المرتجل في شرح الجمل
لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب
(٤٩٢ - ٥٦٧ هـ)
1 / 1
المرتجل في شرح الجمل
لأبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني قدس الله روحه، مما أملاه الشيخ الإمام العالم ألصدر أوحد الزمان، فريد العصر، زين الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب. رحمة الله عليه. الحمد لله (١).
_________
(١) في (ب): المرتجل في شرح الجمل، أملاه سيدنا الشيخ الأجل العالم الأوحد، زين الدين حجة الإسلام أوحد العصر أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب - أمتع الله بحياته - وارتجاله.
وفي (ج) كتاب فيه شرح الجرجانية لابن الخشاب.
وفي (د): الكتاب المرتجل في التعليق على مختصر عبد القاهر الجرجاني ﵀، المعروف بالجمل. أملاه عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب نفع الله به.
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر بفضلك (١). الحمد لله رب العالمين، وصلواته (٢) على سيدنا محمد والنبي وآله الطيبين الطاهرين.
(قال الشيخ الأجل الإمام العالم الأوحد، زين الدين، أوحد العصر أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب النحوي اللغوي، ﵀ عليه) (٣): هذا (٤) إملاء على مختصر أبي بكر، عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، ﵀، الذي وسمه بالجمل، يجري مجرى الشرح له، وإن كان غير مستقصى. (ارتجلته ممليًا في أيام قليلة العدد، قبل سنة عشرين وخمسمائة، وكان مستمليه على جناح سفر، فوسمته لذلك بالمرتجل، فإن عثر فيه على ما ليس بمحرر، فقد بينت العذر فيه، وعلى الله اعتمد وبه اعتضد) (٥).
قوله: اعلم أن الكلمات ثلاث
الكلمات جمع كلمة، جمع قلة، لأن الثلاث (٦) أقل جمع، والكلمة هي
_________
(١) رب يسر بفضلك: ساقطة من (ب) و(ج).
(٢) في (ج) و(د): وصلواته على محمد خاتم النبيين وعلى إله الأكرمين وفي (ب): وصلواته وسلامه.
(٣) ما بين قوسين ساقط من (ج) و(د).
(٤) في (ج): وبعد فهذا.
(٥) ما بين قوسين من (أ) و(ب).
(٦) في (ج) و(د): لأن الثلاثة أقل العدد، هذا التحقيق، وما خرج عنه تجوز، والكلمة هي.
1 / 4
اللفظة المفردة، وإن شئت قلت: الجزء المفرد. هذا الأصل (١)، وغير اتساع. وجميع ما يتخاطب به الناس (٢) من الجمل المفيدة التي سماها جمهور النحويين كلامًا ألفاظ مؤلفة. وكل مؤلف فله مفردات منها ألف، فالكلام مؤلف، مفرداته هذا الكلم الثلاث (٣)، فهو ينتظمها (٤)، ومنها ينتظم.
وهي: كلمة يصح الإخبار عنها وبها، وكلمة (٥) يخبر بها ولا يصح الإخبار عنها، وكلمة (٦) لا يخبر بها ولا عنها (٧). الأولى تلقب اسمًا والثانية تلقب (٨) فعلًا، والثالثة تلقب حرفًا.
ولكل منها حد (٩) وعلامات واشتقاق. فالحد (١٠) يحصر ذات المحدود والعلامة (١١) تعرفه، والاشتقاق يكشف عن وضع لفظه.
وانقسمت الكلم إلى ثلاثة أقسام لا رابع لها، قسمة (١٢) ضرورية أو كالضرورية، لأن العبارات دوال على المعاني التي تحتها، والمعاني منقسمة إلى ثلاثة أقسام (١٣)، فوجب أن تكون الألفاظ الدالة عليها ثلاثة لا أقل ولا أكثر.
_________
(١) في (ج) و(د): هذا هو الأصل.
(٢) في (أ) الناس به، وفي (ب) و(ج) و(د) وحاشية (أ) في نسخة كما أثبتنا.
(٣) يلي كلمة "كلامًا" في (أ) و(ب) عوضًا عما بين القوسين: وتأليفه من هذه الكلم الثلاث.
(٤) في (ج) ينتظمها جنسًا.
(٥) في (ج) و(د): وأخرى.
(٦) في (ج) و(د): وثالثة.
(٧) في (ب) و(ج): عنها ولا بها.
(٨) في (د) خرم يبدأ بهذه الكلمة، وسنشير إلى انتهائه.
(٩) في (أ): علامات وحد.
(١٠) في (ب) و(ج): والحد.
(١١) حاشية (أ) في نسخة: والعلامات.
(١٢) في (ج): قسمة فيما يرونه.
(١٣) في (ج) أقسام عندهم.
1 / 5
والمعاني ذات يخبر عنها وهي الاسم، وخبر عن تلك الذات (١) وهو الفعل، وواسطة بينهما، إما لإثبات الخبر للمخبر عنه، أو لنفيه عنه، أو لغير ذلك من المعاني وذلك هو الحرف (٢).
فأما الاسم (٣)، فاشتقاقه عند البصريين من سما يسمو إذا علا، كأن أصله سمو كقنو، أو سمو كعضو، بدلالة قولهم في جمعه: أسماء، فهذا كعدل واعدال، وقفل وأقفال، أو كقنو وأقناء، وعضو وأعضاء، ثم حذفوا لامه - وهي الواو - حذفًا، وسكنوا أوله - وهو السين - ليعوضوه من الحذف الذي أجروه الذي أجروه عليه اعتباطًا، فاجتلبوا له همزة الوصل ليقع الابتداء بها فصار اللفظ اسمًا كما ترى.
وذهب الكوفيون إلي أنه مشتق من السمة، فأصله على هذا عندهم وسم، لأن السمة العلامة، والاسم لدلالته على مسماه كالعلامة له. والذي ذهبوا إليه صحيح (٤) من طريق المعنى، فاسد بمقاييس اللفظ، لأنه لو كان من الوسم، وهو أصل السمة لقيل في اشتقاق الفعل منه على فعلت: وسمت ولم يقل: سميت، ولقيل: أوسمت، إذا كان على أفعلت، ولم يقل أسميت، إلا أن يدعوا فيه القلب. وليس القلب بقياس (٥)، ولقيل في جمعه: أوسام، ولم يقل: أسماء، ولقيل (٦) في جمع الجمع: أواسم وأواسيم ولم تقل أسام، ولقيل في تصغيره: وسيم (٧) لاسمي، ولما جاء فيه في بعض لفاته سمى كهدى (٨) كما أنشدوا:
_________
(١) يلي ذلك في (ج): لا يصلح لغير الخبر.
(٢) في (أ): الجملة وفي (ب) و(ج): الحرف، وهو الصواب.
(٣) راجع هذه المسألة في الإنصاف ١: ٦، شرح المفصل ١: ٢٢.
(٤) في (ج): صحيح من جهة المعنى فاسد من جهة اللفظ.
(٥) يلي ذلك في (ج): إنما هو مسموع لا يتعدى ما روي منه.
(٦) في (ج): ولقيل في جمع جمعه.
(٧) في (ج): وسيم أواسيم ولم يقل سمي.
(٨) ما بين قوسين ساقط من (أ) و(ب).
1 / 6
والله أسماك سمى مباركا (١)
وإن كان لا قاطع شاهد فيه.
وكل هذه التصاريف تشهد بصحة قول البصريين. وأيضًا فالتعويض (٢) ينبغي أن يكون مخالفًا موضعه موضع المعوض منه (٣) فهم إذا أوقعوا الحذف أولًا وأرادوا التعويض عوضوا آخرًا، وإذا (٤) حذفوا آخرا وعوضوا عوضوا أولًا، بدليل قولهم: عدة وصاة وبابهما، فاتهم لما حذفوا فاء الكلمة - وهي الواو من عدة - ألزموها تاء التأنيث في آخرها عوضًا من حذف فائها، فلو كان المحذوف من اسم فاءه للزم التعويض لامه، وليس الأمر كذلك.
وأما حده فقد طال (٥) الناس فيه وأكثروا، وأقرب ما حدوه به إلى الصحة عند تحقيق النظر قول من قال: الاسم لفظ يدل على معنى في نفسه غير مقترن بزمان محصل.
فقولهم (٦): "لفظ" هو جنس للاسم، قريب منه، وهكذا يجب أن يوضع في أول الحد جنس المحدود الأقرب، ثم يؤتى من بعده بالفصول التي تميز المحدود من الأنواع المشاركة له (٧) في جنسه.
وقولهم: (٨) "دال على معنى في نفسه" فصل يميز الاسم من الحرف، لأن الحرف يدل على معنى لكن في غيره.
_________
(١) صلته بعدد: آثرك الله به ايثاركا.
وهو معزو لابن الخالد القناني (.. - ..) أسماك: ألهم اهلك أن يسموك.
والشاهد في التنبيهات على أغاليط الرواة: ٣٤٠، الأنصاف في مسائل الخلاف: ١٥ أسرار العربية: ٩، أوضح المسالك ١: ٢٥، لسان العرب (سمو).
(٢) يلي ذلك في (ج): على ما سبر من مقاييس كلام العرب ينبغي أن يخالف موضعه ...
(٣) يلي ذلك في ج: ليعلم أنه ليس بالأصل.
(٤) في (ج): وإذا حذفوا أخرا أوقعوا العرض أولًا.
(٥) في (ب): أطال الناس وأكثروا فيه.
(٦) في (ج): فقوله.
(٧) في (ب) و(ج): المشاركته.
(٨) في (ج): وقوله.
1 / 7
وقولهم (١): "غير مقترن بزمان" فصل يميزه من الفعل، لأن الفعل يدل على معنى في نفسه، ولكن (٢) مقترن بزمان ذلك المعنى.
وقولهم (٣): "محصل" احتراز (٤) من المصدر واسم الفاعل وما جرى مجراهما من الأسماء الدالة على معنى مقترن بزمان، أزمنة هذه مبهمة غير معينة ولا منحصلة.
وأما علاماته فتقسم قسمين: لفظية ومعنوية، فاللفظية إما أن تلحقه من أوله أو في حشوه أو في آخره.
فالتي تلحق من (٥) أوله، كالألف واللام اللتين للتعريف، كقولك: رجل والرجل وغلام والغلام، وكحروف الجر وهي نحو من وإلى وعن وعلى، تقول: من زيد وإلى عمرو (٦) وعن زيد وعلى زيد.
وأما العلامة التي تلحقه في حشوه فنحو ياء التصغير كقولك: رجل ورجيل ودرهم ودريهم.
والتصغير خاصة من خواص الاسم، وربما دخل (٧) ضربًا من الفعل، إلا أنه في الاسم يتناول لفظه، ولإيراد بتصغيره تصغير شيء غيره في معناه، وإذا لحقت الفعل تناولت لفظه، وكان المراد بتصغيره تصغير
_________
(١) في (ج): وقوله.
(٢) في (أ): لكن وفي (ب): ولكن وفي (ج): ولكن بدل مع المعنى على زمنه.
(٣) في (ب) و(ج): احتراز للمصدر.
(٤) في (ج): في.
(٥) في (ج): زيد.
(٦) في (ب) و(ج) وحاشية (أ) في نسخة: دخلت.
(٧) في (ب) و(ج): وحاشية (أ) في نسخة: أنها.
1 / 8
مصدره (١) كقولك في التعجب: ما أحيينه وما أميلحه. فالتصغير قد تناول لفظ الفعل والمراد تصغير المصدر، وهو الحسن والملاحة، ونحو ألف التكسير في قولك: دراهم ودنانير.
وأما ما يلحقه آخرًا فنحو التنوين في قولك: رجل وقوس. والتنوين: نون ساكنة تلحق آخر الاسم المتمكن علامة لخفتيه، ويدخل الكلام على خمسة أقسام.
الأول: التنوين الدال على خفة الاسم المذكور.
والثاني: تنوين يلحق الاسم المبني فرقًا بين المعرفة والنكرة كقولك: صهْ وصهِ، ومهْ ومهٍ، فهذا الاسم وما جرى مجراه، إذا لم تنونته كان معرفة (٢)، وإذا نونته كان نكرة، فإذا قلت صهِ، كان كأنك قلت: افعل السكوت، وإذا قلت صهٍ كان كأنك قلت افعل سكوتًا.
والثالث: تنوين يدخل عوضًا من جملة محذوفة كأن الأصل أن تذكر، وذلك في نحو إذ، إذا قلت حينئذ ويومئذ، فإذ ظرف زماني مبني على السكون والأصل أن تقول: كأن كذا يوم إذ كأن كذا، ثم تحذف الجملة المضاف إليها "إذ" علمًا بها واستغناء بما تقدم عنها، وتعوض "إذ" من الجملة المحذوفة التنوين فيلتقي التنوين وهو ساكن بالذال وهي ساكنة فتكسر الذال لالتقاء الساكنين فيصير اللفظ على ما رأيت، قال الله تعالى ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ (٣) [الحاقة: ١٨]، ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ﴾ (٤) [الرحمن: ٣٩].
_________
(١) يلي ذلك في (ج): فيما يرون وذلك كقولك.
(٢) في ج: كان عندهم معرفة.
(٣) الحاقة: ١٨ ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
(٤) الرحمن: ٣٩.
1 / 9
ومن ذلك قوله الهذلي (١):
(نهيتك عن طلابك أم عمرو ... بعافية وأنت إذ صحيح (٢»
والأصل: وأنت - إذ نهيتك - صحيح، ثم حذفت (٣) الجملة وعوض منها التنوين.
والرابع: تنوين يلحق آخر الجموع المؤنثة السالمة، نظيرًا للنون في الجموع المذكورة السالمة، وذلك في نحو مسلمات وصالحات. فالتنوين في هذا الجمع نظير للنون في مسلمين ورسيل لها، وليس بتنوين الصرف، بدليل قوله ﷿ ﴿فإذا أفضتم من عرفات (٤)، فنون "عرفات"، وهي مؤنث معرفة، وما كان فيه علتان من العلل التسع التي تذكر - إن شاء الله - في باب ما لا ينصرف فإنه يمنع الصرف (٥)، وقد رأيت عرفات كيف استعملت منونة، فدل على أن تنوينها ليس بتنوين الصرف.
ويدلك على أنها معرفة قولهم: هذه عرفات مباركًا فيها، فمباركًا حال منها (٦)، والحال أصلها أن تقع من المعرفة لا من النكرة.
_________
(١) خويلد بن خالد بن محرث، أبو ذؤيب (.. - نحو ٢٧ هـ الموافق .. - ٦٤٨ م) شاعر مخضرم عاش إلى أيام عثمان (٤٧ ق هـ - ٣٥ هـ الموافق ٥٧٧ - ٦٥٦ م). ومات بمصر. قال البغدادي: هو أشعر هذيل من غير مدافعة. طبقات فحول الشعراء: ١٠٣، الشعر والشعراء ٢: ٦٤٣، خزانة البغدادي ١: ٢٠٣.
(٢) ديوان الهذليين ١: ٦٨، شرح المفصل ٩: ٣١، لسان العرب (أذذ، شلل، تفسير أذ وإذا وأذن) خزانة الأدب ٣: ١٤٧، ٥٧١، والرواية في بعض هذه المصادر بعاقبة.
(٣) في (ب) و(ج): حذف.
(٤) البقرة: ١٩٨، والآية بتمامها ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾.
(٥) في (ج): يمنع من الصرف.
(٦) فمباركًا حال منها: ساقطة (ج).
1 / 10
والخامس: تنوين يلحق أواخر الكلم التي تقع في قواف في الشعر (١) المطلق عوضًا عن مذات الترنم، ومدات الترنم الألف في مثل قوله:
(أقلي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت لقد أصابا (٢»
والواو في مثل قوله:
(........ ... سقيت الغيث أيتها الخيامو (٣»
والياء في مثل قوله:
(......... ... كانت مباركة من الأيامي (٤»
_________
(١) في (ب) و(ج) وحاشية (أ) في نسخة: في قوافي الشعر.
(٢) البيت مطلع قصيدة لجرير (٢٨ - ١١٠ هـ الموافق ٦٤٠ - ٧٢٨ م) بهجو فيها الراعي النميري (.. - ٩٠ هـ الموافق .. - ٧٠٩ م)، وهو يدل على أن تنوين الترنم يلحق الترنم يلحق الفعل والمعرف باللام، وقد اجتمعا في هذا البيت.
وهو ديوان جرير: ٦٤، الكتاب ٢: ٢٩٨، نوادر الأنصاري: ١٢٧ الكامل للمبرد: ٧٥٨ المنصف في شرح تصريف المازني ١: ٢٢٤، الخصائص ٢: ٩٦ العمدة لابن رشيق ٢: ٣١٢. شرح ابن عقيل ١: ١٨، لسان العرب (خنى، روى) خزانة البغدادي ١: ٣٤.
(٣) الشاهد مطلع قصيدة لجرير يهجو فيها الأخطل (١٩ - ٩٠ هـ الموافق ٦٤٠ - ٧٠٨ م) والبيت بتمامه:
متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام
وهو في ديوان جرير: ٥١٢، مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢: ٢٤٦، حماسة أبي تمام ٢: ١٧٤، جمهرة ابن دريد، ٢: ١٧١، المنصف ١: ٢٤٤، العمدة لابن رشيق ٢: ٤٦، شرح المفصل ٤: ١٥ شرح شواهد الشافية: ٢٨٨ لسان العرب: (روى، قوى، الخزانة ٣: ٦٧٢).
الطلوح: جمع طلحة، وهي شجرة حجازية طويلة.
(٤) الشاهد من قصيدة لجرير، وهو بتمامه:
(أيهات منزلنا بنعف سويقة ... كانت مباركة من الأيام)
وهو في الكتاب ١: ٢٩٩، شرح المفصل ٤: ٣٦، لسان العرب: (روى، قوى) ولم أعثر عليه في ديوانه.
لعف: مكان مرتفع، سويقة: تصغير ساق: مواضع كثيرة في بلاد العرب، وهي قاعدة مستطيلة تشبه بساق الإنسان، موضع قرب المدينة، جبل بين ينبع والمدينة، راجع معجم البلدان ٥: ١٨.
1 / 11
فيقع هذا التنوين موقع هذه الحروف، فيكون الإنشاد:
(أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي إن أصبت لقد أصابن)
وكذلك ينشد الذاهب هذا المذهب في الإنشاد:
(........ ... سقيت الغيث أيتها الخيامن)
(و............ ... كانت مباركة من الأيامن)
فهذه أقسام التنوين في قول الجمهور من النحاة.
والتنوين الذي يعتبر (١) به الاسم فيكون علامة له هو الأول وما يليه وهو غنة تلحق آخر الاسم، تثبت وصلا في اللفظ وتحذف في الخط لأن موضوع على الوقف.
ومن خواص الاسم اللفظية اللاحقة آخره الفذ التثنية وواو الجمع في مثل قولك: الزيدان والزيدون، والياء الواقعة موقعهما في (٢) مثل الزيدين والزيدين.
ومن خواصه: الإضافة، وهو أن يضاف أو يضاف إليه كقولك: غلام زيد، فغلام اسم مضاف وزيد اسم مضاف إليه.
ومن خواصه أن يوصف، كقولك: الرجل: الظريف، أو (٣) يضمر كقولك زيد مررت به.
فهذه أغلب علاماته اللفظية.
وأما علاماته المعنوية فنحو (٤) أن يكون فاعلًا أو مفعولا كقولك:
_________
(١) في (أ) و(ب) يعمر. يعتبر من العبرة، واستعمالها هنا خطأ شائع، صوابه يعد.
(٢) في: ساقطة من (ب) و(ج).
(٣) في (ب) و(ج): وأن.
(٤) في (ج): فمثل.
1 / 12
ضرب زيد عمرًا، فزيد فاعل وعمرو مفعول، وأن يخبر عنه تارة، ويخبر به أخرى كقولك: الرجل قائم، فالرجل مخبر عنه (١)، والقائم الرجل، فالرجل ها هنا خبر، وعلى هذا علاماته المعنوية.
* * *
_________
(١) يلي ذلك في (ج): بقولك.
هذه الصورة خبرًا، وكأن في تلك.
1 / 13
فصل في حد الفعل
وأما الفعل، فحده أنه لفظة تدل على معنى في نفسها مقترن بزمان محصل. فقولنا: "تدل على معنى في نفسها" احتراز من الحرف (١)، لأن الخرف يدل على معنى في غيره.
وقولنا (٢): "تدل على زمان"، لأن الفعل وضع ليدل على الزمان، ولهذا انقسمت معانيه في الدلالة على الزمان بانقسام الزمان، فكأن ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، كما أن الزمان منه ماض وحاضر ومستقبل.
والفرق بينه وبين الاسم أن الاسم لا يدل مع معناه على زمان ذلك المعنى، إلا المصادر خاصة فإنها تدل على أزمنة مبهمة، فزادوا في حد الفعل لفظة "محصل" ليقع الفرق بين الأفعال ومصادرها.
_________
(١) يلي ذلك في (ج): وفصل بينه وبين كما قيل في الاسم. والدلالة على المعنى بالإطلاق تشترك فيها الكلم الثلاث، وبالتخصيص المذكور تقع الميزة، ويتقوم كل محدود بفصله.
(٢) في (ج) عوضًا عن هذه الجملة من (وقولنا) حتى (ومصادرها) العبارة التالية: وقيل في حد الفعل: يدل على زمان، لأنه اقتطع اسم الحدث وهو المصدر ليدل على زمن المعنى الذي تحته مما وضع للدلالة عليه أولًا، وهو المصدر يشتركان في ذاك لكن المصدر يدل على زمن مبهم والفعل يدل على الزمن المعين، وهو الذي أشير إليه في حده بقولهم "محصل"، ولهذا انقسمت صيغه بانقسام الزمان، فكان منه الماضي وهو المنقضي، والحال عنه من يسرى الحال ويثبته وهو الدائم الراهن يراد بذاك وجوده، وأنه لم ينقطع ولم يتصرم، والمستقبل وهو الذي يقابل الماضي ويشاركه في أن زمن الأخبار به غير زمن وجوده.
ومن البين أن الفعل قد باين مصدره بانقسامه انقسام الزمان في المضي والحضور والاستقبال فامتاز منه، وباين غير المصادر من الأسماء بدلالته على زمن معناه وضعًا لا عرضًا فافهم. وبلفظة محصل ومعين حد الفعل حد المصدر وغيره مما دل على زمن مبهم.
1 / 14
وسموه فعلًا ولم يسموه عملًا، لأن الفعل أهم من العمل (١)، ألا ترى أنك إذا أمرت مأمورًا بالبناء مثلًا، فقلت: ابن دارًا فائتمر جاز أن يقول: قد عملت ما أردت، وجاز أن يقول: قد فعلت، ولو قلت: تكلم مثلًا، ففعل، لم يقل إلا: قد فعلت ولم يحسن أن يقول: قد عملت فالفعل على ما أريتك أعم من العمل، فلذلك لقبوا هذا القسم فعلًا ولم يلقبوه عملًا، ولعلة أخرى حسنت فيه هذا اللقب دون غيره (٢).
فأما علاماته فمنها أيضًا لفظية، ومنها معنوية، فمن اللفظية أن يحسن دخول قد عليه كقولك: قد قام، وقد قعد، وقد يقوم وقد يقعد.
وقد حرف يقرب (٣) الفعل الذي يدخل عليه من زمن الوجود أي الحال.
ومنها السين وسوف، وهما حرفان إذا دخلا على الفعل المضارع (٤) أخلصاه للاستقبال وخلصاه من الشياع الذي كان يحتمله قبل دخولهما عليه، وذلك أن لفظ المضارع - مجردًا (٥) من قرينة - يحتمل الحال والاستقبال، فهو صالح لهما على سبيل
_________
(١) في (ج) عوضًا عن هذه العبارة: قالوا: وسمي فعلًا، لأن المصدر الذي هو أصله فعل في المعنى، وقالوا فعل ولم يقولوا عمل، لأن لفظة فعل أهم من لفظة عمل.
(٢) في (ج) عوضًا من هذه العبارة من ولو قلت .. حتى غيره: ولو قلت تكلم فتكلم لقال: قد فعلت، ولم يسغ في عرف الاستعمال أن يقول: قد عملت. فالفعل على هذا أعم في الاستعمال من العمل، فلهذا لقبوا هذا القسم من الكلم الثلاث فعلا ولم يلقبوه عملًا ولغير ذاك مما حسن عندهم تلقيبه فعلًا دون غيره.
(٣) في (ج): يقرب الفعل الذي يدخل عليه من الماضي من زمن الوجود مع تأكيده أي الحال، ويفيد في المستقبل تقليلًا ...
(٤) المضارع: ساقطة من (أ) و(ب).
(٥) في (ج): إذا تجرد.
1 / 15
البدل، فإذا قلت (١): زيد يضرب احتمل "يضرب" أن يكون الحال، وجاز أن يكون للاستقبال، والحال أولى به لأنها الحاصلة الموجودة فإذا (٢) أردت أن تخلصه للاستقبال وترفع عنه احتماله للحال أدخلته السين أو سوف فقلت: سيقوم أو سوف يقوم، فخلص للاستقبال، ولم يحتمل مع دخولهما إياه معنى غيره.
وهما - وإن دلا على هذا المعنى واشتركا فيه - فبينهما فرق في الاستعمال، وذلك (٣) أن سوف أشد تنفيسًا زمانًا من الزمان الذي تدل عليه السين. وكل مع ذاك للاستقبال.
فقولك على هذا: سوف أكرمك، أشد تراخيًا وبعدًا في الزمن المستقبل من قولك: سأكرمك، وسأكرمك أقرب إلى زمن وجودك من سوف أكرمك.
وتتصل السين بالفعل اتصالًا أشد من اتصال سوف به، وذلك ظاهر لأنها - أعني السين - على حرف واحد، فهي أشبه بما عليه غالب الحروف في اللفظ، وسوف على ثلاثة أحرف، فهي (٤) قريبة الشبه من صيغ الأسماء (ومن خاصة الأسماء في الدلالة الاستقبال والاكتفاء) (٥) ولذلك ساغ دخول اللام على سوف في مثل قوله ﷿ ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
_________
(١) في (ج): فقولك: "زيد يضرب" يحتمل أن يكون في حال ضرب، وأن يكون مستقبلاله أي سيكون منه ضرب، والحال أولى بهذا الفعل من الاستقبال لأنها الحاصلة الموجودة مع احتماله غيرها.
(٢) في (ج): فان.
(٣) في (ج): وذلك أن سوف فيما أصلوه بعد البر أشد تنفيسًا وأوسع زمانًا من الزمان الذي محضته السين.
(٤) في (ج): فهي أشبه بما عليه غالب صيغ الأسماء.
(٥) ما بين قوسين ساقط من (أ) و(ب) ومثبت في (ج).
1 / 16
رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ (١) [الضحى: ٥] ولم يجز دخولها في السين، فلا تقول مثلًا: ولسأكرمك (٢).
وليست عند المحققين (٣) - أعني السين - محذوفة من سوف، وإن أعطت معناها وكانت كبعض لفظها، بل كل منهما حرف موضوع برأسه.
وذهب الكوفيون لما رأوا السين تدل من الإخلاص للاستقبال على ما تدل عليه سوف، وأنها كبعض لفظها (٤) إلى أنها محذوفة منها ورووا: سوف أفعل، وسوف أفعل - بحذف الفاء - وسأفعل بحذف الواو والفاء (٥) (وليس باب الحروف الحذف ولا التصرف).
ويدلك على الميزة بينهما أنك تفرق بينهما في التسمية بهما - لو سميت - فتقول: إذا سميت بسوف أو أجريتها اسمًا بإخبارك عنها هذا سوف وإن سوفًا كما قال: إن ليتا (٦)، ولو أردت هذا في السين لقلت فيه: ساء، بما بينوه، فاعلمه (٧).
ومن علاماته اللفظية اتصال تاء الضمير وواوه وألفه ونونه به كقولك: قمت وقاما وقاموا وأشباه ذلك من (٨) ضمائر الفاعلين.
وإنما كانت هذه خاصة للفعل - أعني اتصال هذه الضمائر به - لأنها (٩) فاعلة والفاعل يفتقر إليه الفعل، والأسماء لا تفتقر إلى
_________
(١) الضحى ٩٣: ٥.
(٢) في (ج): لسأكرمك.
(٣) انظر الأصناف ٢/ ٦٤٦، شرح المفصل ٨: ١٤٨، وهو يقصد بقوله "المحققين" البصريين، لأنه قارن بين قولهم وقول الكوفيين.
(٤) وأنها كبعض لفظها: ساقطة من (ب) و(ج).
(٥) انتهى الحرم في (د).
(٦) يشير إلى قول أبي زبيد الطائي (؟):
(ليت شعري وأين مني "لبت" ... أن "ليتا" وأن "لوا" عناء)
(٧) ما بين قوسين ساقط من (أ) و(ب) ومثبت في (ج) و(د).
(٨) في (ج) و(د): من الضمائر.
(٩) في (ج) و(د): لأنها ضمائر الفاعلين والفعل مفتقر إلى الفاعل مظهرًا كان أو مضمرًا والأسماء لا تفتقر إلى الفاعل بحق الأصل لا الظاهر منه ولا المضمر، فلم تتصل ..
1 / 17
الفاعل بحق الأصل، فلم تتصل هذه الضمائر به.
فإن اتفق من الأسماء ما يفتقر إلى الفاعل (١) كالمصادر المعملة عمل الأفعال، وأسماء الفاعلين الجارية عليها، والصفات المشبهة بها، وما جرى هذا المجرى (كانت في الاحتياج إلى الفاعل محمولة على الفعل و) (٢) لم تتصل هذه الضمائر به (٣) كاتصالها بالفعل، لأن الفعل له العمل بحق الأصل، وهذه الأسماء فروع عليه (في العمل) (٤) معها جملة مستغنية قائمة بنفسها، والأفعال معتد بما تتضمنه من الضمائر، ألا ترى أنك إذا قلت: زيد يضرب، كان "يضرب" جملة تامة (٥) من فعل وفاعل بالضمير الذي يتضمنه "يضرب"، إذ التقدير زيد يضرب هو، ولو قلت: زيد ضارب لكان (٦) ضارب متحملًا ضميرًا يرجع إلى زيد، ويرتفع بضارب رفع الفاعل بفعله، ولكن لا يعتد به، فيكون مع ضارب جملة كما كان جملة مع الفعل بدليل أنه يجوز أن تقول: يعجبني الذي يضرب، ولا تقول: يعجبني الذي ضارب إلا على تقدير ضعيف في القياس، وهو أن يقدر حذف فيكون التقدير الذي هو ضارب.
ومن خواصه اتصال التاء الساكنة للتأنيث بآخره (٧)، كقولك: قامت جمل وقعدت هند ونعمت المرأة وبئست الجارية، كما قال الشاعر:
_________
(١) في (ج) و(د): فاعل.
(٢) ما بين قوسين ساقط من (آ) و(ب).
(٣) في (ج) و(د): بها على حد اتصالها بالفعل.
(٤) في (ج) و(د): فتكون بها جملًا مستقلة كما يكون ذلك في الأفعال.
(٥) يلي ذلك في (ج) و(د): بالضمير الذي فيه، والتقدير يضرب هو.
(٦) في (ج) و(د): لتحمل ضارب ضميرًا راجعًا إلى زيد كما رجع إليه من يضرب، ولم يكن ضارب مع الضمير فيه جملة بدليل يعجبني الذي يضرب، ولا يجوز الذي ضارب في مطرد الاستعمال.
(٧) في (ج) و(د): بآخر الماضي منه.
1 / 18
(................. ... ... نعمت زورق البلد (١»
تاء التأنيث تدخل الأسماء على حد، وتدخل الأفعال على غير ذلك الحد في المعنى، فلذلك اختلف حكماها (٢) في اللفظ، لأن التي تلحق الأسماء (تلحقها) (٣) (لمعنى) يصح وجوده في الاسم حقيقة، وهو التأنيث، وتتناول لفظ الفعل لمعنى لا يصح وجوده في الفعل حقيقة، إذ الأفعال لا يكون منها مذكر، ومنها مؤنث على الحقيقة (٤) فدخول التاء (الساكنة) (٥) فيها إنما هو للدلالة على تأنيث فاعلها.
فالتي (٦) تدخل الأسماء تتحرك وتكون حرف إعراب في الاسم، ويختلف حكمها في الوصل والوقف في اللغة الجيدة، فتكون تاء في الوصل، فإذا وقفت عليها قلبتها هاء، كقولك: قائمة ومسلمة (والخط على الوقف فلذلك كتبت في حالتيها هاء .. وهي في الفعل كيف وقعت تاء ممدودة) (٧). ومن (٨) العرب من يقف على لفظها الذي لها في الوصل، فتكون تاء في
_________
(١) الشاهد من قصيدة لذي الرمة (٧٧/ ٦٩ - ١١٧/ ٧٣٥) مدح بها بلال بن أبي بردة (.. - ١٢٦/ ٧٤٤)، والبيت بتمامه:
(أو حرَّة عيطل "ثبجاء" مجفرة ... دعائم النور نعمت زورق البلد)
أنت نعم، مع أنه مسند إلى مذكر وهو زورق البلد، لأنه يريد الناقة فأنت على المعنى. الحرة: الكريمة وأراد بها الناقة، العيطل: الطويلة العنق. ثبجاء: الثبج: الصدر قال ابن يعيش: ثبجاء: عظيمة السنام. الدعائم: القوائم، الزور: أعلى الصدر. مجفرة: عظيمة الجرم. ونصب دعائم الزور على التشبيه بالمفعول به فهو من باب الحسن الوجه. وهو في الديوان ٢٠٣، معاني القرآن ١: ٢٦٨، اللسان (نعم) و(زرق)، الخزانة ٤: ١١٩.
(٢) في (آ) و(د): حكماهما.
(٣) تلحقها: ساقطة من الأصل ومثبتة في (ب) و(جـ) و(د).
(٤) يلي ذلك في (ج) و(د): فتحتاج إلى علامة فارقة بين المعنيين.
(٥) الساكنة: ساقطة من (آ) ومثبتة في (ب) و(جـ) و(د).
(٦) في (ج) و(د): والتي تدخل الاسم تتحرك، وتكون حرف إعراب فيه، ويختلف حكم اللفظ بها في الوصل ..
(٧) ما بين القوسين ساقط من (آ)، (ب).
(٨) في (ج) و(د): ومن العرب من يقف عليها في الأسماء بالتاء كما يصلها أهل اللغة الكثرى.
1 / 19
الحالتين فيقول: هذه قائمة ومسلمت، وعليه أنشدوا:
(الله نجاك بكفي مسلمت ... .......... (١»
وروي في بعض كلامهم: يا أصحاب سورة البقرة، فأجاب المجيب: والله ما معي منها آيت، يريد ذلك البقرة، ويريد هذا آية.
والتاء الداخلة على الفعل تاء ساكنة في الوصل والوقف، لا تتحرك إلا أن يلقاها ساكن كقولك: قامت المرأة.
ومن خواصه دخول حرف الجزم عليه كقولك: لم يضرب ولم يقم ولم يرم.
وحروف الجزم في الأفعال نظيرتها (٢) حروف الجر في الأسماء، لأن معاني كل واحد من القسمين - أعني الجوار والجوازم - إنما تصح فيما اختصت به فالجوار - مختصة بالاسم، لأن معانيها لا تصح إلا فيه، والجوازم مختصة بالأفعال لأن معانيها لا تصح إلا فيها، والحرف إنما وضع (٣) بحيث يصح معناه.
ومن خواصه اتصال النون الشديدة أو الخفيفة به للتأكيد كقولك: هل تقومن يا زيد وهل تقومن يا عمرو، فهاتان النونان تدخلان الفعل لتأكيده، فهما من خواصه كما أن التنوين من خواص الأسماء.
فأما علاماته الفعل المعنوية، فمثل أن (٤) يكون أبدًا مسندًا إلى غيره
_________
(١) الشاهد من أربعة أبيات من الرجز المشطور لأبي النجم العجلي (.. - ١٣٠/ ٧٤٧) وهي:
(الله نجَّاك بكفي سلمت ... من بعدما وبعدما وبعدمت)
(صات نفوس القوم عند الغلصمت ... وكادت الحرة أن تدعى أمت)
والغلصمت: رأس الحلقوم. وهو في: أوضح المسالك ٣: ٢٩١، قطر الندى: ٣٢٥ والرواية فيها: والله أنجاك، شرح المفصل ٥: ٨٩، شرح شواهد الثافية: ٢١٨ اللسان (ما - حرف الألف اللينة).
(٢) في (آ) و(د): نظيرها.
(٣) في (ج) و(د): يوضع.
(٤) في (ب) و(د): أنه.
1 / 20
ولا يسند غيره إليه، وربما جعل (١) هذا حدًا له وليس بحد بل رسم (٢) له والحد التام له ما بدأنا به.
ولفظة الإسناد أعم من لفظة الإخبار، لأن الإخبار ما احتمل الصدق والكذب فلم ينطلق إلا على ما احتملهما، والإسناد ينطلق على ما احتملهما وهو الخبر وعلى ما لا يحتملهما كالاستفهام والنهي وما أشبه ذلك مما ليس بخبر، فكل خبر مسند، وليس كل مسند خبرًا، فلهذا كان استعمال الإسناد في تعريف الفعل أولى من استعمال الإخبار.
فأما انقسام الفعل في الصيغ إلى ثلاثة أقسام، فأمر يخص لفظه، وهو المعنى الذي يسمى التصرف.
فمنها أن يكون للماضي فيكون آخره مفتوحًا أبدًا ما لم يتصل به ضمير الفاعل كقولك: قام زيد وخرج عمرو أو زيد قام وعمرو خرج، فإذا اتصل به ضمير الفاعل سكن آخره مع تاء المتكلم والمخاطب، ذكرًا كان أو أنثى، ونون جماعة الإناث كقولك: ذهبتُ، وذهبتَ، وذهبتِ، وذهبنَ، وذهبتما، وذهبتم، وذهبتن، وضم مع اتصال الواو التي للغيب الفاعلين به، فقلت: ذهبوا.
ومنها أن تدخله الزوائد الأربع في أوله كهمزة المتكلم في قولك: أقوم أنا وتاء المخاطب المذكر كقولك: تقوم أنت، والمؤنثة الغائبة كقولك: نقوم هي، ونون المتكلم ومن معه، أو الواحد العظيم في نفسه حملًا على الجامعة نحو: نقوم نحن، وياء المذكر الغائب نحو: يقوم هو.
فهذه الحروف الأربعة تسمى حروف المضارعة، والفعل الذي دخلته يسمى مضارعًا، وسمي مضارعًا لمشابهته الأسماء، والمضارعة في اللغة المشابهة
_________
(١) في (ج) و(د): جملة بعضهم.
(٢) بل رسم: ساقطة من (د).
1 / 21