অপরিচিতদের সাথে সমস্যা: নৈতিক দর্শনে একটি গবেষণা
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
জনগুলি
إلحاح النظام الخيالي
تمهيد: طور المرآة
يبدو أنه لم يخل أي عمل نقدي ثقافي يساري في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين من إشارة إلى نظرية جاك لاكان الخاصة بطور المرآة، وهي لحظة في نمو الطفل الصغير يسر فيها وهو يتأمل صورته في المرآة من التوافق السحري بين حركاته وحركات الصورة المقابلة له.
1
إن التوافق السحري والتشابه الإعجازي هما المادة الخام للأسطورة، وإذا كان مقال لاكان الذي بعنوان «طور المرآة» قد تناول هذه الأسطورة، فقد صار المقال سريعا أسطورة في ذاته؛ فحدود الحقيقة والوهم - كما يقول لاكان - مشوشة في هذه المرحلة المبكرة؛ فالأنا التي هي نافذتنا على ما يسمى بالعالم الحقيقي هي في الواقع نوع من الخيال؛ حيث يتعامل الطفل الواقف أمام المرآة مع صورته باعتبارها حقيقية، مع أنه يعلم أنها وهمية. وهناك لبس مماثل في كلمة «الخيالي» التي تعني عند لاكان «المرتبط بصورة» وليس غير الواقعي أو غير الحقيقي، والتي مع ذلك تتضمن إيهاما وخداعا (مثل نظرية الأيديولوجيا التي اشتهر لوي ألتوسير باستنباطها منه).
وعلى نحو مماثل، أصبح ارتباط أطروحة لاكان بالخيال في مقابل الواقع محل تساؤل، فهل كان يقصد بطور المرآة أنه حقيقي أم مجازي؟ وهل كان هذا الرجل الأكثر تأثيرا من بين المفكرين الفرنسيين يتحدث فعلا عن شيء تجريبي مربك بقدر الأطفال الصغار؟ كيف لنا أن نعرف بحق ما قد يمر به الطفل في هذا الموقف؟ وماذا عن المجتمعات التي لم تتمتع بميزة امتلاك مرايا (وهو ما يثير الاعتراض البديهي الذي لا يمكن أن يطرحه سوى الإنجليز)؟ هل تعوضها البرك أو الأنهار؟ أم أن المرآة الحقيقية للطفل هي والده أو ولي أمره الذي يبني - بتوظيف أجزاء مختلفة من جسمه (كالوجه والفتحات وغيرهما) بدرجات متفاوتة من الشدة - صورة ذاتية جسدية للطفل؟ هل تتشكل رؤيتنا لأجسادنا - مثل رغباتنا - على يد الآخرين؟ وكم من الغريب - على أي حال - أن تنبني نظرية محورية كتلك على أكثر الأنشطة الإنسانية اتصافا بالخيال والبساطة؛ اللعب والتقليد! التقليد بالتأكيد وكذلك اللعب؛ إذ إن الطفل الذي يبتهج بمحاكاة حركاته الخاصة في المرآة هو مقلد، وساحر صغير يمكنه تغيير الواقع بمجرد رفع يده، وممثل يؤدي دوره أمام جمهور ممتن مكون من فرد واحد، وفنان صغير جدا يستمتع بشدة بقدرته على تشكيل منتجه وتحويله بنقرة إصبع أو إدارة رأس. فالتمثيل أمام المرآة يتضمن ارتدادا غير متناه أو تقعيرا من نوع ما، حيث ينعكس الشكل الكلي الموجود في المرآة موافقا جهود الطفل، ومن ثم يحفز ابتسامته، التي تستتبع بدورها مظهرا تشجيعيا آخر من مظاهر السرور في الصورة المنعكسة، وهكذا. وسنرى شيئا في نفس هذا الإطار لاحقا في الفلسفة الأخلاقية للقرن الثامن عشر.
لم يكن الأمر - بالتأكيد - وكأن المنظرين الثقافيين وقتئذ كانوا مهتمين بموضوع تطور الطفل على نحو خاص؛ فأهمية محاضرة لاكان كانت تكمن في توضيحها للنظام الخيالي؛ ذلك العالم الغريب للنفس الإنسانية، الذي يبدو فيه أن الذوات والأشياء (إن كان بإمكاننا أن نتحدث عن هذا التقسيم في هذه المرحلة المبكرة من الكتاب) يتبادلان باستمرار الأماكن، ويعيش كل منهما حياة الآخر. وخلال عملية الإسقاط والانعكاس هذه، يبدو أن الأشياء تدخل وتخرج بعضها من بعضها دون وسيط، ويشعر كل منها بالآخر من الداخل بنفس الصورة الحسية المباشرة التي تدرك بها دواخلها، فكأنك تستطيع أن تضع نفسك في ذات المكان الذي ينظر إليك منه، أو ترى نفسك في ذات الوقت من الداخل والخارج. وعلم النفس ليس إلا في بداية الطريق فيما يتعلق بفهم الآليات العصبية التي يقلد بها الطفل الصغير جدا وهو يلهو، تعبيرات وجه شخص بالغ، في مجموعة معقدة من الانعكاسات من الخارج إلى الداخل ثم إلى الخارج مرة أخرى.
2
وفي هذا الشأن كتب موريس ميرلو-بونتي يقول:
يفتح الرضيع البالغ من العمر خمسة عشر شهرا ثغره إن داعبته بوضع أحد أصابعه بين أسناني والتظاهر بأني أعضه. إلا أنه نادرا ما ينظر إلى وجهه في مرآة، ولا تشبه أسنانه أسناني بأي نحو. والحقيقة هي أن فمه وأسنانه، كما يشعر بهما من داخله، هما في نظره وبصفة مباشرة أداة للعض، وفكي، كما يراه الطفل من الخارج، قادر في نظره مباشرة على الفعل ذاته.
অজানা পৃষ্ঠা