تردد جيمي للحظة ثم ارتأى أن الحقيقة هي السبيل الأسرع والأيسر.
فقال: «يؤسفني ما سأخبرك به يا صديقي. يؤسفني أن أخبرك بذلك، لكن الحقيقة أن الطفل ليس لديه أم. فقد كانت مهمة إحضاره إلى العالم شاقة جدا عليها. ودفعت حياتها ثمنا لحياته. ستسر حين تعلم أنها كانت مثل عمتك بيث. فقد رحلت لترى ما الذي تخبئه لها السموات وهي تضحك، تضحك عاليا، تضحك أروع ضحكات الرضا والبهجة.»
من موقعه على الأرض جعل الكشافة الصغير يحدق إلى جيمي بعينين مفتوحتين على اتساعهما وهز رأسه موافقا ببطء. «أعتقد أن تلك كانت ابتسامة العمة بيث وقد تحققت. إنها نوع الضحكة التي كانت تقصدها بتلك الابتسامة لو كانت صدرت منها وجاءت عالية. لقد أخبرتك أن الموت شيء جميل، لكنني لا أعلم ماذا سيحدث لجيمي الصغير الجديد هذا. فإنك لم تر قط كم الترطيب بالزيت والتحميم والتضميد وتغيير الحفاظات والإكساء وقياس الوزن ... لم تر قط شيئا يعادل الأشياء التي تفعلها أمي بصغيرنا جيمي.»
وبعد ذلك نهض الكشافة الصغير فجأة على إحدى ركبتيه ثم على الأخرى، وإذا به يقوم واقفا بتأن، وفي غمرة انهماكه، سار مرتبكا إلى الهاتف وأخذ السماعة وطلب رقما. فيما ظل جيمي واقفا لاهث الأنفاس، خائفا، يستمع إلى طرف واحد من المحادثة. «أريد أمي.» «أهلا يا أماه، أهذه أنت؟» «اسمعي يا أماه، لقد وقعنا في مأزق صعب للغاية هذا الصباح! فلدينا طفل صغير نحيف حديث الولادة، يبدو تماما مثل جيمي حين جاء من المستشفى، مثله في الرقة والجمال وكل شيء. لكن سأخبرك بأصعب ما في المسألة يا أماه. إن إحضاره للدنيا كان شاقا جدا على أمه. فقد ماتت أمامنا ولم تعد معنا، فأخذنا الطفل بالطبع، وهو يدعى جيمي على اسم أبيه، مثل صغيرنا بالضبط! وقد ظننا يا أماه أن مارجريت كاميرون سوف تأخذه وترعاه من أجلنا لكن طرأت مشكلة أخرى. فقد ذهبت في زيارة ولن تكون في المنزل مدة ثلاثة أيام أو أربعة، وليس لدينا شيء لنطعمه إياه!»
أحكم الكشافة الصغير يده على ميكروفون السماعة، والتفت إلى جيمي، وسأله بهمس متوتر: «هل لدينا أي ملابس؟»
فقال جيمي: «أعتقد ذلك.»
التفت الصغير ليكمل المكالمة. «لدينا الكثير من الملابس. كل ما نحتاج إليه. ما نريده هو شخص ليدهنه بالزيوت ويطعمه ويغير ...»
عندئذ قفز الكشافة الصغير في الهواء وندت عنه صيحة. «أحسنت، يا أماه! كنت أعلم أنك ستستجيبين! هل تعلمين لماذا لم أطلب منك ذلك؟ حتى أعطيك الفرصة! كنت أعلم من البداية أنك ستفعلين. على الأقل، كنت متأكدا تماما من ذلك. اسمعي يا أماه، فلتأخذي السيارة المكشوفة وأسرعي في القيادة! فقد يبدأ في الصراخ في أي لحظة، ونحن لا ندري ما العمل. لقد ولد لتوه الليلة الماضية. جيمي مرتبك للغاية، وأنا خائف. خذي أقصر الطرق، وإذا قابلك شرطي السرعة فاهربي منه، وامضي في طريقك!»
وضع قائد الكشافة السماعة والتفت إلى جيمي. ثم رفع منكبيه، وشمخ بذقنه، وارتسم على ملامحه تعبير بالرضا، ثم انطلقت بغتة أنفاسه التي كانت مكتومة.
قال قائد الكشافة: «همم! أليست رائعة! ألاحظت ما حدث! لم أضطر حتى إلى أن أطلب منها المجيء! ستأتي في الحال، وبمنتهى السرعة! ما كان بيب روث لاعب البيسبول الشهير ليستجيب أسرع من ذلك! لقد قالت، قالت: «سوف أرعاه من أجلك»، بمنتهى البساطة!» وبرشاقة متناهية راح يؤرجح يديه جيئة وذهابا كأنه يمسك مضرب بيسبول. «بمنتهى البساطة! لو كانت الحياة مضمار خيل، فسوف أراهن بما معي من نقود على أمي!»
অজানা পৃষ্ঠা