وذلك في أرجوزته الفقهية المشتملة على نحو أربعة عشر ألف بيت ، سواء ذلك في علم الفقه أو الأصول أو الكلام . فمن يقرأ كتبهم يظهر منها عارفا بكثير مما قاله المالكية والشافعية والحنفية .
هذا ما عليه الأباضية إزاء أقوال مخالفيهم ، فأين ما ينسب إليهم من التعصب ، ومن أحق بأن ينسب إليه هذا الوصف بعد ما رأيت وسمعت . نعم ادعاء كونهم الفرقة الناجية وأن لهم أدلة تثبت ذلك هو حق . إلا أن هذا الإدعاء ما من فرقة من الفرق الثلاث والسبعين الإسلامية إلا وتدعيه . والله سبحانه يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . فلنقرأ كل ما بين الفرق الإسلامية المهمة من الفروق لتألف نفوسنا ذلك ، وتستأنس بالمرونة والتكرار بما هنالك، فيهون ما كان مهولا ، وربما زال و اضمحل بفضل المطالعة والإنصاف . فتظهر النتيجة ويصبحوا كلهم على مذهب واحد عملا واعتقادا ، ولا شيء من الصعوبة في توحيد هذه الفرق متى كان رائد الكل طلب الحقيقة ، وكان الفكر حرا مطلق العنان في البحث عنها لا يقيده التعصب ولا يزهده فيها ظرف الزمان وظرف المكان ، ولا يسيطر على النفس إلا الوجدان وسلامة النية وطهارة القلب وحرية الضمير . فالحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها لا يعنيه أي وعاء خرجت منه ، ولا أي مكان ظفر بها فيه .
পৃষ্ঠা ৬