المناظرة التقريرية بَين الشَّيْخ رحمت الله الْهِنْدِيّ والقسيس بفندر فِي ١٢٧٠ هـ ١٨٥٤ م
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ أَن يكون لَهُ ولد ... وَفِي كل شَيْء لَهُ شَاهد ... يدل على أَنه وَاحِد ...
فَمن اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَلَا يضرّهُ جحد جَاحد لَا ثَانِي لَهُ وَلَا ثَالِث وَلَا ضد وَلَا ند فليمت بغيظه كل معاند هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَيحكم آيَاته وَإِن رغمت أنوف الَّذين يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم ويحرفون كَلِمَاته فصل الله على هَذَا النَّبِي الْأَصِيل وَالسَّيِّد النَّبِيل المبشر بِهِ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه الهادين المهتدين إِلَى سَوَاء السَّبِيل الدافعين لجيشات الأباطيل
أما بعد
فَيَقُول العَبْد الْفَقِير إِلَى الله الْغنى رفاعى الخولي الْكَاتِب ختم الله لَهُ بِالْحُسْنَى أَنه قد وصلت إِلَى رِسَالَة فِي لِسَان أردو ألفها السَّيِّد عبد الله الْهِنْدِيّ الَّذِي كَانَ مترجما ثَانِيًا للدولة الإنكليزية فِي دَار الْحُكُومَة أكبر أباد وطبعها سنة ١٢٧٠ من هِجْرَة سيد الْأَوَّلين والآخرين فِي أكبر أباد وَبَين فِيهَا حَال المناظرة الَّتِي وَقعت بَين الألمعي اللوذعي الْفَاضِل رحمت الله الْهِنْدِيّ والقسيس فندر مؤلف ميزَان الْحق فِي السّنة الْمَذْكُورَة فِي الْبَلَد المسطور فِي الْمجْلس الْعَام وَكتب فِي آخر الرسَالَة الْمَذْكُورَة
1 / 37
مضبطة زيناها بشهادات الْأَشْخَاص المعتبرين الَّذين كَانُوا حاضرين فِي الْمجْلس الْمَذْكُور مثل
قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد أَسد الله والمفتي مُحَمَّد رياض الدّين والفاضل فيض أَحْمد باشكاتب النظارة الْمَالِيَّة والفاضل أمجد عَليّ وَكيل الدولة الإنكليزية وَغَيرهم
ثمَّ وصلت إِلَى رِسَالَة أُخْرَى لَهُ فِي هَذَا الْبَاب فِي اللِّسَان الْفَارِسِي طبعها بعد الرسَالَة الأولى فِي الْبَلَد الْمَذْكُور أَيْضا
وَهَذِه الرسَالَة تُوجد فِي مَدِينَة أسلامبول أَيْضا عِنْد بعض أُمَرَاء الدولة الْعلية وكلتا الرسالتين مطابقتان فِي بَيَان أصل الْمَقْصُود ومعتبرتان أَيْضا لِأَن مؤلفهما كَانَ مترجما ثَانِيًا للدولة الإنكليزية فِي دَار الْحُكُومَة أكبر أباد وَكَانَ مَوْجُودا فِي مجْلِس المناظرة وَكتب مَا سمع بأذنيه وَشهد بصدقه الْأَشْخَاص المعتبرون سِيمَا الْأَرْبَعَة المزبورون الَّذين هم من ذَوي المناصب الْعلية فِي الدولة الإنكليزية وطبعهما بعد المناظرة فِي الْبَلَد الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ دَار الْحُكُومَة الإنكليزية وَمحل المناظرة
وَقد كَانَ أُمَرَاء الإنكليز أَيْضا حَضَرُوا فِي تِلْكَ المناظرة وَوقت الطَّبْع والإشتهار قد كَانُوا فِي ذَلِك الْبَلَد على حكومتهم التَّامَّة
وَألف أَيْضا وَزِير الدّين بن شرف الدّين الَّذِي كَانَ من حضار ذَلِك الْمجْلس رِسَالَة فِي اللِّسَان الْفَارِسِي وسماها بالبحث الشريف فِي إِثْبَات
1 / 38
النّسخ والتحريف وطبعت تِلْكَ الرسَالَة فِي دهلي فِي السّنة المذكروة بِأَمْر ولي الْعَهْد مرزا فَخر الدّين بن سراج الدّين بهادر شاه سُلْطَان دهلي أنار الله برهانهما وَنشر نسخهَا بِأَمْر ولي الْعَهْد المرحوم الْمَذْكُور فِي أقطار الْهِنْد وتوجد نسخهَا المطبوعة فِي مَكَّة المعظمة عِنْد أَكثر أهل الْهِنْد من المجاورين وَهَذِه الرسَالَة مُطَابقَة لهاتين الرسالتين لَا تخالفهما فِي مَضْمُون من المضامين
وَقد سَمِعت فِي مَكَّة المعظمة حَال هَذِه المناظرة من أَفْوَاه رجال غير المحصورين الَّذين جاؤوا لِلْحَجِّ بعْدهَا
وَبِالْجُمْلَةِ خبر هَذِه المناظرة وَكَون القسيس مَغْلُوبًا فِيهَا بِمَنْزِلَة الْمُتَوَاتر الْمَعْنَوِيّ عِنْد أهل الْهِنْد
فَأَرَدْت أَن أترجم هَذِه المناظرة بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ ليظْهر الْحَال على أهل الْعلم من الْمُسلمين كَافَّة ويعلموا أَن مؤلف ميزَان الْحق الَّذِي حصل لَهُ نوع اعْتِبَار عِنْد بعض الْجُهَّال الَّذين هم كالأنعام هُوَ الَّذِي ألزم فِي هَذِه المناظرة على رُؤُوس الأشهاد فِي مَسْأَلَتي النّسخ والتحريف اللَّتَيْنِ كَانَ يُطِيل اللِّسَان فيهمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الْإِسْلَام
فترجمت رِسَالَة أردو بِلَا زِيَادَة ونقصان فِي كَلَام الْمُؤلف
وحيثما زِدْت فِي بعض الْمَوَاضِع شَيْئا للتوضيح فَإِن كَانَ قَلِيلا أوردته فِي أثْنَاء كَلَامه وميزت الزَّائِد عَن كَلَامه بخطين قوسيين وَكِتَابَة الزَّائِد بَينهمَا وَأَن كَانَ كثيرا كتبته غَالِبا فِي الْحَاشِيَة فَلْيَكُن النَّاظر على تنبه من هَذَا الْمَعْنى لِئَلَّا يخلط كَلَامي بِكَلَام الأَصْل
وَهَا أَنا أشرع فِي الْمَقْصُود بعون الله الْملك الْوَدُود وَأَقُول
قَالَ الْمُؤلف شكر الله سَعْيه بعد مَا فرغ من الْحَمد وَالصَّلَاة
1 / 39
أما بعد فَيَقُول العَبْد الذَّلِيل السَّيِّد عبد الله الْأَكْبَر أبادي أَنه وَقعت فِي هَذِه الْأَيَّام مباحثة دينية ومناظرة مذهبَة بَين حَضْرَة التَّحْرِير الْفَاضِل رحمت الله مُصَنف كتاب إِزَالَة الأوهام والقسيس فندر مؤلف ميزَان الْحق
وَالسَّبَب الْبَاعِث عَلَيْهَا أَن الْفَاضِل التَّحْرِير أَرَادَ أَن يظْهر على الْكل من الْخَاص وَالْعَام حَال الْمسَائِل المتنازعة بَين الْمُسلمين والمسيحيين على أكمل وَجه
فَرَأى أَن الْأَحْسَن فِي هَذَا الْبَاب إنعقاد المحفل الْعَام لأجل المناظرة لوَجْهَيْنِ
الأول أَن المباحثة التحريرية تطول فِيهَا الْمدَّة وَمَا كَانَت لَهُ فرْصَة إِلَى هَذِه الْمدَّة لِأَنَّهُ كَانَ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى بَلَده دهلي
وَالثَّانِي أَن المباحثة التحريرية يَقع فِيهَا خلط المبحث غَالِبا فَلَا تحصل مِنْهَا نتيجة حَسَنَة
فاستدعى الْفَاضِل التَّحْرِير هَذَا الْأَمر من القسيس الْمَذْكُور وَأرْسل إِلَيْهِ الْمَكْتُوب وتقررت المناظرة بعد مكتوبات مَعْدُودَة على هَذَا التَّرْتِيب يناظر أَولا فِي النّسخ ثمَّ التحريف ثمَّ التَّثْلِيث ثمَّ فِي نبوة مُحَمَّد ﷺ
وتقرر أَن الْإِثْنَيْنِ يكونَانِ من كل جَانب فَكَانَ القسيس فندر والقسيس فرنج فِي جَانب
1 / 40
والفاضل التَّحْرِير والحكيم مُحَمَّد وَزِير خَان فِي جَانب آخر لكني أتأسف تأسفا شَدِيدا على أَن هَذِه المناظرة المفيدة للنَّاس مَا وصلت إِلَى مُنْتَهَاهَا بل تمت على مَبْحَث التحريف لِأَن القسيس فندر قَالَ للفاضل التَّحْرِير فِي الْيَوْم الثَّانِي بعد مَا فرغوا عَن المباحثة أَنا لَا نناظر فِي مَسْأَلَة التَّثْلِيث مَا لم تقروا بِحَقِيقَة هَذَا الْإِنْجِيل لِأَن هَذِه الْمَسْأَلَة تثبت بِالْكتاب لَا بِالْعقلِ
فَقَالَ الْفَاضِل التَّحْرِير أَنا إِذا أثبتنا التحريف وسلمتم أَيْضا فِي سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة مَوَاضِع وسلمتم أَيْضا فِي أَرْبَعِينَ ألف مَوضِع سَهْو الْكَاتِب بِالْمَعْنَى الَّذِي مَا بَقِي بِحَسب هَذَا الْمَعْنى بَيْننَا وَبَيْنكُم إِلَّا النزاع اللَّفْظِيّ فَكيف نسلم فِي تِلْكَ الصُّورَة هَذَا الْكتاب
فتمت المباحثة وَبقيت الْأُمُور الَّتِي كَانَت تذكر فِي مَسْأَلَة التَّثْلِيث والنبوة غير مَذْكُورَة
وَلما كنت فِي الْيَوْمَيْنِ اللَّذين أنعقد فيهمَا مجْلِس المناظرة حَاضرا حررت تَقْرِير الْجَانِبَيْنِ فَكنت أُرِيد أَن أجعَل هَذِه المباحثة على ثَلَاثَة أَقسَام
أذكر فِي الْقسم الأول
مكاتيب الْفَاضِل التَّحْرِير والقسيس بفندر والتقرير اللساني الَّذِي جرى بَينهمَا
1 / 41
وَفِي الْقسم الثَّانِي
أَدِلَّة إبِْطَال التَّثْلِيث
وَفِي الْقسم الثَّالِث
أَدِلَّة حَقِيقَة نبوة النَّبِي ﷺ
لكنه ظهر أَمر عَجِيب فِي هَذَا الْوَقْت وَهُوَ أَن القسيس فعل حركتين عجيبتين
الأولى أَنه أرسل مكتوبه وَثَلَاثَة كتب مَمْلُوءَة بالمطاعن إِلَى الْحَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان فَقَامَتْ على هَذِه الْحَرَكَة مباحثة جَدِيدَة أُخْرَى
وَالثَّانيَِة أَنه طبع المباحثة على طَرِيق آخر على حسب اشتهاء خاطره فَصَارَ ردهَا ضَرُورِيًّا
فَجعلت هَذِه المباحثة خَمْسَة أَقسَام
ذكرت فِي الْقسم الأول المكاتيب الْمَذْكُورَة والتقرير اللساني
وَفِي الثَّانِي مكاتيب القسيس بفندر والحكيم مُحَمَّد وَزِير خَان
وَفِي الثَّالِث أَدِلَّة إبِْطَال التَّثْلِيث
وَفِي الرَّابِع أَدِلَّة نبوة النَّبِي ﷺ
وَفِي الْخَامِس رد رِسَالَة المباحثة الَّتِي طبعها القسيس
ثمَّ بيّنت فِي الخاتمة نتيجة هَذِه المباحثة
وَأَرْجُو من النَّاظر أَن يَدْعُو لي بِدُعَاء الْخَيْر
1 / 42
الْمَكْتُوب الأول
من الْفَاضِل إِلَى القسيس إِنِّي وصلت إِلَى هَذَا الْبَلَد أَي أكبر أباد لأمر مَا وَحصل لي الْفَرَاغ من هَذَا الْأَمر الَّذِي كنت مشتغلا فِيهِ وَأُرِيد أَن أرجع إِلَى دهلي
وارتسم فِي قلبِي إِلَى الْآن بِفضل الله بالأدلة القطعية أَن الْكتب المقدسة عنْدكُمْ مَنْسُوخَة ومحرفة وَأَن الدّين الأحمدي حق ارتساما لَا يخْطر ببالي خِلَافه على سَبِيل الْوَهم الضَّعِيف أَيْضا وطالعت مطالعة كَثِيرَة فِي كتبكم وكتبت جوابها أَيْضا وَلكم توجه تَامّ فِي رد الْملَّة الإسلامية
وَقَالَ الْفَاضِل أَمِير الله أَنكُمْ كَمَا تحبون المباحثة التحريرية بِمُقْتَضى الْكَمَال فَكَذَلِك تحبون المباحثة التقريرية فِي المشافهة أَيْضا وأمرتم أَن أحضر فِي بَيتكُمْ فَحَضَرت على مَا أمرْتُم بمعية الْفَاضِل الْمَزْبُور لكني رجعت بِدُونِ اللِّقَاء لقُصُور الطالع وَأُرِيد لأجل الْأُمُور الَّتِي مر ذكرهَا أَن أستفيد من تقريركم بِحُضُور الْأَشْخَاص الْمَعْدُودين من أهل الْعلم من الْمُسلمين والمسيحيين وَأظْهر مكنوناتي ليحصل لكل من الْحَاضِرين اطلَاع على إفادتكم
1 / 43
وَلما صرحتم فِي تأليفاتكم أَن مَسْأَلَتي النّسخ والتحريف أعظم الْمسَائِل الْمُتَنَازع فِيهَا بَين المسيحيين والمحمديين وقلتم أَنَّهُمَا أول أُمُور من المباحثة كَمَا هُوَ مُصَرح فِي مكتوبكم الأول المندرج فِي حل الأشكال
فالفقير أَيْضا سلم كَونهمَا عُمْدَة اتبَاعا لرأيكم ورضى أَن تكون المباحثة أَولا على هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ وبعدهما يتَكَلَّم فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي يَقع عَلَيْهَا رضَا الطَّرفَيْنِ
فَإِن كَانَ هَذَا الْأَمر مَقْبُولًا عنْدكُمْ فعينوا يَوْمًا ومكانا ثمَّ أخبروني لأقيم فِي هَذَا الْبَلَد إِلَى أَن أفرغ عَن هَذَا الْأَمر وَإِلَّا أرجع إِلَى دهلي إِذْ لَا مَطْلُوب لي فِي الْإِقَامَة بِهَذَا الْبَلَد غير المباحثة
فأرجو من لطفكم أَن تخبروني فِي جَوَاب هَذَا الْمَكْتُوب عَن أحد الْأَمريْنِ
وَوصل إِلَيْكُم كتاب إِزَالَة الأوهام من دهلي وَالْغَالِب أَن رِسَالَة أحسن الْأَحَادِيث فِي إبِْطَال التَّثْلِيث وصلت أَيْضا إِلَيْكُم وسيصل إِلَيْكُم الْكتاب الإعجاز العيسوى الَّذِي حصل لي الْفَرَاغ عَن تأليفه فِي هَذِه الْأَيَّام وَأخذ فِي آخِره الْفَصْل الثَّالِث من الْبَاب الأول من ميزَان الْحق أَيْضا وأجبت عَنهُ كلمة كلمة وسيصل بعد ذَلِك كتاب إِزَالَة الشكوك الَّذِي هُوَ جَوَاب سُؤَالَات الكرانجي
1 / 44
وفرغت عَن تأليفه من مُدَّة وَوَقع الْهَرج فِي طبعه بِسَبَب وصولي إِلَى هَذَا الْبَلَد ويطبع إِذا رجعت إِلَى دهلي وَبعد ذَلِك يصل كتاب الإستبشار الَّذِي هُوَ رد حل الأشكال وألفه بعض أحبائي وأرسله إِلَى وسيطبع أَيْضا ويصل بعد ذَلِك كتاب معدل اعوجاج الْمِيزَان جَوَاب ميزَان الْحق الَّذِي جَاءَ ذكره فِي إِزَالَة الأوهام
فَالْحَاصِل أَن كل كتاب بعد الطَّبْع يصل إِلَيْكُم هدَانَا الله وعباده أَجْمَعِينَ إِلَى معرفَة الْحق ووفق للسلوك على الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وخلصنا من التعصب والأمور الْمضرَّة للآخرة آمين
حرر هَذَا الْمَكْتُوب فِي ٢٣ جمادي الْأُخْرَى سنة ١٢٧٠ من الْهِجْرَة و٢٣ مارس سنة ١٨٥٤ من الميلاد
الْمَكْتُوب الأول من القسيس
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وانكشفت الْحَالَات وتأسفت على أَنكُمْ شرفتم بَيْتِي وَمَا كنت حَاضرا وَرَجَعْتُمْ بِلَا نيل الْمَقْصُود لكني مَعْذُور مَا كنت مطلعا على عزم مجيئكم من قبل
وَمَا قلت للفاضل أَمِير الله فِي مجيئكم على بَيْتِي غير أَنِّي قلت فِي جَوَاب بعض أَقْوَاله هَذَا الْكَلَام يَقِينا أَن كَانُوا طالبي المناظرة عَلَانيَة فَلَا بُد من الملاقاة أَولا وَمَا أمرت كَمَا أشرتم وَظهر من مكتوبكم أَن مقصودكم المباحثة الْعَلَانِيَة فِي مجمع الْأَشْخَاص من الْفَرِيقَيْنِ
1 / 45
وَهَذِه الطَّرِيقَة وَإِن لم تكن عِنْدِي مفيدة إِفَادَة كَثِيرَة لكني لست بِخَارِج عَن إطاعة أَمركُم وأشاور أَولا فِي تعْيين الْيَوْم وَالْوَقْت اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة من أُمَرَاء الإنكليز ثمَّ أخْبركُم وَينْعَقد محفل المناظرة بعده
والمستحسن أَن يُرَاعى فِي هَذِه المباحثة هَذِه الْأُمُور
الْأَمر الأول أَن تكون المناظرة فِي النّسخ والتحريف كَمَا استدعيتم
وَالثَّانِي يتَكَلَّم فِي أَمر يكون مُخْتَار الطَّرفَيْنِ
وَالثَّالِث أَن لَا يذكر أَمر خَارج عَن الْبَحْث فِي أثْنَاء المناظرة
وَالرَّابِع أَن يكون وَاحِد حكما يُقَال لَهُ جيرمن فِي عرف الانكليز لِئَلَّا يكون محفل المناظرة عَارِيا من حسن الإنتظام والتهذيب فَقَط ٢٣ مارس سنة ١٨٥٤ م
الْمَكْتُوب الثَّانِي من الْفَاضِل التَّحْرِير
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وصرت ممنونا لأجل قبولكم المناظرة الْعَلَانِيَة وَظهر مَا وعدتم من الْأَخْبَار عَن تعْيين الْيَوْم وَالْوَقْت بعد الْمُشَاورَة وَمَا طلبتم من مُرَاعَاة الْأُمُور الْأَرْبَعَة
فأرجو أَنكُمْ تخبروني بعد الْمُشَاورَة وَالْأَمر الأول كَانَ مَقْبُولًا عِنْدِي من قبل اتبَاعا لرأيكم وَالْأَمر الثَّالِث لما كَانَ مَحْمُودًا مستحسنا مُوَافقا لدأب المناظرة صَار مَقْبُولًا بِكَمَال الرِّضَا لَكِن الْأَمر الثَّانِي مُحْتَاج إِلَى شَيْء من التَّوْضِيح فَلذَلِك أكلفكم أَن تصرحوا أَن مقصودكم مَاذَا من هَذِه
1 / 46
الْفَقْرَة وَالثَّانِي يتَكَلَّم فِي أَمر يكون مُخْتَار الطَّرفَيْنِ لأبادر إِلَى الْقبُول بعد الْعلم
بَقِي الْأَمر الرَّابِع فالغالب أَن مرادكم بِلَفْظ أحد أَمِير من أُمَرَاء الإنكليز وَأَنِّي غَرِيب فِي هَذَا الْبَلَد لَا أعرف أحدا من هَؤُلَاءِ الْعِظَام لأظهر رضاي بِهِ وَإِن رضيت بِأحد من أهل الْإِسْلَام فالغالب أَن هَذَا الْأَمر لَا يكون مَقْبُولًا عنْدكُمْ على أَن هَذِه المباحثة تكون فِي الْمسَائِل الْعَظِيمَة
فَفِي هَذِه الصُّورَة سَوَاء كَانَ الحكم مسيحيا أَو محمديا أَي مُسلما لَا ترْتَفع شُبْهَة رِعَايَة الحكم عَن قُلُوب الْخلق سَوَاء كَانَ مسيحيا أَو محمديا فَأرى أَن لَا يكون هَذَا الْأَمر مَشْرُوطًا وَظَاهره أَن هَذَا الْأَمر لَيْسَ بمحتاج إِلَيْهِ أَيْضا لِأَنَّهُ إِذا كَانَ أهل الْعلم من الْمُسلمين والمسيحيين والمجوسيين فِي محفل المناظرة فَهَذَا المحفل لَا يكون عَارِيا عَن حسن الإنتظام وَالْفَقِير قَلِيل الْمعرفَة بِاللِّسَانِ الإنكيزي وَيحْتَاج الْفَرِيقَانِ إِلَى تَصْحِيح النَّقْل عَن الْكتب
فَجعلت الْحَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان شَرِيكا لي فَاخْتَارُوا أَنْتُم لأجلكم شَرِيكا يكون لائقا بِهَذَا الْأَمر ويراعي إِلَى آخر المباحثة أَن لَا يكون لأحد دخل فِي أثْنَاء المناظرة وَلَا يتَكَلَّم بِلَا أَو نعم غير الْأَرْبَعَة أَعنِي أياكم وشريككم وإياي والحكيم مُحَمَّد وَزِير خَان ٢٤ جمادي الْأُخْرَى سنة ١٢٧٠ من الْهِجْرَة و٢٤ مارس سنة ١٨٥٤ من الميلاد
الْمَكْتُوب الثَّانِي من القسيس
وصل كتابكُمْ فِي جَوَاب كتابي وانكشف مضامينه انكشافا بَينا وَهَذَا العَبْد أَيْضا رَاض أَن يكون الإثنان من الْجَانِبَيْنِ وَلَا يكون الحكم فكون الْحَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان فِي جانبكم مَقْبُول وَيكون القسيس فرنج
1 / 47
فِي جَانِبي لكنه يروح يذهب الْيَوْم إِلَى على كده وَغَيرهَا لأجل تَبْدِيل الْهَوَاء وَيرجع بعد أسبوعين فَتكون المباحثة مُتَأَخِّرَة إِلَى مَجِيئه فَإِذا جَاءَ ينْعَقد محفل المناظرة
وَلما جرت الْعَادة أَن أَكثر الناظرين والسامعين يَجْتَمعُونَ عِنْد انْعِقَاد أَمْثَال هَذَا المحفل فالمتيقن أَنه يجْتَمع فِي هَذَا الْوَقْت من الْجَانِبَيْنِ أَكثر الْأُمَرَاء من الإنكليز وَأكْثر أهل الْبَلدة وَلَا يكون لأحد دخل فِي المباحثة إِلَّا أَن خطر ببال أحد قَول حسن أَو كلمة مستحسنة لَا يكون لَهُ ممانعة عَن الْإِظْهَار وَتَكون الممانعة عَن الدخل التدخل فِي المناظرة وَيكون هَذَا الْأَمر منحصرا فِي الْإِثْنَيْنِ الْإِثْنَيْنِ اللَّذين تقررا من كل جَانب فَقَط ٢٥ مارس سنة ١٨٥٤
الْمَكْتُوب الثَّالِث من الْفَاضِل
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم فِي جَوَاب كتابي وَظهر أَنكُمْ رَضِيتُمْ بِفَسْخ الشَّرْط الرَّابِع واستحسنتم كَون الْإِثْنَيْنِ الْإِثْنَيْنِ من الْجَانِبَيْنِ وقبلتم أَن يكون الْحَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان شَرِيكا لي وجعلتم القسيس فرنج شَرِيكا لكم وطلبتم مهلة اسبوعية لأجل عذر عزم القسيس فرنج على السّفر إِلَى على كده وَغَيرهَا
1 / 48
لَا يخفى عَلَيْكُم أَن إقامتي فِي هَذِه الْبَلدة كإقامة الْمُسَافِرين وَلَا أحب زيادتها
وَقد طلبت مِنْكُم فِي الْكتاب السَّابِق توضيح الشَّرْط الثَّانِي لكنكم مَا أوضحتم فِي جَوَابه
فَالْآن استدعى مِنْكُم ثَلَاثَة أُمُور مُعْتَمدًا على لطفكم
الأول أَن لَا تستدعي مهلة أُخْرَى غير مهلة الأسبوعين الَّتِي قبلت اتبَاعا لأمركم
وَالثَّانِي إِيضَاح الشَّرْط الثَّانِي لأتكلم عَلَيْهِ من الْقبُول وَعَدَمه
وَالثَّالِث أَن تخبروني عَن تعْيين الْمَكَان فِي هذَيْن الأسبوعين قبل يَوْم المناظرة بِثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة وَالسَّلَام على من اتبع الْهدى
٢٦ - جمادي الْآخِرَة سنة ١٢٧٠ من الْهِجْرَة و٢٦ مارس سنة ١٨٥٤ ق الميلاد
1 / 49
الْمَكْتُوب الثَّالِث من القسيس
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وانكشف مَقْصُوده
لَا تمتد مُدَّة رُجُوع القسيس فرنج أَزِيد من أسبوعين إِن شَاءَ الله فَلَا تَفَكَّرُوا لأجل هَذَا الْأَمر وَإِذا جَاءَ أخْبركُم وَينْعَقد محفل المناظرة فِي الخان الَّذِي كَانَ فِيهِ مدرسة فِي السَّابِق وَتَكون جلْسَة المناظرة وَقت الصُّبْح من السَّاعَة السَّادِسَة وَنصف إِلَى السَّاعَة الثَّامِنَة لِأَن امرأء الإنكليز لَا يتحملون الْجُلُوس أَزِيد من هَذَا وَلَا أقدر على تعْيين يَوْم المناظرة الْآن وأخبركم عَنهُ بعد رُجُوع القسيس فرنج وتوضيح
الشَّرْط الثَّانِي أَنكُمْ أشرتم فِي الْمَكْتُوب الأول أَنه يتَكَلَّم بعد مباحثة النّسخ والتحريف فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي يكون عَلَيْهَا اتِّفَاق الْفَرِيقَيْنِ فَجعلت هَذِه الْإِشَارَة قانونا فِي مكتوبي وكتبت أَن المباحثة تكون
أَولا على النّسخ والتحريف ثمَّ على أَمر يكون مُخْتَار الْفَرِيقَيْنِ وَأَنا استدعى أَنَّهَا تكون على نبوة نَبِي الْإِسْلَام ﷺ بِأَن توردوا الدَّلَائِل الَّتِي تكون مثبتة لرسالته فَقَط ٢٧٠ مارس سنة ١٨٥٤ م
الْمَكْتُوب الرَّابِع من الْفَاضِل التَّحْرِير
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وَعلمت أَن مُدَّة المهلة لَا تتجاوز عَن الأسبوعين وَأَن الجلسة تكون فِي الخان الَّذِي كَانَت الْمدرسَة فِيهِ وَأَن وَقت الجلسة يكون وَقت الصُّبْح من السَّاعَة السَّادِسَة وَنصف إِلَى الثَّامِنَة
فَفَرِحت فَرحا كثيرا بِإِدْرَاك مَضْمُون الْفَقْرَة الأولى وَقبلت الْأَمر المندرج فِي الْفَقْرَة الثَّانِيَة بِرِضا الْقلب لكني لَا أبادر على قبُول مَضْمُون الْفَقْرَة الثَّالِثَة لأمرين
1 / 50
الأول أَن الظَّاهِر أَنكُمْ تجيئون بِهَذِهِ المباحثة يَوْمًا وَاحِدًا والمدة سَاعَة وَنصف ويضيع فِيهَا أَيْضا فِي انْتِظَار النَّاس مِقْدَار نصف سَاعَة فَفِي الْبَاقِيَة لَا يُمكن انْفِصَال الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة فضلا عَن انْفِصَال الْمسَائِل الثَّلَاث الْعَظِيمَة الْأُخْرَى الَّتِي تقصدون المباحثة فِيهَا
وَالثَّانِي أَن الْحَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان لَيْسَ لَهُ فرْصَة فِي وَقت الصُّبْح لإنشغاله فِي هَذَا الْوَقْت بِأَمْر خسته خانة وَأَنِّي لست بمحتاج إِلَى إعانته وشركته خَاصَّة فِي هَذِه المباحثة وَلَيْسَ لَهُ شوق إِلَى هَذَا الْأُمُور أَيْضا لكني لَا أعرف فِي هَذَا الْبَلَد غَيره مِمَّن لَهُ معرفَة بِلِسَان الإنكليز وَتَقَع الْحَاجة فِي المناظرة إِلَى تَصْحِيح النَّقْل وَالرُّجُوع إِلَى الْمَنْقُول عَنهُ يَقِينا
وَلأَجل هَذِه الضَّرُورَة الشَّدِيدَة جعلته شَرِيكا وَلكم همة عالية فِي أَمْثَال هَذَا الْأَمر وَحصل لكم الإمتياز عَن جَمِيع القسس لأجل هَذَا الْعَزْم القوى
فالتمس مِنْكُم أَنه لابد لكم من أَن تقبلُوا هذَيْن الْأَمريْنِ لإِثْبَات الْحق
الأول أَن توسعوا فِي الْوَقْت وَلَا تلاحظوا إِلَى النَّاس السامعين غير هَذَا الْقدر أَن يجلس كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى مَا يَشَاء وَيذْهب مَتى يَشَاء وَأَنْتُم لَا تقومون قبل تصفية الْمسَائِل وَيكون ي هَذِه الصُّورَة ايضا أنَاس كَثِيرُونَ من المسيحيين وَالْمُسْلِمين وَالْمُشْرِكين موجودين إِلَى آخر الجلسة إِن شَاءَ الله وَإِن ذهب الْأُمَرَاء الْعِظَام من الإنكليز وَإِن لم تقدروا أَن تتحملوا هَذِه الْمَشَقَّة فِي يَوْم وَاحِد فعينوا فِي كل يَوْم مُدَّة سَاعَة وَنصف إِلَى أَن يحصل الْفَرَاغ من تصفية هَذِه الْمسَائِل
وَالثَّانِي أَن تكون الجلسة يَوْم الْأَحَد بعد السَّاعَة الْعَاشِرَة لِأَنَّهُ يكون الْفَرَاغ فِي هَذَا الْيَوْم لجَمِيع متعقي دولة الإنكليز وَيكون لكم الْفَرَاغ أَيْضا فِي هَذَا الْيَوْم بعد السَّاعَة الْعَاشِرَة عَن الْعِبَادَة المقررة
1 / 51
وللحكيم عَن أَمر خسته خَان وَلِجَمِيعِ النَّاس سَوَاء كَانُوا أُمَرَاء الإنكليز أَو أهل الْبَلَد عَن جَانب الْأكل وَالشرب وَإِن كَانَ لكم عذر فِي يَوْم الْأَحَد فعينوا يَوْمًا آخر بدله بعد السَّاعَة الْعَاشِرَة فَقَط
٢٨ - جُمَادَى الْأُخْرَى سنة ١٢٧٠ من الْهِجْرَة و٢٨ مارس سنة ١٨٥٤ من الميلاد يَوْم الثُّلَاثَاء
الْمَكْتُوب الرَّابِع من القسيس
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم ووقفت على العذرين اللَّذين كتبتم لأجل عدم قبُول الْفَقْرَة الثَّالِثَة المندرجة فِي كتابي وَمَا ظننتم أَنِّي أحضر مجْلِس المناظرة يَوْمًا وَاحِدًا فَقَط فَظن غير صَحِيح بل أحضر إِلَى انْفِصَال الْمسَائِل المتنازعة والجلسات الَّتِي تقع إِلَيْهَا الْحَاجة لتصفية هَذِه الْأُمُور تَنْعَقِد لَكِن مِقْدَار الجلسة ووقتها يكونَانِ كَمَا كتبت فِي العريضة السَّابِقَة لَا غير لِأَن أُمَرَاء الإنكليز لَيْسَ لَهُم وَقت أنسب مِنْهُ فِي أَمْثَال هَذَا الْأَمر وَلَا يُمكن يَوْم الْأَحَد كَمَا جوزتم ويتعسر إنعقاد الجلسة على التَّوَاتُر فِي كل يَوْم أَيْضا نعم يُمكن فِي كل أُسْبُوع مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاث مَرَّات وأخبركم عَن تعْيين أَيَّام إنعقاد الجلسة بعد رُجُوع القسيس فرنج فَقَط ٢٨ مارس سنة ١٨٥٤
الْمَكْتُوب الْخَامِس من الْفَاضِل التَّحْرِير
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وصرت مُتَعَجِّبا غَايَة التَّعَجُّب لأنكم لَا ترْضونَ بتبديل الْوَقْت ومقداره وَلَا ترْضونَ أَيْضا أَن تكون المباحثة يَوْم الْأَحَد وَلَا بمجئ كل يَوْم على التوالي بل كل أُسْبُوع مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاث مَرَّات فَالظَّاهِر أَنكُمْ تفرون من المباحثة التقريرية فَلَا توسعون وَقت الجلسة وَلَا ترْضونَ بتبديله
أنظروا إِلَى أَنِّي مُسَافر ولي هرج كثير فِي إِقَامَة هَذَا الْبَلَد وَمَعَ ذَلِك لما استدعيتم مهلة أسبوعين بِعُذْر عزم القسيس فرنج قبلتها وَلَا
1 / 52
تقبلون تَبْدِيل الْوَقْت الَّذِي فِيهِ عذر قوى لشريكي لإنشغاله بِأَمْر خسته خانه
والعذر بِأَن أُمَرَاء الإنكليز لَيْسَ لَهُم وَقت أنسب مِنْهُ ضَعِيف لأَنا لَو فَرضنَا أَنهم لَا يحْضرُون فَلَا بَأْس لِأَن أُنَاسًا كثيرين آخَرين من الْمُسلمين والمسيحيين يحْضرُون وَهَذِه المباحثة لَيست مَوْقُوفَة على حُضُور هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء فِي رَأْيِي وَإِن كَانَت مَوْقُوفَة فِي رَأْيكُمْ على حضورهم فالغالب أَنهم وَكَذَا سَائِر النَّاس يكونُونَ فارغين بعد غرُوب الشَّمْس فعينوا هَذَا الْوَقْت وَلَو كنت أعرف فِي هَذَا الْبَلَد أحدا مُعْتَمدًا عَارِفًا بِلِسَان الإنكليز غير الْحَكِيم الْمَذْكُور جعلته شَرِيكا لي الْبَتَّةَ واخترت المباحثة التقريرية لأجل أَن الإنفصال فِيهَا يكون أسْرع من المباحثة التحريرية وَهَذَا الْأَمر أنسب واليق بغربتي
وَإِذا كَانَت تِلْكَ أَيْضا فِي الْأُسْبُوع مرّة أَو مرَّتَيْنِ وَلَا يكون مقدارها إِلَّا سَاعَة وَنصفا فَلَا رُجْحَان لَهَا على المباحثة التحريرية وَلَا يحصل السرُور للسامعين أَيْضا وَلَا يَنْقَطِع الْكَلَام فِي كل مرّة على مَحَله وَيحْتَاج إِلَى إِعَادَته فِي الْمرة الثَّانِيَة وَلَا بُد من مُدَّة طَوِيلَة لَا أقدر على تحملهَا فِي المسافرة فألتمس مِنْكُم أَن تتركوا الْوَقْت الَّذِي من طُلُوع الشَّمْس إِلَى السَّاعَة الْعَاشِرَة ٢٤ وتعينوا وقتا آخر يكون مناسبا لكم سَوَاء كَانَ فِي النَّهَار أَو اللَّيْل
لِأَنَّهُ لَا عذر لنا بِوَجْه من الْوُجُوه فِي غير الْوَقْت الْمَذْكُور فِي سَائِر أَجزَاء النَّهَار وَاللَّيْل
وَلَا بُد من المجئ فِي كل يَوْم إِلَى إنفصال الْمسَائِل المتنازعة لتتم المناظرة فِي أَيَّام مَعْدُودَة وَأَن وَقع عَلَيْكُم فِي تِلْكَ الْأَيَّام مشقة لِأَن تحملهَا من محَاسِن أخلاقكم ومحاسن أَخْلَاق القسيسين لَيْسَ بِبَعِيد وَإِن لم يكن التماسي هَذَا مَقْبُولًا عنْدكُمْ لعذر مَا فتصوروا أَن كتابي هَذَا كتاب أخير
1 / 53
وأخبروني إِلَى الْغَد قبل صَلَاة الْجُمُعَة لأقطع هَذَا الرَّجَاء وأرجع إِلَى دهلي بعد أَدَاء صَلَاة الْجُمُعَة أَن اتّفق وَإِلَّا فَفِي يَوْم السبت وَلَا أضيع أوقاتي فِي الْغَفْلَة والعبث فَقَط
٣٠ - جُمَادَى الْأُخْرَى سنة ١٢٧٠ من الْهِجْرَة و٣٠ مارس سنة ١٨٥٤ من الميلاد
الْمَكْتُوب الْخَامِس من القسيس
وصل كتابكُمْ الْكَرِيم وانكشفت الْحَالَات المندرجة فِيهِ نسبتم إِلَى لفظ الْفِرَار وَهُوَ مُخَالف لدأب تَحْرِير أَرْبَاب التَّهْذِيب وَأي مَانع لي أَن أنسب هَذَا اللَّفْظ إِلَيْكُم أَيْضا فِي الْقبُول وَعَدَمه اللَّذين وَقعا بيني وَبَيْنكُم فِي الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ المباحثة لأنكم مَا سلمتم الْأُمُور المرضية لي لَكِن هَذَا اللَّفْظ غير مُنَاسِب جدا لأقدر أَن أكتب
1 / 54
وَمَا كتبتم فِي تعْيين الْوَقْت بعد السَّاعَة الْعَاشِرَة سَوَاء كَانَ فِي النَّهَار أَبُو بعد غرُوب الشَّمْس فأشاور فِي هَذَا الْبَاب وَاحِدًا أَو أثنين من أُمَرَاء الإنكليز ثمَّ أخْبركُم
1 / 55
وكتبت فِي الْكتاب السَّابِق أَنكُمْ توردون دَلَائِل إِثْبَات نبوة نَبِيكُم بعد الْفَرَاغ عَن مباحثة النّسخ والتحريف فَمَا كتبتم فِي جَوَابه من الْقبُول وَعَدَمه فَإِن كتبتم يكون حسنا فَقَط ٣٠ مارس سنة ١٨٥٤
الْمَكْتُوب السَّادِس من القسيس
وعدت فِي كتابي الْعَجز الْأَخير الَّذِي أَرْسلتهُ أمس فِي جَوَاب كتابكُمْ الْكَرِيم أَنِّي أشاور وَاحِدًا أَو إثنين من أُمَرَاء الإنكليز فِي أَمر الْوَقْت الَّذِي جوزتم ثمَّ أخْبركُم فشاورت الْيَوْم فَمَا اسْتحْسنَ أحد من المستشارين الْوَقْت الْمَذْكُور فَيكون وَقت المباحثة هُوَ الْوَقْت الَّذِي أخْبرت عَنهُ فِي الْكتاب السَّابِق أَعنِي وَقت الصُّبْح من السَّاعَة السَّادِسَة وَالنّصف إِلَى السَّاعَة الثَّامِنَة وَلما كَانَ لكم عذر لعدم فرَاغ الْحَكِيم فَذَهَبت الْيَوْم لتَحْصِيل الْإِجَازَة إِلَى الْحَكِيم مارى وحصلت مِنْهُ الْإِجَازَة لحضور حَكِيم مُحَمَّد وَزِير خَان وَقت الصَّباح فِي جلْسَة المباحثة فَقَالَ الْحَكِيم مارى أَنا أجيزه وَيكون عدم حُضُوره فِي خسته خانه يَوْم المباحثة معافى فَمَا بقى لكم الْآن فِي أَمر الْوَقْت عذر وكتبت إطلاعا لكم وَأَنا أنْتَظر لجواب الْكتاب الَّذِي أَرْسلتهُ أمس فأرجو مِنْكُم جَوَاب الْكِتَابَيْنِ فَقَط ٣١ مارس سنة ١٨٥٤
الْمَكْتُوب السَّادِس من الْفَاضِل التَّحْرِير
وصل إِلَى كِتَابَانِ كريمان مِنْكُم وانكشف مِنْهُمَا أَن رضاكم أَن يباحث فِي نبوة خير الْبشر ﷺ بعد الْفَرَاغ عَن مباحثه النّسخ والتحريف
وَأَن المستحسن فِي رَأْيكُمْ عدم تَبْدِيل الْوَقْت وَلذَلِك حصلتم الْإِجَازَة
1 / 56