আরব বক্তৃতার অধ্যয়নের জন্য ভূমিকা
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
জনগুলি
وقد قال جماعة من المستشرقين خصوصا الألمانيين منهم إن نسبة الشعر الجاهلي إلى قائليه لا يصح الاعتماد عليها ولا التصديق بها؛ لأنه مهما صحت قوة الذاكرة عند العرب ومهما قويت حافظتهم، فإنها لا تحتمل رواية كل هذا الشعر كما كان، وكما نطق به الشعراء الجاهليون؛ لأن الذاكرة كثيرا ما تخون، والأمانة في النقل نقلا صحيحا لا تكون إلا بالكتابة والتقييد، وأن حمادا الراوية جامع المعلقات وراويها متهم في روايته وفي صحة قوله، ومطعون في ذمته بإقراره عن نفسه، وبرواية معاصريه عنه، واستدلوا على ذلك بما في روايات الأغاني وغيرها، مثل ما ذكر في ترجمته:
4 «سمعت المفضل الضبي يقول: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أنشده فلا يصلح أبدا، فقيل له: وكيف ذلك، أيخطئ في روايته أم يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردون من أخطأ إلى الصواب، لا. ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها، ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه مذهب رجل ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق؛ فتختلط أشعار القدماء، ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد وأين ذلك؟»
5
وأن خلفا الأحمر وأمثاله خلقوا من الشعر ما لم يكن موجودا في الجاهلية، وكذبوا على الشعراء، وكان يكفي نسبة الشعر إلى أي إنسان، حتى لقد كانوا كثيرا ما يحفظون الكلام بدون معرفة قائله؛ ولذلك تجدهم يعدونه من قصيدة لشاعر ومرة لشاعر آخر من قصيدة أخرى؛ كل هذا يدل على خلط في الروايات، ويحمل على عدم الثقة بها. قالوا: ومما يضعف الاعتماد على الرواة تعدد الأشخاص المسمين باسم واحد، فقد ظهر أن هناك سبعة عشر رجلا، كل منهم يسمى بامرئ القيس، وأربعة يسمون بعلقمة، وثلاثة بعنترة، وخمسة بطرفة. وهذا أيضا من الأسباب التي تدعو إلى الخلط في معرفة صاحب القصيدة، وزادوا على ذلك أن الرواة كانوا يستبدلون بالعبارة البدوية المحضة التي لا يفهمونها من الكلام القديم، عبارات وألفاظا من عندهم على الوزن والقافية نفسها؛ لتكون أوضح لهم ولغيرهم. قالوا: وإذا صدقنا ما قيل عن حماد الراوية، من أنه كان يعي ضمن محفوظاته ستين قصيدة تبتدئ كلها «ببانت سعاد»، ولا نعرف منها الآن إلا قصيدة كعب بن زهير، ظهر لنا قيمة ما يقوله الرواة وصحة ما يروى عنهم، وقالوا أكثر من ذلك.
6
وقد لخص هذه الآراء المسيو «رينيه بسيه» رئيس القسم الأدبي بجامعة الجزائر في رسالة له سماها «الشعر العربي قبل الإسلام ».
الرواية في ذاتها متهمة، ولا يصح الأخذ بها علميا إن كانت رواية ككل الروايات. ولكن المسلمين عنوا عناية خاصة بالرواية، حتى أصبحت من الطرق العلمية؛ لأن كثيرا من أحكام الدين مبنية عليها، ولا يمكن أن تكون قاعدة علمية أثبت وأصح مما وضعوه في رواية الحديث، وما قرروه من الشروط في ذلك، مما يصح الآن أن يكون من أحدث الطرق العلمية. ولكن هل هذه العناية بنفسها وجدت في رواية الشعر؟ هذا ما لا يمكن الجزم به؛ بدليل ما نسب إلى الرواة، وبدليل ما نراه من الاختلاف في ذلك؛ فإن بعض الأشعار لا يزال قائله مجهولا. أما إذا اتبعنا الطرق العلمية المحضة، التي تقول: إنه لا يصح الجزم بالشيء إلا إذا ثبت بدليل قطعي، فلا يصح التصديق بذلك تصديقا تاما؛ لأنه يحتمل عدم الصحة. وأما إذا نظرنا نظرة المتساهل الذي يحسن الظن، ولا يقيد نفسه بالقواعد والقوانين العلمية، فإننا لا نجاري هؤلاء في شكهم، خصوصا أنه في المستحيل أن تكون كل هذه الأشعار أو أكثرها مخترعة، أو منسوبة إلى غير قائلها بدون سبب ولا داع إلى ذلك، وإذا كذب الرواة أو دسوا على بعض الشعراء شيئا، فإن ذلك لا يمكن أن يصل إلى مقدار ما نعرفه من الشعر الجاهلي، وكيف يمكن اختراع هذا الشعر الكثير، وبه من العبارات والأساليب ما يدل على أنه بدوي صرف؟ وأي إنسان يمكنه أن يحصل على هذه القدرة؛ ليشغل وقته بذلك وينسبه إلى غيره، وكان أولى به أن يذكره لنفسه ليفخر به؟ وأي فائدة لأي معتوه أن يتعب في التأليف ويقول: هو لفلان؟ أنرمي كل الرواة وعلماء اللغة والأدب بالكذب أو نتهمهم بعدم الثقة؛ لأن حمادا وغيره كذب مرة أو مرتين؟ وهل يصح أن نحكم على البلد أجمع بالمرض لأن بها إنسانا مريضا؟
إن المستشرقين يبالغون في ذلك، كما يبالغ بعض المؤرخين في نسبة التاريخ اليوناني القديم أجمعه إلى الأساطير والخرافات، والحق أن المسألة لا تزال موضع البحث، ولا يمكن الجزم بشيء في ذلك الآن. غير أننا نرجح أن كثيرا من الشعر القديم منسوب كذبا إلى الشعراء المعروفين. ولكن هذا لا يطعن في صبغته العربية من حيث الأسلوب.
البلاغة والاجتماع
هل البلاغة صورة الاجتماع؟ وهل يصح أن تتخذ حركة الكتابة من شعر ونثر دلالة على حياة الأمم الاجتماعية، وعلى مجموع صورة الاجتماع من أفكار وعقائد، وتصورات وخيال، وذكاء ودقة في الفهم، وخمول في القريحة، أو على ما في الأمم من ميل إلى الجد وإلى اللهو، وما في النفوس من قوة وضعف وإرادة، وعلى اختلاف الأذواق وفهم الجمال، ثم على العادات وغير ذلك، مما يدل على شيء من التاريخ والأخلاق القومية؟
অজানা পৃষ্ঠা