المستهدفة ، وأن ما جاؤا به حقائق راهنة فاقتصروا على مروياتهم مما دب ودرج ، وفيها الخرافات وما أوحته إليهم الأهواء والنوايا السيئة ومن هنا أهملت حقائق ورويت أباطيل.
فعزوا إلى أبي طالب قوله : إني لا أحب أن تعلوني أستي (35)، ثم رووا عنه أنه قال لرسول الله : ما هذا الدين؟ قال رسول الله :
فقال أبو طالب : إني لا أستطيع أن أفارق ديني ودين آبائي ، والله لا يخلص اليك من قريش شيء تكرهه ما حييت (36).
فحسبوا من هذا الكلام أن أبا طالب ممن يعبد الأوثان ، كيف وهو على التوحيد أدل ، وجوابه هذا من أنفس التورية ، وأبلغ المحاورة ، فإن مراده من قوله لرسول الله عقيب قوله أنت أحق من دعوته : « إني لا أستطيع أن أفارق ديني ودين آبائي ». الاعتراف بايمانه وأنه باق على حنيفية إبراهيم الخليل التي هي دين الحق ودينه ودين آبائه. ثم زاد أبوطالب في تطمين النبي بالمدافعة عنه مهما كان باقيا في الدنيا.
نعم من لا خبرة له بأساليب الكلام وخواص التورية يحسب أن أبا طالب أراد بقوله : إني لا افارق ديني الخ ، الخضوع للأصنام فصفق طربا واختال مرحا.
وجاء آخر يعتذر عنه بأن شيخ الأبطح كان يراعي بقوله هذا الموافقة لقريش ليتمكن من كلائة النبي صلى الله عليه وآله وتمشية دعوته.
نحن لاننكر أن أبا طالب كان يلاحظ شيئا من ذلك ويروقه مداراة القوم للحصول على غايته الثمينة كي لا يمس كرامة الرسول سوء لكنا لا نصافقهم في كل ما يقولونه من انسلاله عن الدين الحنيف انسلالا باتا ، فإنه خلاف الثابت من سيرته حتى عند رواة تلكم المخزيات ومهملي الحقائق الناصعة حذرا عما لا يلائم خطتهم فلقد كان يراغم الطواغيت بما هو أعظم من التظاهر بالإيمان والإئتمام بالصلاة مع النبي صلى الله عليه وآله .
পৃষ্ঠা ১৮