عمر مسلم عليه السلام ثمان عشرة سنة عند شهادته في سنة ستين ، وهذا لا يتفق مع ما أثبته المؤرخون من تزويجه بثلاث نساء أو أكثر وأن له أولادا خمسة وبنتا ، فإنه وإن لم يكن من المحال في هذه المدة القصيرة التي هي عبارة عن ثلاث سنين بعد بلوغه أن يتزوج من ثلاث نساء ويستولد هذا العدد لكن العادة المطردة تأباه.
ثم هناك شيء آخر وهو أن كلا من عقيل ومسلم ومعاوية ماتوا في ستين : استشهد مسلم عليه السلام في ذي الحجة ، وهلك معاوية في رجب ، وموت عقيل لم يتعين قبل رجب أو فيه أو بعده فعلى الأخيرين لاتتم دعوى سفر مسلم الى الشام وبيعه الأرض ، وعلى الأول أعني موته قبل رجب المتردد بين أن يكون في المحرم أو ما بينه وبين رجب ، فالعقل وإن لم يمنع صدور البيع في هذا الزمن إلا أن من البعيد جدا أن يشد مسلم عليه السلام الرحال من المدينة إلى الشام ويتحمل وعثاء السفر لبيع الأرض من معاوية بالمقدار الذي دفعه اليه الرجل المدني كما يفيده قول لمعاوية : « ان لي أرضا بمكان كذا من المدينة وقد أعطيت بها مائة ألف وأحببت أن أبيعك إياها ».
فان كل أحد يعد اتخاذ هذه الطريقة سفها وحاشا « داعية السبط » أن يرتكب خطة لا يصادق عليها العقل ويكون مرمى لسهام اللوم إلا أن يكون قد تزلف الى معاوية ببيعه الأرض ، والشمم الهاشمي الذي انحنت عليه أضالعه يأباه له كيف ، وهو يشاهد دماءهم الطاهرة ، ودماء من شايعهم تقطر من سيفه وأنديتهم تلهج بانحرافه عن خطة سلفه الطيب ، وغدره بالإمام الحسن عليه السلام تدرسه ناشئة هذا البيت كل يوم.
والتحيل لاستخلاص أموالهم من يد معاوية كما يراه البعض لا يتوقف على هذه الطريقة المشوهة لبيتهم المنيع ، ومقامهم الرفيع مع أنهم بعيدون عن أمثالهم لأن نفوسهم الزاكية تكبر بهم عما فيه الضعة والخسة ولو عند العامة. هذا اذا كان موت عقيل في سنة ستين وأما اذا كان بعدها كما هو القول المحكى في نص ابن حجر كما عرفت ، فالكذب في هذا البيع واضح ، والمسافة للتصحيح بعيدة لأنه عليه يكون بيع مسلم الأرض بعد موت أبيه كما في الرواية ، ومعاوية بين أطباق الثرى وقد فاز مسلم بالشهادة يومئذ.
ولو ذهبنا الى رأي الصفدي وابن كثير من تعيين وفاة عقيل في سنة خمسين (23)
পৃষ্ঠা ৩৯