الفاشر
20 / 4 / 2007
طائر، أسد، وجحوش
إذا شيئ لي أن أقدر عددنا في ذلك اليوم فإننا قرابة الستين طفلا، تتراوح أعمارنا ما بين السابعة والثامنة، بعضنا وأنا واحد منهم، لا تزال قنابيرنا في مقدمة رءوسنا مبللة بالزيت وعلى أعناقنا تتدلى التمائم التي تحفظنا من العين والحسد وتبارك أيامنا وتهبنا الحظ الجيد والخير الوفير، كنا نتحدث جميعا في آن واحد بأعلى ما وهبنا من أصوات، كل يريد أن يوصل صوته للآخر في خضم غابة الحناجر التي تزأر في فوضوية، كنا نتحدث عن الكرة، الطيور، الحمير، حسونة المجنون، صيد الجراد، جلب القراقير من جبل تواوا، التشعلق في الكواري ولقيط الفول السوداني من الزرائب، المطر، الحرب التي دارت مؤخرا ما بين أولاد حي السجون وأولاد حي البوليس، والذين استعانوا بثلة من أولاد ديم النور لرد هجوم أولاد السجون على ضفاف خور مقاديف، لم ينتبه أي منا للأستاذ وهو يدخل الفصل إلا عندما صاح بصوت غليظ أجش: انتباه!
صمتنا، أشار علينا بيديه علامة أن نقف، ودعمها بالقول: قيام.
قمنا واقفين.
صاح: جلوس.
جلسنا، ولكنه هتف مرة أخرى: قيام!
قمنا. - جلوس!
جلسنا وكثير منا يصدر أصواتا تنم على عدم الرضا؛ حيث إنه لم نفهم الضرورة من هذا القيام والجلوس، ولكن ألم نأت للمدرسة لتعلم الأشياء التي لا نعرفها؟ شخبط الأستاذ في السبورة بطباشير أبيض شيئا، عرفنا فيما بعد أنه: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم من أشياء كثيرة يحملها، أخرج صورة كبيرة لأسد ضخم، علقها على مسمار دق في أعلى السبورة، كان أسدا جميلا كبيرا ينظر إلينا جميعا في آن واحد، أشار الأستاذ إليه بالمسطرة الطويلة وصاح فجأة: ما هذا؟
অজানা পৃষ্ঠা