[إثبات وجود الصانع وحدوث العالم]
فقال الملحد عند ذلك : حدثني ما الدلالة على إنية الصانع؟ (1)
قال القاسم عليه السلام : الدلالة على ذلك قوله في كتابه عز وجل : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج (5) ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير (6) وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور (7)) [الحج : 5 7].
ووجه الدلالة في هذه الآية فهو : كون الإنسان ترابا ، ثم نطفة ، ثم علقة ، لا تخلو هذه الأحوال من خلتين :
إما أن تكون محدثة ، أو قديمة ، فإن كانت محدثة فهي إذا من أدل الأدلة على وجود إنيته ، لعلل :
منها : أن المحدث متعلق في العقل بمحدثه ، كما كانت الكتابة متعلقة في العقل (2) بكاتبها ، والنظم بناظمه. إذ لا يجوز وجود كتابة لا كاتب لها ، ووجود أثر لا مؤثر له في الحس ، والعقل.
ومنها : أن المحدث هو ما لم يكن فكون ، فهو في حال كونه (3) لا يخلو من أحد
পৃষ্ঠা ২৯৪