في الطرف الآخر كانت هي نفسها، بدا صوتها ضعيفا، ولكنه ينضح بقوة الحياة وجمالها ببحته الحلوة، قالت له أنها تعرف أنه هرب حتى لا تموت بين يديه، فهي تقدر ذلك، وطمأنته بأنها سوف لا تموت قريبا، وما أصابها ليست سوى إغماءة وفاقت منها، وأنها عادت من غسيل لكليتها ناجح قبل قليل، وختمت مكالمتها قائلة: تعال، الناس في انتظارك.
انطلق بسرعة البرق نحو المدينة، كان الطريق جميلا وساحرا، والعالم كله يغني حوله مع إيقاع ماكينة العربة، هو نفسه يغني ألحانا لا يدري لها كنها فنان أو ملحن، تلك التي يسمونها هبة الطبيعة، اشترى خروفا من البدو الذين يرعون أغنامهم حول المكان، وضعه في الدرج الخلفي، «كرامة وسلامة» لأمه التي قال عنها في سره: طالما نجت من هذه الميتة فسوف لا تموت مرة أخرى أبدا، وأنه سوف يعطيها إحدى كليتيه، سوف تعيش مثل جدها الذي ناهز المائة والأربعين ولم يمت لولا أن سقط من على ظهر حماره وكسر عنقه.
كان البيت كما تركه هادئا، بعض الصبية يلعبون بعربات من الصفيح صنعوها بأنفسهم، عندما دخل الحوش الكبير كان إخوته الصبيان هنالك تحت راكوبة كبيرة، نهضوا جميعا في آن واحد يعزونه في وفاة والدتهم التي هرب منها يوم موتها، وقالوا له فيما بعد أنها سألت عنه قبل أن تطلق زفيرها الأخير.
الخرطوم
15 / 4 / 2009
অজানা পৃষ্ঠা