مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
প্রকাশক
دار السلام للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٦هـ
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
[١٥] ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ﴾ [البقرة: ١٥] يَتْرُكُهُمْ وَيُمْهِلُهُمْ، وَالْمَدُّ وَالْإِمْدَادُ وَاحِدٌ، وَأَصْلُهُ الزِّيَادَةُ إِلَّا أَنَّ الْمَدَّ كثيرًا مَا يَأْتِي فِي الشَّرِّ، وَالْإِمْدَادُ فِي الْخَيْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَدِّ ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٧٩] وَقَالَ فِي الْإِمْدَادِ: ﴿وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٦] ﴿وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ﴾ [الطُّورِ: ٢٢] ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] أي: في ضلالتهم، وأصل الطغيان: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَمِنْهُ: طَغَى الْمَاءُ ﴿يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: ١٥] أَيْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَةِ مُتَحَيِّرِينَ.
[قوله تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى] فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ
[١٦] ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ [البقرة: ١٦] بالإيمان ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦] أي: استبدلوا الكفر، أَيْ: مَا رَبِحُوا فِي تِجَارَتِهِمْ ﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٦] مِنَ الضَّلَالَةِ، وَقِيلَ: مُصِيبِينَ فِي تجارتهم.
[١٧] ﴿مَثَلُهُمْ﴾ [البقرة: ١٧] شَبَهُهُمْ، وَقِيلَ: صِفَتُهُمْ، وَالْمَثَلُ قَوْلٌ سَائِرٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ يُعْرَفُ به منه الشَّيْءِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْقُرْآنِ السبعة، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي﴾ [البقرة: ١٧] يَعْنِي الَّذِينَ بِدَلِيلِ سِيَاقِ الْآيَةِ ﴿اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] أوقد نارًا، ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ﴾ [البقرة: ١٧] النار ﴿مَا حَوْلَهُ﴾ [البقرة: ١٧] أي: حول المستوقد ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: ١٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، يَقُولُ: مَثَلُهُمْ فِي نِفَاقِهِمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فِي مَفَازَةٍ فَاسْتَدْفَأَ وَرَأَى مَا حَوْلَهُ فَاتَّقَى مِمَّا يخاف، فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره فبقي في ظلمة خائفًا مُتَحَيِّرًا، فَكَذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ بِإِظْهَارِ كَلِمَةِ الْإِيمَانِ أمِنُوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَاكَحُوا الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارَثُوهُمْ وَقَاسَمُوهُمُ الْغَنَائِمَ، فَذَلِكَ نُورُهُمْ، فَإِذَا مَاتُوا عَادُوا إِلَى الظُّلْمَةِ وَالْخَوْفِ، وَقِيلَ: ذَهَابُ نُورِهِمْ فِي الْقَبْرِ، وَقِيلَ: فِي الْقِيَامَةِ حَيْثُ يَقُولُونَ لِلَّذِينِ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، وَقِيلَ: ذَهَابُ نُورِهِمْ بِإِظْهَارِ عَقِيدَتِهِمْ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ ﷺ، فَضَرَبَ النَّارَ مَثَلًا، ثُمَّ لم يقل: أطفأ الله نورهم لَكِنْ عَبَّرَ بِإِذْهَابِ النُّورِ عَنْهُ، لأن النار نُورٌ وَحَرَارَةٌ فَيَذْهَبُ نُورُهُمْ وَتَبْقَى الْحَرَارَةُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِضَاءَةُ النَّارِ إِقْبَالُهُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْهُدَى، وَذَهَابُ نُورِهِمْ إِقْبَالُهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ والضلالة، وقال عطاء: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَانْتِظَارِهِمْ خُرُوجَ النَّبِيُّ ﷺ وَاسْتِفْتَاحِهِمْ بِهِ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، فَلَمَّا خَرَجَ كَفَرُوا بِهِ.
ثُمَّ وصفهم الله فقال:
[١٨] ﴿صُمٌّ﴾ [البقرة: ١٨] أَيْ: هُمْ صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ لَا يَقْبَلُونَهُ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلُوا فكأنهم لم يسمعوا، ﴿بُكْمٌ﴾ [البقرة: ١٨] خُرْسٌ عَنِ الْحَقِّ لَا يَقُولُونَهُ، أَوْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَبْطَنُوا خِلَافَ مَا أَظْهَرُوا فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْطِقُوا بالحق، ﴿عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨] أَيْ: لَا بَصَائِرَ لَهُمْ، وَمَنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ كَمَنْ لَا بَصَرَ لَهُ، ﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] عَنِ الضَّلَالَةِ إِلَى الْحَقِّ.
[١٩] ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾ [البقرة: ١٩] أَيْ: كَأَصْحَابِ صَيِّبٍ، وَهَذَا مَثَلٌ آخَرُ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ، بمعنى: إِنْ شِئْتَ مَثِّلْهُمْ بِالْمُسْتَوْقَدِ، وَإِنْ شئت بأهل الصيب، وَالصَّيِّبُ: الْمَطَرُ وَكُلُّ مَا نَزَلْ مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ فَهُوَ صَيِّبٌ، فَعِيلٌ مِنْ صَابَ يَصُوبُ، أي: نزل ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] أي: من السحاب، وقيل: هِيَ السَّمَاءُ بِعَيْنِهَا، وَالسَّمَاءُ كُلُّ مَا عَلَاكَ فَأَظَلَّكَ، وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. ﴿فِيهِ﴾ [البقرة: ١٩] أَيْ: فِي الصَّيِّبِ، وَقِيلَ: فِي السماء، أي: في السحاب ﴿ظُلُمَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩] جمع ظلمة ﴿وَرَعْدٌ﴾ [البقرة: ١٩] وهو الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ، ﴿وَبَرْقٌ﴾ [البقرة: ١٩] وهو النار التي تخرج منه ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ﴾ [البقرة: ١٩] جَمْعُ صَاعِقَةٍ، وَهِيَ الصَّيْحَةُ الَّتِي يَمُوتُ مَنْ يَسْمَعُهَا أَوْ يُغْشَى عَلَيْهِ، وَيُقَالُ لِكُلِّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ: صاعقة.
قوله: ﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ [البقرة: ١٩] أَيْ: مَخَافَةَ الْهَلَاكِ، ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ١٩] أَيْ: عَالِمٌ بِهِمْ، وَقِيلَ: جَامِعُهُمْ، قال مُجَاهِدٌ: يَجْمَعُهُمْ فَيُعَذِّبُهُمْ، وَقَيْلَ: مُهْلِكُهُمْ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى. ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [يُوسُفَ: ٦٦] أَيْ تُهْلَكُوا جميعًا.
1 / 20