُهَا، كَمَا أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِهَا حُكْمُهَا وَكُلُّ حُكْمٍ فَهُوَ قَابِلٌ لِلنَّسْخِ، وَهَذَا حُكْمٌ فَهُوَ إذَنْ قَابِلٌ لِلنَّسْخِ. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ نَسْخُ التِّلَاوَةِ أَصْلًا مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْحُكْمَ لَذُكِرَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ إلَّا لِيُتْلَى وَيُثَابَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يُرْفَعُ؟ قُلْنَا: وَأَيُّ اسْتِحَالَةٍ فِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ لَكِنْ أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِلَفْظٍ مُعَيَّنٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ جَازَ نَسْخُهَا فَلْيُنْسَخْ الْحُكْمُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَبَعٌ لِلتِّلَاوَةِ، فَكَيْفَ يَبْقَى الْفَرْعُ مَعَ نَسْخِ الْأَصْلِ؟ قُلْنَا: لَا بَلْ التِّلَاوَةُ حُكْمٌ وَانْعِقَادُ الصَّلَاةِ بِهَا حُكْمٌ آخَرُ فَلَيْسَ بِأَصْلٍ، وَإِنَّمَا الْأَصْلُ دَلَالَتُهَا، وَلَيْسَ فِي نَسْخِ تِلَاوَتِهَا، وَالْحُكْمُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهَا نَسْخٌ لِدَلَالَتِهَا فَكَمْ مِنْ دَلِيلٍ لَا يُتْلَى وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ صَلَاةٌ، وَهَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ لِنُزُولِهَا وَوُرُودِهَا لَا لِكَوْنِهَا مَتْلُوَّةً فِي الْقُرْآنِ، وَالنَّسْخُ لَا يَرْفَعُ وُرُودَهَا وَنُزُولَهَا وَلَا يَجْعَلُهَا كَأَنَّهَا غَيْرُ وَارِدَةٍ بَلْ يُلْحِقُهَا بِالْوَارِدِ الَّذِي لَا يُتْلَى، كَيْفَ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْعَدِمَ الدَّلِيلُ وَيَبْقَى الْمَدْلُولُ؟ فَإِنَّ الدَّلِيلَ عَلَامَةٌ لَا عِلَّةٌ فَإِذَا دَلَّ فَلَا ضَرَرَ فِي انْعِدَامِهِ، كَيْفَ وَالْمُوجِبُ لِلْحُكْمِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الْقَدِيمُ وَلَا يَنْعَدِمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ رَفْعُهُ وَنَسْخُهُ؟ فَإِذَا قُلْنَا الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ أَرَدْنَا بِهِ انْقِطَاعَ تَعَلُّقِهَا عَنْ الْعَبْدِ وَارْتِفَاعَ مَدْلُولِهَا وَحُكْمِهَا لَا ارْتِفَاعَ ذَاتِهَا. فَإِنْ قِيلَ نَسْخُ الْحُكْمِ مَعَ بَقَاءِ التِّلَاوَةِ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْمَدْلُولِ مَعَ بَقَاءِ الدَّلِيلِ. قُلْنَا: إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا عِنْدَ انْفِكَاكِهِ عَمَّا يَرْفَعُ حُكْمَهُ فَإِذَا جَاءَ خِطَابٌ نَاسِخٌ لِحُكْمِهِ زَالَ شَرْطُ دَلَالَتِهِ. ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ سَمْعًا قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] الْآيَةَ، وَقَدْ بَقِيَتْ تِلَاوَتُهَا وَنُسِخَ حُكْمُهَا بِتَعْيِينِ الصَّوْمِ. وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ مَتْلُوَّةٌ فِي الْقُرْآنِ وَحُكْمُهَا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ ﷺ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَنُسِخَ تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ أَمَامَ الْمُنَاجَاةِ وَالتِّلَاوَةُ بَاقِيَةٌ، وَنُسِخَ التَّرَبُّصُ حَوْلًا عَنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْحَبْسُ وَالْأَذَى عَنْ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ بِالْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَعَ بَقَاءِ التِّلَاوَةِ. وَأَمَّا نَسْخُ التِّلَاوَةِ فَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَارُ بِنَسْخِ تِلَاوَةِ آيَةِ الرَّجْمِ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهَا، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ". وَاشْتُهِرَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: أُنْزِلَتْ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مُحَرِّمَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ. وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ. [مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ وَالسُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ] ِ يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ وَالسُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مِنْ عِنْدَ اللَّهِ ﷿، فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؟ وَلَمْ يُعْتَبَرْ التَّجَانُسُ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يُحِيلُهُ، كَيْفَ وَقَدْ دَلَّ السَّمْعُ عَلَى وُقُوعِهِ؟ إذْ التَّوَجُّهُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ فِي السُّنَّةِ وَنَاسِخُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ [البقرة: ١٨٧] نَسْخٌ لِتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ وَلَيْسَ التَّحْرِيمُ فِي

1 / 99