وقال أيضا وكان شهما غيورا شريف السيرة يغار لنفسه ولأعراض الناس لا يبالي في ذلك بهول الموقف وفداحة الخطوب. كان كتوما للسر مؤاسيا لعائلته طلق الوجه طليق اللسان يصيب غرضه بحسن بيانه حتى لقد قيل عنه: إنه لو كان سفيرا لدولة من الدول لما تعقد عليه أمر في السياسة، فكان خفيف الروح متوقد الذهن، مات والناس إجماع على تفضله والقلوب مرتبطة بمحبته.
فاذهب كما ذهبت عوادي مزنة
أثني عليها السهل والأوعار
فما روضة غناء كأنها غادة حسناء قد افتتن في تصويرها الجمال وجعلها للناظرين كالمثال، فالغصن قدها والورد خدها، والرمان نهدها، وعليل النسيم عهدها، والكرم شعرها، والأقاح ثغرها، انتهت فيها غافية حمام فوق نمارق الأغصان والأكمام آخر الليل وقد عسس، وأول الصبح وقد نفس، فلما رفعت طرفها وجدت بجانبها إلفها بعد أن نأى عنها مكانا، وفارقها زمانا، فزال عنهما ألم الشوق، والتف الطوق بالطوق، وهتف منشدان فوق خرير الماء قصيدة على روي الراء، أودعاها ما أرادا من معاني العشاق في وصف صلة الوصل بعد الفراق، ومن حولهما بقية الأطيار ترجع إنشادهما ترجيع الأوتار تهزه على كل غصن مائس كأنها القيان تزف العرائس بأطرب من صوتك في الآذان، وألذ من ذكرك بين القلب واللسان، وما أحرى من سكان الأشجار وذوات الأوكار غادرت أفراخها من وكرها في ليلة موصوفة ببردها وحرها تلتمس لهن شيئا من القوت، وقد عز كالياقوت، فوقعت من الأمطار في شبكة منعتها عن السعي والحركة إلى أن غادرتها العهاد، وأمكن لها الإرشاد، فعثرت لهن على نزر من الحب، ودت لو زيد فيه حبة القلب فراحت إليهن ولا الظافر بتاج الملك، ولا الناجي مع نوح في الفلك، فوجدت السيل قد أتى على الشجرة فاقتلعها، وعلى الأفراح فابتلعها، وبينا هي بين تصعيد وتصويب وحنين ونحيب إذ أنقض عليها صقر أنشب في طوقها أظفاره، وغمس في جوفها منقاره فاجتمعت عليها صنوف الآلام: آلام الأرواح، وآلام الأجسام بأوجع في قلوب رفاقك من يوم فراقك.
الفصل الحادي والعشرون
آراء أعضاء المؤتمر الموسيقي المنعقد سنة 1932 في الموسيقى العربية
قال جناب البارون كارا دي فو في خطابه في حفلة اختتام المؤتمر ما ترجمته نقلا عن كتاب مؤتمر الموسيقى العربية لوزارة المعارف العمومية: «إن الموسيقى الشرقية علم عظيم وليست موضوعا يمكن استيعاب البحث فيه في يوم أو في ثلاثة أسابيع، ويشعر الإنسان بهذا التأثير إذا ألقى نظرة على فهارس الكتب الموسيقية القديمة».
إننا لم نواجه مبحثا أكثر أهمية وأعظم شأنا من مسألة تأثير الموسيقى الشرقية في الموسيقى الغربية في القرون الوسطى.
إن جميع مجموعات الآلات الموسيقية لعمل شاق يستلزم السنين الطويلة - وقد بدأت مصر - ولله الحمد - الخطوات الأولى منه، وأشارت لجنة الآلات بالإرشادات والمعلومات اللازمة لذلك.
هذا ما يخص المسائل الواسعة المدى. أما المسائل الدقيقة بل الشائكة - إن أردت - فأهمها اثنتان: تتابع المقامات، وإمكان الامتناع بأرباع الأصوات بالتقريب. وهنا لا يكفي العلم وحده بل تدخل عناصر فنية وبسيكولوجية.
অজানা পৃষ্ঠা