মুনকিদ
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
জনগুলি
6
أم تبزغ من لجج الصوت، كعروس تحمل في صمت، ميزان العقل وسيف العدل، ليطارد زيف الكلمات؟ أندور ندور مع الطاحون؟ نمضغ كلمات نصبح كلمات تتساءل على سر «يكون»، في فرش السأم الملعون، ونموت ككل الأموات؟ عاهدني أن تنقذ نفسك، وتفك قيود المسجون، في كهف الظلمات المهلك «الواحد من أجل الكل، والكل لأجل الواحد»، فاللحظة بين يديك: حقل ينتظر الحرث، أرض تحتضن الغيث، تنبت من ليل الرحم بذور البعث، والصبح الواعد ...
خاتمة الرحلة وبدايتها
يجب أن نتذكر، ونحن ندرس أفلاطون، أننا نعيش في القرن العشرين. ولا بد للشارح والمفسر، وهو يواجه فلسفة خالدة - أي فلسفة قديمة متجددة - أن يكون على وعي تام بالموقف التاريخي الذي يحيا فيه، والظروف الاجتماعية والواقعية التي تحيط به. وليس معنى هذا أن نحاول تفسير أفلاطون تفسيرا «عصريا»، بل معناه أن نفهم عصرنا وواقعنا على ضوء فكره الباقي. وليس من حقنا بطبيعة الحال أن نلوي أعناق نصوصه، ونحملها فوق ما تحمل. فبداية البدايات في أي بحث نزيه هي الالتزام بالنص الأصلي، ورؤيته من داخله في ضوء العوامل التاريخية والفكرية والاجتماعية والنفسية ... إلخ، التي يعد ابنا شرعيا لها وشاهدا أمينا عليها، بشرط أن نترك أفلاطون نفسه يتكلم ، فلا نقاطعه ولا نفرض عليه مفاهيمنا الحديثة والمعاصرة، بل نتركه يفكر ونحاول التفكير معه، بحيث يكون «حاضرا» معنا نحن «الحاضرين» في هذا الزمان، دون أن نحاول «تحديثه» بالمعنى الشائع المبتذل، أو نستبدل واقعنا الراهن بواقعة التاريخي. ومن حقنا بعد ذلك أن نأخذ منه ما نتصور أنه يلقي بصيصا من النور على مشكلات مجتمعنا وحضارتنا التي لم يعد أحد يشك في حاجتها «للإنقاذ». أقول: «من حقنا»، والأولى أن أقول: «لا حيلة لنا». فنحن نرى أنفسنا بالضرورة في كل تفسير نتقدم به لنص قديم، ونستمع إليه أو نعيد قراءته لعلنا نزداد وعيا بأنفسنا وعالمنا. وحتى لو حاولنا أن نمتنع عن أي تفسير، متذرعين بموضوعية مطلقة ومستحيلة، فإن هذا الامتناع نفسه نوع من التفسير؛ لأن الباحث مضطر بحكم حدوده العقلية والبشرية أن يقف عند هذا الجانب أو ذاك من الفكر الرحب المتشعب. وهذا أيضا لا ينجو من الرؤية أو التفسير ...
كان أفلاطون - مثل أغلب الشباب من جيلنا - مثاليا أخفق في تطبيق أفكاره على الواقع، مصلحا ثوريا حاول أن يهتدي إلى أساس سياسي لإصلاحاته. عاش في عصر تدهورت فيه دولة المدينة، انهارت القيم القديمة وتحتم البحث عن قيم جديدة. فالمجد الذي أحرزته اليونان بعد انتصارها على الفرس قد ذوى قبل مولده بوقت طويل، وشعوره بإخفاق الروح اليونانية كان أقوى من شعور جميع معاصريه. كان في الثالثة والعشرين من عمره عندما انتهت الحرب الكبرى بين أثينا وإسبرطة بهزيمة مواطنيه وإذلالهم. ولهذا أدرك أن المهمة الحقيقية ليست هي إعادة بناء أثينا «فأثينا لم تعرف قط حاكما عادلا»، جورجياس (516-517)، وإنما المهمة الحقيقية هي «إنقاذ» بلاد اليونان.
1
كان عصره عصر انقلابات وثورات سياسية وفكرية واجتماعية، وكان في أعمق أعماقه شبيها بعصرنا. وعوامل الفساد التي كانت تدب في قلب مجتمعه القديم وتدمره لا تزال تنخر في قلب مجتمعاتنا الحاضرة. وإذا كانت فلسفته لم تستطع أن تستأصل الفساد الذي بلغ حدا أصابه بالدوار (كما تشهد زفراته الحارة في الرسالة السابعة!) ولم تتمكن من وقف الانهيار الذي أدى في النهاية إلى استسلام أثينا لسيطرة الإسكندر الأكبر، ثم وقوعها بعد ذلك في قبضة الرومان، فقد تنفع العبرة من كفاحه وبصيرته وعاطفته في إيقاف زحف الانهيار والفساد الذي يلاحظه المخلصون في مجتمعاتنا. وقد تدفع المصلحين إلى السيطرة عليها وتحويلها إلى عوامل إنقاذ وبعث جديد من وسط الرماد المحترق،
2
بيد أن هذا مجرد أمل، فليس على المفكر إلا أن يدق ناقوس الخطر، وينبه للإشكال ويشرك غيره في التفكير معه. أما اتجاه الواقع ومصيره فيندر - بشهادة التاريخ الفعلي - أن يكون في أيدي المفكرين.
يبدو أن حلم «المنقذ» قديم قدم البشرية نفسها، وأنه كان يراود النفوس المرهفة في فترات التأزم والظلام، «يمكن أن نلمح طيفه في ملحمة جلجاميش، في صرخات حديث المتعب من الحياة إلى نفسه ونذر أيبور وشكوى الفلاح الفصيح أثناء انهيار الدولة الوسطى في مصر القديمة ...» ويحتمل أن تكون فكرة أفلاطون عن «الملك الفيلسوف» قد تأثرت بفكرة بعض الفيثاغوريين في القرن الخامس قبل الميلاد من أن للحكمة حقا إلهيا في أن تحكم وتسود،
অজানা পৃষ্ঠা