(بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم)
الْحَمد لله المتفرد بِالْبَقَاءِ والقدم، المنزه عَن الفناء والعدم، وصلواته على رَسُوله مُحَمَّد خير بريته، وعَلى آله وَصَحبه وأزواجه وَذريته " وَبعد ":
فَيَقُول الْفَقِير الْمُعْتَرف بالتقصير عمر بن مظفر بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الفوارس الوردي المعري الشَّافِعِي - أنجح اللَّهِ مسعاه وَأصْلح لَهُ أَمر آخرته ودنياه -: إِنِّي رَأَيْت " الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر " تأليف مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماه - قدس اللَّهِ سره وَأكْرم مثواه - من الْكتب الَّتِي لَا يَقع مثلهَا، وَلَا يسع جهلها، فَإِنَّهُ اخْتَارَهُ من التواريخ الَّتِي لَا تَجْتَمِع إِلَّا للملوك، ونظمه فِي سلوك الْحسن بِحسن السلوك، فانجلى كالعروس الَّتِي حسنها الْمغرب، وجمالها الْكَامِل، وثغرها العقد، وضراتها الدول المنقطعة، وخيالها لَذَّة الأحلام، ولفظها المنتظم، وخدها ابْن أبي الدَّم، ومحبتها تجارب الْأُمَم، وحسبادها بَنو إِسْرَائِيل، ونظرها مفرج الكروب، ودلالها وفيات الْأَعْيَان، وَوَصلهَا الأغاني، وقربها مروج الذَّهَب، وعطرها من الْيمن، وَذكرهَا مجاوز فِي الْمشرق أصفهان، وَفِي الْمغرب القيروان، وفصاحتها الْبَيَان، ووجهها مرْآة الزَّمَان. رُتْبَة ﵀ ترتيبا رفع بِهِ إِسْمَاعِيل الْقَوَاعِد من الْبَيْت الأيوبي وشيد، وَضَمنَهُ كنوزا وَهل يعجز عَن الْكُنُوز من هُوَ ملك مؤيد، فاختصرته فِي نَحْو ثُلثَيْهِ اختصارا زَاده حسنا، وكفل بوجازة اللَّفْظ وَكَمَال الْمَعْنى أَقمت بِهِ إعرابه، وذللت صعابه، ونمقته بَيَانا، وألحقته أعيانا، وكللت حلته بجواهر، وكملت روضته بأزاهر، وأودعته شَيْئا من نظمي ونثري ورجوت دَعْوَة صَالِحَة عِنْد ذكري، وحذفت مِنْهُ مَا حذفه أسلم، وَقلت فِي أول مَا زِدْته قلت، وَفِي آخِره وَالله أعلم، وسأذيله إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى من سنة تسع وَسَبْعمائة الَّتِي وقف الْمُؤلف عَلَيْهَا إِلَى هَذِه السّنة الْمُبَارَكَة الَّتِي صرنا إِلَيْهَا وسميته: " تَتِمَّة الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر " وَمن اللَّهِ ﷾ أسأَل حسن النِّيَّة وبلوغ الأمنية.
اعْلَم أَن التواريخ الْقَدِيمَة فِي هَذَا الْكتاب مؤلفة على مُقَدّمَة وَخَمْسَة فُصُول، والتواريخ الإسلامية مرتبَة على السنين.
أما الْمُقدمَة فتتضمن ثَلَاثَة أُمُور:
الْأَمر الأول: إِن اخْتِلَاف المؤرخين كثير جدا كَقَوْل ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل ولادَة الْمَسِيح بعد خمس وَسِتِّينَ سنة للإسكندر عِنْد الْمَجُوس وَبعد ثلثمِائة وَثَلَاث سِنِين للإسكندر عِنْد النَّصَارَى، وَهَذَا تفَاوت فَاحش. وكقول أبي معشر وكوشيار وَغَيرهمَا من المنجمين بَين ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
1 / 3