আরব বক্তৃতার অধ্যয়নের জন্য ভূমিকা
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
জনগুলি
المعاصر له رجل فيلسوف ملحد، قصصه مملوءة بالهزء والسخرية من العالم ومن الأفكار الدينية، وكلا الكاتبين يكتب وينشر أفكاره الخاصة في نفس البيئة التي ينشر فيها الآخر أفكارا تخالفها، فأيهما يصح أن يكون قلمه وأفكاره دليلا على البيئة التي يعيش فيها؟ هذا يدل على نزعات فردية، وعلى مجتمعات وأفكار خاصة، لا على الأمة أو حالة الاجتماع العام، اللهم إلا في الكتابة العلمية أو في مذهب الحقائق
Réalisme ، الذي من غرضه إظهار الشيء كما هو. على أن ذلك لا يخلو من بعض المبالغة أحيانا، ومن الصناعة التي تضطر الكاتب إلى الخروج عن الحقائق.
وعلى كل حال فلا يصح أن تعتبر البلاغة دليلا صحيحا على الزمن والأشخاص الذين ظهرت بين ظهرانيهم، أو أن تكون أثرا تاريخيا.
نعم لا تكون الكتابة من الأدلة التاريخية لأمة من الأمم؛ لأن الكاتب لا يقصد من وضع قصة تمثيلية لحادثة تاريخية تمثيلا خاليا من الزيادة والنقص. ولكنه يريد إظهار رأيه وإثباته في قصته، وهذا ما يدور عليه محور التمثيل؛ ولذلك يعمل على إظهاره بأي شكل كان وبأي وسيلة كانت، هذه الزينة التي توجد على المسارح من ستائر وأثاثات وألوان وأضواء، وهذه الملابس والحركات والأشكال، قد تكون غيرها في الزمن الذي وجدت فيه القصة وربما لا تشبهها، كالكلام الكثير والمناظر المختلفة التي لا تكون من القصة في شيء. ولكن المؤلف يريد أن يعجب الحاضرين، وينال من نفوسهم بهذه المظاهر ليتوصل إلى إثبات فكرته، أو إلى نشر حقيقة خفية بهذه الوسائل. كل ذلك لازم تقتضيه قواعد الفن وتستلزمه الرغبة في الإعجاب؛ ولذلك كثيرا ما يغير أصحاب الفنون مناظر القصة التمثيلية إلى غيرها ؛ لأنهم يرون ذلك أوفق وأدعى للجمال، ولأن الفنون ليس من غرضها البحث عن الحقائق، ذلك يرجع إلى الفلسفة والعلوم، إنما غرض الفنون إظهار الجمال.
هذا مثل ضربناه لأن الصناعة فيه أظهر، وعدم اتباع الحقيقة فيه أبين، والجري وراء أهواء الكاتب في إظهار البراعة فيه أوضح؛ لأنه مبني على المشاهدات، ومثل ذلك يقال في أنواع النثر والشعر، وهل مثل قول ابن كلثوم:
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما
تخر له الجبابر ساجدينا
يدل على حقيقة؟ وهل هذه كانت حالة الاجتماع في ذلك الزمن؟ هذا من باب الفخر والحماسة وجمال القول والمبالغة، أو من التهاون بالحقائق لاقتضاء الصناعة ذلك. كل ما يمكن أن تدل عليه البلاغة من نظم ونثر، وقصص وحكايات، وروايات تمثيلية واجتماعية، هو مجموع الحركة الفكرية للأمم، والصورة العامة للميول والأهواء للمجتمع، وشيء من حركة النفوس والعقول، وبعض الأخلاق والعادات التي يمكن أن تؤخذ من بطون هذه الصحف.
وقد قال بعض النقاد: إن الحالة الاجتماعية لأمة من الأمم تعرف من آراء النقاد أكثر مما تعرف من البلاغة نفسها؛ أي إنه يمكن أن يعرف الإنسان من ملاحظات النقاد على الكتاب والشعراء صحة مطابقتها للأخلاق والعادات من عدمها؛ لأن النقاد يرون ما لا يراه الكاتب نفسه؛ فتكون آراؤهم أقرب إلى الصواب من آراء الكاتب، وهذه الآراء تبين أفكار الكاتب وحكمه على المجتمع الذي يعيش فيه، نضرب لذلك مثلا بحالة القصص الاجتماعية الآن: كثير من هذه القصص يمثل طبقات الناس تمثيلا غير حقيقي، يمثل المرأة أو الفتاة في حالة من الأخلاق لا يرضاها لها إنسان، خصوصا في موقف الحب والغرام، كما هي الحال في القصص التمثيلية، فلو لم تظهر آراء النقاد ما في هذه الكتابات والأفكار من المبالغات، واعتمد كل إنسان على ما يقرؤه في أخذ الحقائق منها؛ لامتلأت نفسه خطأ من الحكم على المجتمع، وكما هي الحال للأجانب الذين يصفون البلاد من بطون الكتب لا غير، كالقصص والروايات، ويحكمون عليها بناء على ذلك؛ لهذا قيل: إن الحكم على البلاغة نفسها هو صورة الاجتماع ؛ أي إن المؤرخ الذي يريد أن يأخذ شيئا من كتابة الأمم للحكم على مدنياتها، عليه أن يجمع آراء النقاد المختلفة ويوازن بينها؛ ليستخلص منها صورة صحيحة من الحالة الاجتماعية، فقد يجد أفكارا متناقضة مختلفة في عصر واحد؛ لأن كل إنسان له رأي، فإن لم يكن هناك تمييز بين هذه الأفكار فبأيها يحكم القارئ؟ وعلى أي اجتماع يكون حكمه صحيحا؟ وماذا تكون الحال إذا حكمنا على زمن الرشيد بشعر أبي نواس وأمثاله، وحكمنا على الشعراء بمثل هذه الأخلاق؟ وأبو نواس يكاد يكون وحيدا في بابه مع أصحابه، كما قال حمزة بن الحسن الأصبهاني جامع ديوان أبي نواس: «وقد خص شعر أبي نواس ممن لهج بإضافة المنحول إليه بما ليس في غيره من الأشعار، وذلك أن تعاطيه لقول الشعر كان على غير طريقهم؛ لأن جل أشعاره في اللهو والغزل والمجون والعبث، كأشعاره في وصف الخمر ولغة النساء والغلمان، وأقل أشعاره مدائحه. وليس هذا طريق الشعراء الذين كانوا في زمانه، وكانوا من بعده؛ فأبو نواس في توفره على الهزل بإزاء عمران بن حطان وصالح بن عبد القدوس في توفرهما على الجد الصرف.»
هذا معنى أن آراء النقاد هي صورة الاجتماع أكثر من البلاغة نفسها. وجملة القول أن كل ما يصح أن يؤخذ من البلاغة هو الحالة العامة للأفكار، وطريق سيرها في زمن من الأزمان، حتى في البلاغة الحقيقية التي تنشر الحقائق بدون زيادة ولا نقص؛ لأنه ليس الغرض منها تقرير الحقائق، بل عرض صورة الشيء عرضا إجماليا وبث العبرة والعظة. كما إذا وصف الكاتب رجلا قذرا رث الثياب حافي الأقدام، فإنه لا يصفه لذاته، وإنما يصفه لإظهار النفس الكامنة فيه، وكما نجد في الكتابات الحديثة الآن أثناء الكلام على شخص من الأشخاص، وصف حجرته، وما لديه من الأثاث وغيرها؛ كل هذا للتوصل للحكم على الرجل وعلى نفسه. فإذا أردت أن تبحث عن أمة من الأمم، فإنك لا تجدها في بلاغتها، وإنما تجد في بلاغتها أذواقها وأنواع ميولها.
অজানা পৃষ্ঠা