( 4) : في رواية تاريخية أن عبد الرحمن وأصحابه لما اعتزموا بناء مدينة تيهرت بهذا المكان المغطى بغابة كثيفة كانت مأوى للوحوش ، كلف أحدهم أن ينادي بأعلى صوته ثلاث مرات في ثلاثة أيام : أيتها الوحش إنا نريد أن نعمر هذا المكان فمن يريد السلامة فليخرج منه : وعلى أثر هذا النداء شاهدوا السباع والوحش تحمل أشبالها في أفواهها . خارجة من الغابة . قلت : قد ووقع مثل هذا للصحابة والتابعين عندما أرادوا تأسيس مدينة القيروان كما هو معلوم ، ويعد هذا عند المسلمين كرامة للأمة ومعجزة للرسول عليه الصلاة والسلام .
(5) : ليتهم أشاروا على الإمام بقبول الإعانة رحمة بالرسل وتخفيفا عليهم من التعب المنهك الناشئ عن السفر الطويل الشاق الممل كما هو واضح ، وكان عليهم أن يشيروا عليه بصرف الإعانة في مشاريع الدولة ومصالحها العامة كالجيش وإصلاح الطرق والمرافق الاجتماعية والملاجئ والمستشفيات وغيرها فإبقاء الإعانة لهذه الأغراض النافعة أحق وأجدر من ردها إلى أهلها لما تقدم ولما في الرد من الأخطار المعترضة لحامليها في طريق عودتهم بها ، فكأن الإمام وبطانته لم يفكروا في هذه الناحية ، أم ترى أنهم فكروا فيها وقطعوا بأن الأمن مستتب لا خوف على الرسل وأموالهم من قطاع الطرق المحتمل وجودهم في كل مكان من الأرض مهما كان النظام فيها دقيقا ، وعلى كل حال فإن الراجح أن أمر الإمام بإعادة الإعانة إلى مرسليها مبني على جزمه باستغناء بيت المال عنها وبوثوقه بأمن الطريق وسلامته وحولها إليهم وهذا عينه يعطينا فكرة واضحة عن رقي المجتمع الإسلامي وتوطد النظام في حكومات ذلك العصر السعيد مما لم يصل إلى بعضه عصرنا هذا . م - 03 تاريخ الأباضية
পৃষ্ঠা ৯২