মুকাদ্দিমা ইবন সালাহ

ইবন সালাহ d. 643 AH

মুকাদ্দিমা ইবন সালাহ

علوم الحديث

তদারক

نور الدين عتر

প্রকাশক

دار الفكر- سوريا

প্রকাশনার স্থান

دار الفكر المعاصر - بيروت

ـ[معرفة أنواع علوم الحديث، ويُعرف بمقدمة ابن الصلاح]ـ المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن، أبوعمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: ٦٤٣هـ) المحقق: نور الدين عتر الناشر: دار الفكر- سوريا، دار الفكر المعاصر - بيروت سنة النشر: ١٤٠٦هـ - ١٩٨٦م عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

অজানা পৃষ্ঠা

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) الْحَمْدُ لِلَّهِ الْهَادِي مَنِ اسْتَهْدَاهُ، الْوَاقِي مَنِ اتَّقَاهُ، الْكَافِي مَنْ تَحَرَّى رِضَاهُ، حَمْدًا بَالِغًا أَمَدَ التَّمَامِ وَمُنْتَهَاهُ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَكْمَلَانِ عَلَى نَبِيِّنَا وَالنَّبِيِّينَ، وَآلِ كُلٍّ، مَا رَجَا رَاجٍ مَغْفِرَتَهُ وَرُحْمَاهُ، آمِينَ. هَذَا، وَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْعُلُومِ الْفَاضِلَةِ، وَأَنْفَعِ الْفُنُونِ النَّافِعَةِ، يُحِبُّهُ ذُكُورُ الرِّجَالِ وَفُحُولَتُهُمْ، وَيُعْنَى بِهِ مُحَقِّقُو الْعُلَمَاءِ وَكَمَلَتُهُمْ، وَلَا يَكْرَهُهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رُذَالَتُهُمْ وَسَفَلَتُهُمْ. وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الْعُلُومِ تَوَلُّجًا فِي فُنُونِهَا، لَا سِيَّمَا الْفِقْهُ الَّذِي هُوَ إِنْسَانُ عُيُونِهَا. وَلِذَلِكَ كَثُرَ غَلَطُ الْعَاطِلِينَ مِنْهُ مِنْ مُصَنِّفِي الْفُقَهَاءِ، وَظَهَرَ الْخَلَلُ فِي كَلَامِ الْمُخِلِّينَ بِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَلَقَدْ كَانَ شَأْنُ الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى عَظِيمًا، عَظِيمَةً جُمُوعُ طَلَبَتِهِ، رَفِيعَةً مَقَادِيرُ حُفَّاظِهِ وَحَمَلَتِهِ. وَكَانَتْ عُلُومُهُ بِحَيَاتِهِمْ حَيَّةً، وَأَفْنَانُ

1 / 5

فُنُونِهِ بِبَقَائِهِمْ غَضَّةً، وَمَغَانِيهِ بِأَهْلِهِ آهِلَةً، فَلَمْ يَزَالُوا فِي انْقِرَاضٍ، وَلَمْ يَزَلْ فِي انْدِرَاسٍ حَتَّى آضَتْ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَ أَهْلُهُ إِنَّمَا هُمْ شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةُ الْعَدَدِ، ضَعِيفَةُ الْعُدَدِ. لَا تُعْنَى عَلَى الْأَغْلَبِ فِي تَحَمُّلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ سَمَاعِهِ غُفْلًا، وَلَا تَتَعَنَّى فِي تَقْيِيدِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ كِتَابَتِهِ عُطْلًا، مُطَّرِحِينَ عُلُومَهُ الَّتِي بِهَا جَلَّ قَدْرُهُ، مُبَاعَدِينَ مَعَارِفَهُ الَّتِي بِهَا فُخِّمَ أَمْرُهُ. فَحِينَ كَادَ الْبَاحِثُ عَنْ مُشْكِلِهِ لَا يُلْفِي لَهُ كَاشِفًا، وَالسَّائِلُ عَنْ عِلْمِهِ لَا يَلْقَى بِهِ عَارِفًا، مَنَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ ﵎ عَلَيَّ وَلَهُ الْحَمْدُ أَجْمَعُ بِكِتَابِ " مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ "، هَذَا الَّذِي بَاحَ بِأَسْرَارِهِ الْخَفِيَّةِ، وَكَشَفَ عَنْ مُشْكِلَاتِهِ الْأَبِيَّةِ، وَأَحْكَمَ مَعَاقِدَهُ، وَقَعَّدَ قَوَاعِدَهُ، وَأَنَارَ مَعَالِمَهُ، وَبَيَّنَ أَحْكَامَهُ، وَفَصَّلَ أَقْسَامَهُ، وَأَوْضَحَ أُصُولَهُ، وَشَرَحَ فُرُوعَهُ وَفُصُولَهُ، وَجَمَعَ شَتَاتَ عُلُومِهِ وَفَوَائِدِهِ، وَقَنَصَ شَوَارِدَ نُكَتِهِ وَفَرَائِدِهِ. فَاللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي بِيَدِهِ الضُّرُّ وَالنَّفْعُ، وَالْإِعْطَاءُ وَالْمَنْعُ أَسْأَلُ، وَإِلَيْهِ أَضْرَعُ وَأَبْتَهِلُ، مُتَوَسِّلًا إِلَيْهِ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ، مُتَشَفِّعًا إِلَيْهِ بِكُلِّ شَفِيعٍ، أَنْ يَجْعَلَهُ مَلِيًّا بِذَلِكَ

1 / 6

وَأَمْلَى وَفِيًّا بِكُلِّ ذَلِكَ وَأَوْفَى. وَأَنْ يُعَظِّمَ الْأَجْرَ وَالنَّفْعَ بِهِ فِي الدَّارَيْنِ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ. (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ). وَهَذِهِ فَهْرَسَةُ أَنْوَاعِهِ: الْأَوَّلُ مِنْهَا: مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ مِنَ الْحَدِيثِ. الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الْحَسَنِ مِنْهُ. الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الضَّعِيفِ مِنْهُ. الرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ الْمُسْنَدِ. الْخَامِسُ: مَعْرِفَةُ الْمُتَّصِلِ. السَّادِسُ: مَعْرِفَةُ الْمَرْفُوعِ. السَّابِعُ: مَعْرِفَةُ الْمَوْقُوفِ. الثَّامِنُ: مَعْرِفَةُ الْمَقْطُوعِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُنْقَطِعِ. التَّاسِعُ: مَعْرِفَةُ الْمُرْسَلِ. الْعَاشِرُ: مَعْرِفَةُ الْمُنْقَطِعِ. الْحَادِيَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُعْضَلِ، وَيَلِيهِ تَفْرِيعَاتٌ، مِنْهَا فِي الْإِسْنَادِ الْمُعَنْعَنِ، وَمِنْهَا فِي التَّعْلِيقِ. الثَّانِيَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ التَّدْلِيسِ وَحُكْمُ الْمُدَلِّسِ.

1 / 7

الثَّالِثَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الشَّاذِّ. الرَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ. الْخَامِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الِاعْتِبَارِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ. السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ وَحُكْمُهَا. السَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْأَفْرَادِ. الثَّامِنَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّلِ. التَّاسِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُضْطَرِبِ مِنَ الْحَدِيثِ. الْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُدْرَجِ فِي الْحَدِيثِ. الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ. الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَقْلُوبِ. الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ صِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، وَمَنْ تُرَدُّ رِوَايَتُهُ. الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَتَحَمُّلِهِ، وَفِيهِ بَيَانُ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ وَأَحْكَامِهَا وَسَائِرِ وُجُوهِ الْأَخْذِ وَالتَّحَمُّلِ، وَعِلْمٌ جَمٌّ. الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، وَكَيْفِيَّةُ ضَبْطِ الْكِتَابِ وَتَقْيِيدِهِ، وَفِيهِ مَعَارِفُ مُهِمَّةٌ رَائِقَةٌ. السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَشَرْطِ أَدَائِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَفِيهِ كَثِيرٌ مِنْ نَفَائِسِ هَذَا الْعِلْمِ.

1 / 8

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ الْمُحَدِّثِ. الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ. التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ. النَّوْعُ الْمُوفِي ثَلَاثِينَ: مَعْرِفَةُ الْمَشْهُورِ مِنَ الْحَدِيثِ. الْحَادِي وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْغَرِيبِ وَالْعَزِيزِ مِنَ الْحَدِيثِ. الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ. الثَّالِثُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُسَلْسَلِ. الرَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ نَاسِخِ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخِهِ. الْخَامِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُصَحَّفِ مِنْ أَسَانِيدِ الْأَحَادِيثِ وَمُتُونِهَا. السَّادِسُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ. السَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ. الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَرَاسِيلِ الْخَفِيِّ إِرْسَالُهَا. التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ ﵃. الْمُوفِي أَرْبَعِينَ: مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ ﵃. الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْأَكَابِرِ الرُّوَاةِ عَنِ الْأَصَاغِرِ. الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُدَبَّجِ وَمَا سِوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ. الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ. الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ رِوَايَةِ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ.

1 / 9

الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: عَكْسُ ذَلِكَ: مَعْرِفَةُ رِوَايَةِ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ. السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ مَنِ اشْتَرَكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ رَاوِيَانِ مُتَقَدِّمٌ وَمُتَأَخِّرٌ، تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا. السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ. الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ بِأَسْمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ نُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُفْرَدَاتِ مِنْ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ. الْمُوفِي خَمْسِينَ: مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى. الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ كُنَى الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَسْمَاءِ دُونَ الْكُنَى. الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ أَلْقَابِ الْمُحَدِّثِينَ. الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ. الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ. الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: نَوْعٌ يَتَرَكَّبُ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ. السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الرُّوَاةِ الْمُتَشَابِهِينَ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، الْمُتَمَايِزِينَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الِابْنِ وَالْأَبِ. السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ. الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْأَنْسَابِ الَّتِي بَاطِنُهَا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا. التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُبْهَمَاتِ. الْمُوفِي سِتِّينَ: مَعْرِفَةُ تَوَارِيخِ الرُّوَاةِ فِي الْوَفَيَاتِ وَغَيْرِهَا. الْحَادِي وَالسِتُّونَ: مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ مِنَ الرُّوَاةِ. الثَّانِي وَالسِتُّونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ. الثَّالِثُ وَالسِتُّونَ: مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ.

1 / 10

الرَّابِعُ وَالسِتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ. الْخَامِسُ وَالسِتُّونَ: مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ. وَذَلِكَ آخِرُهَا، وَلَيْسَ بِآخِرِ الْمُمْكِنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّنْوِيعِ إِلَى مَا لَا يُحْصَى، إِذْ لَا تُحْصَى أَحْوَالُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَصِفَاتُهُمْ، وَلَا أَحْوَالُ مُتُونِ الْحَدِيثِ وَصِفَاتُهَا، وَمَا مِنْ حَالَةٍ مِنْهَا وَلَا صِفَةٍ إِلَّا وَهِيَ بِصَدَدِ أَنْ تُفْرَدَ بِالذِّكْرِ وَأَهْلِهَا، فَإِذَا هِيَ نَوْعٌ عَلَى حِيَالِهِ، وَلَكِنَّهُ نَصَبٌ مِنْ غَيْرِ أَرَبٍ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. النَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ مِنَ الْحَدِيثِ اعْلَمْ - عَلَّمَكَ اللَّهُ وَإِيَّايَ - أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَهْلِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى: صَحِيحٍ، وَحَسَنٍ، وَضَعِيفٍ. أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ

1 / 11

بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلَا مُعَلَّلًا. وَفِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ احْتِرَازٌ عَنِ الْمُرْسَلِ، وَالْمُنْقَطِعِ، وَالْمُعْضَلِ، وَالشَّاذِّ، وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ، وَمَا فِي رَاوِيهِ نَوْعُ جَرْحٍ. وَهَذِهِ أَنْوَاعٌ يَأْتِي ذِكْرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﵎.

1 / 12

فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي صِحَّةِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِيهِ، أَوْ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ. وَمَتَى قَالُوا: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ " فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ اتَّصَلَ سَنَدُهُ مَعَ

1 / 13

سَائِرِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا بِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إِذْ مِنْهُ مَا يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ. وَكَذَلِكَ إِذَا قَالُوا فِي حَدِيثٍ: " إِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ " فَلَيْسَ ذَلِكَ قَطْعًا بِأَنَّهُ كَذِبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، إِذْ قَدْ يَكُونُ صِدْقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ إِحْدَاهَا: الصَّحِيحُ يَتَنَوَّعُ إِلَى مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ، كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ. وَيَتَنَوَّعُ إِلَى مَشْهُورٍ، وَغَرِيبٍ، وَبَيْنَ ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ دَرَجَاتِ الصَّحِيحِ تَتَفَاوَتُ فِي الْقُوَّةِ بِحَسَبِ تَمَكُّنِ الْحَدِيثِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ

1 / 14

الَّتِي تَنْبَنِي الصِّحَّةُ عَلَيْهَا، وَتَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ إِلَى أَقْسَامٍ يَسْتَعْصِي إِحْصَاؤُهَا عَلَى الْعَادِّ الْحَاصِرِ. وَلِهَذَا نَرَى الْإِمْسَاكَ عَنِ الْحُكْمِ لِإِسْنَادٍ أَوْ حَدِيثٍ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ. عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ خَاضُوا غَمْرَةَ ذَلِكَ، فَاضْطَرَبَتْ أَقْوَالُهُمْ. فَرُوِّينَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: " أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ كُلِّهَا: الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ". وَرُوِّينَا نَحْوَهُ عَنْ (أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ). وَرُوِّينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: " أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ ". وَرُوِّينَا نَحْوَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِمَا. ثُمَّ

1 / 15

مِنْهُمْ مَنْ عَيَّنَ الرَّاوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَجَعَلَهُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ. وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ ابْنَ عَوْنٍ. وَفِيمَا نَرْوِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: " أَجْوَدُهَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ". وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: " أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ كُلِّهَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ". وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ - صَاحِبِ الصَّحِيحِ - أَنَّهُ قَالَ: " أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ". وَبَنَى الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ أَجَلَّ الْأَسَانِيدِ: " الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ " وَاحْتَجَّ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ أَجَلُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ ﵃ أَجْمَعِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِيَةُ: إِذَا وَجَدْنَا فِيمَا يُرْوَى مِنْ أَجْزَاءِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا حَدِيثًا صَحِيحَ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ نَجِدْهُ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ، وَلَا مَنْصُوصًا عَلَى صِحَّتِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ مُصَنَّفَاتِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ الْمَشْهُورَةِ، فَإِنَّا لَا نَتَجَاسَرُ

1 / 16

عَلَى جَزْمِ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، فَقَدْ تَعَذَّرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ الِاسْتِقْلَالُ بِإِدْرَاكِ الصَّحِيحِ بِمُجَرَّدِ اعْتِبَارِ الْأَسَانِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ إِسْنَادٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا وَنَجِدُ فِي رِجَالِهِ مَنِ اعْتَمَدَ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ، عَرِيًّا عَمَّا يُشْتَرَطُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ. فَآلَ الْأَمْرُ إِذًا - فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ - إِلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي تَصَانِيفِهِمُ الْمُعْتَمَدَةِ الْمَشْهُورَةِ، الَّتِي يُؤْمَنُ فِيهَا - لِشُهْرَتِهَا - مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ، وَصَارَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ بِمَا يُتَدَاوَلُ مِنَ الْأَسَانِيدِ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ، زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا، آمِينَ. الثَّالِثَةُ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الصَّحِيحَ الْبُخَارِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ. وَتَلَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ

1 / 17

النَّيْسَابُورِيُّ الْقُشَيْرِيُّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَمُسْلِمٌ - مَعَ أَنَّهُ أَخَذَ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَاسْتَفَادَ مِنْهُ - يُشَارِكُهُ فِي أَكْثَرِ شُيُوخِهِ. وَكِتَابَاهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ الْعَزِيزِ. وَأَمَّا مَا رُوِّينَا عَنِ الشَّافِعِيِّ ﵁ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: " مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ كِتَابًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ "، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ كِتَابَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. ثُمَّ إِنَّ كِتَابَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ الْكِتَابَيْنِ صَحِيحًا، وَأَكْثَرُهُمَا فَوَائِدَ. وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظِ النَّيْسَابُورِيِّ أُسْتَاذِ الْحَاكِمِ أَبِي

1 / 18

عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: " مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ "، فَهَذَا وَقَوْلُ مَنْ فَضَّلَ مِنْ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ كِتَابَ مُسْلِمٍ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ يَتَرَجَّحُ بِأَنَّهُ لَمْ يُمَازِجْهُ غَيْرُ الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ إِلَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مَسْرُودًا، غَيْرَ مَمْزُوجٍ بِمِثْلِ مَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِ أَبْوَابِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يُسْنِدْهَا عَلَى الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ فِي الصَّحِيحِ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَرْجَحُ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الصَّحِيحِ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ صَحِيحًا، فَهَذَا مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعَةُ: لَمْ يَسْتَوْعِبَا الصَّحِيحَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَلَا الْتَزَمَا ذَلِكَ. فَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " مَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِي (الْجَامِعِ) إِلَّا مَا صَحَّ، وَتَرَكْتُ مِنَ الصِّحَاحِ لِحَالِ الطُّولِ ".

1 / 19

وَرُوِّينَا عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٌ وَضَعْتُهُ هَاهُنَا - يَعْنِي فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ - إِنَّمَا وَضَعْتُ هَاهُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ ". قُلْتُ: أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ فِي كِتَابِهِ إِلَّا الْأَحَادِيثَ الَّتِي وَجَدَ عِنْدَهُ فِيهَا شَرَائِطَ الصَّحِيحِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ اجْتِمَاعُهَا فِي بَعْضِهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ. ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الْأَخْرَمِ الْحَافِظَ قَالَ: " قَلَّ مَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِمَّا يَثْبُتُ مِنَ الْحَدِيثِ ". يَعْنِي فِي كِتَابَيْهِمَا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِالْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْمُسْتَدْرَكَ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ كِتَابٌ كَبِيرٌ، يَشْتَمِلُ مِمَّا فَاتَهُمَا عَلَى شَيْءٍ كَثِيرٍ، وَإِنْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي بَعْضِهِ مَقَالٌ فَإِنَّهُ يَصْفُو لَهُ مِنْهُ صَحِيحٌ كَثِيرٌ. وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: " أَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَمِائَتَيْ أَلْفِ حَدِيثٍ غَيْرِ صَحِيحٍ "، وَجُمْلَةُ مَا فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَكَرِّرَةِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا بِإِسْقَاطِ الْمُكَرَّرَةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ، إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ قَدْ يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا عِنْدَهُمْ آثَارُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَرُبَّمَا عُدَّ الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ

1 / 20

الْمَرْوِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ حَدِيثَيْنِ. ثُمَّ إِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّحِيحِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابَيْنِ يَتَلَقَّاهَا طَالِبُهَا مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمُصَنَّفَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، كَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. مَنْصُوصًا عَلَى صِحَّتِهِ فِيهَا. وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مَوْجُودًا فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ، وَكِتَابِ التِّرْمِذِيِّ، وَكِتَابِ النَّسَائِيِّ، وَسَائِرِ مَنْ جَمَعَ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ. وَيَكْفِي مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مَوْجُودًا فِي كُتُبِ مَنِ اشْتَرَطَ مِنْهُمُ الصَّحِيحَ فِيمَا جَمَعَهُ، كَكِتَابِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَذَلِكَ مَا يُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْمُخَرَّجَةِ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَكِتَابِ مُسْلِمٍ، كَكِتَابِ أَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَائِينِيِّ، وَكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الْبُرْقَانِيِّ، وَغَيْرِهَا، مِنْ تَتِمَّةٍ لِمَحْذُوفٍ، أَوْ زِيَادَةِ شَرْحٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَذَا مَوْجُودٌ فِي (الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ) لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيِّ. وَاعْتَنَى الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ بِالزِّيَادَةِ فِي عَدَدِ الْحَدِيثِ

1 / 21

الصَّحِيحِ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَجَمَعَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ (الْمُسْتَدْرَكَ) أَوْدَعَهُ مَا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا رَآهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، قَدْ أَخْرَجَا عَنْ رُوَاتِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا، أَوْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَحْدَهُ، أَوْ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَحْدَهُ، وَمَا أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى تَصْحِيحِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَهُوَ وَاسِعُ الْخَطْوِ فِي شَرْطِ الصَّحِيحِ، مُتَسَاهِلٌ فِي الْقَضَاءِ بِهِ. فَالْأَوْلَى أَنْ نَتَوَسَّطَ فِي أَمْرِهِ فَنَقُولَ: مَا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ، وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الصَّحِيحِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ، يُحْتَجُّ بِهِ وَيُعْمَلُ بِهِ، إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ. وَيُقَارِبُهُ فِي حُكْمِهِ صَحِيحُ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ الْبُسْتِيِّ ﵏ أَجْمَعِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ: الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَوْ كِتَابِ مُسْلِمٍ ﵄ لَمْ يَلْتَزِمْ مُصَنِّفُوهَا فِيهَا مُوَافَقَتَهُمَا فِي أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ

1 / 22

بِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، لِكَوْنِهِمْ رَوَوْا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، طَلَبًا لِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ، فَحَصَلَ فِيهَا بَعْضُ التَّفَاوُتِ فِي الْأَلْفَاظِ. وَهَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُونَ فِي تَصَانِيفِهِمُ الْمُسْتَقِلَّةِ كَالسُّنَنِ الْكَبِيرِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَشَرْحِ السُّنَّةِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا قَالُوا فِيهِ: " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ "، فَلَا يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْ مُسْلِمًا أَخْرَجَ أَصْلَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي اللَّفْظِ، وَرُبَّمَا كَانَ تَفَاوُتًا فِي بَعْضِ الْمَعْنَى، فَقَدْ وَجَدْتُ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ بَعْضُ التَّفَاوُتِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَنْقُلَ حَدِيثًا مِنْهَا وَتَقُولَ: هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَوْ كِتَابِ مُسْلِمٍ، إِلَّا أَنْ تُقَابِلَ لَفْظَهُ، أَوْ يَكُونَ الَّذِي خَرَّجَهُ قَدْ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. بِخِلَافِ الْكُتُبِ الْمُخْتَصَرَةِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ، فَإِنَّ مُصَنِّفِيهَا نَقَلُوا فِيهَا أَلْفَاظَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. غَيْرَ أَنَّ " الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ " لِلْحُمَيْدِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةِ تَتِمَّاتٍ لِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، فَرُبَّمَا نَقَلَ مَنْ

1 / 23