الفقه المقارن».
وكلا الموضوعين لا واقع لهما؛ فقد مر آنفا أن الشهيد لم يكن يدرس الفقه المقارن في بعلبك، وعلى فرض القول بأنه كان يدرس الفقه على المذاهب الخمسة، مع ذلك لم يكن اول من درس الفقه المقارن، بل كل من درس «الخلاف» للشيخ أو «التذكرة» للعلامة قبل الشهيد الثاني- وهم كثيرون- يعتبر سابقا على الشهيد في تدريس الفقه المقارن.
وكذلك الشيخ الطوسي لم يكن أول من كتب في موضوع الفقه المقارن؛ فإن الشيخ المفيد كتب كتابا في هذا الموضوع باسم «الإعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام»، وكذلك السيد المرتضى كتب كتابا في هذا الباب باسم «الانتصار».
وكذلك للسيد الرضي كتاب في هذا الموضوع (1).
وقد كتب المحقق الفاضل السيد محمد رضا الموسوي الخرسان بهذا الشأن يقول:
«... ويلوح لي أن السيد المرتضى بعمله هذا في «الانتصار» يكون أول من خطا خطوة جادة بينة في إشاعة الفقه المقارن وتعميمه، بتصنيفه كتابا تنتظم فيه كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات والعقود والإيقاعات والحدود والديات والمواريث. كما يبدو لي أنه نمط فذ من أنماط الفقه المقارن ...» (2).
وعلى افتراض الإيراد على هذه الكتب من جهة عدم استيعابها ما يعمه ويشمله «الخلاف»، مع ذلك لا يكون الشيخ الطوسي أول من ولج الباب، إذ أن السيد المرتضى قد كتب كتابا آخر في الفقه المقارن باسم «مسائل الخلاف»- القريب في العنوان من كتاب الشيخ الطوسي- وفي مواضع عديدة من «الانتصار» يذكر كتابه ذلك ويرجع إليه، فمن تلك الموارد:
- «وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة فيما أفردناه من الكلام على مسائل الخلاف ورددنا على كل مخالف في هذه المسألة لنا بما يعم ويخص من أبي حنيفة والشافعي ومالك بما فيه كفاية» (3)؛
পৃষ্ঠা ৪৮