মুখতাসার সিফাত সফওয়া
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
জনগুলি
قال ابن السماك، حين مات داود الطائي: يا أيها الناس إن أهل الدنيا تعجلوا غموم القلب وهموم النفس وتعب الأبدان مع شدة الحساب، فالرغبة متعبة لأهلها في الدنيا والآخرة، والزهادة راحة لأهلها في الدنيا والآخرة، وإن داود الطائي نظر بقلبه إلى ما بين يديه فأغشى بصر قلبه بصر العيون فكأنه لم يبصر ما إليه تنظرون، وكأنكم لا تبصرون ما إليه ينظر. فإنكم منه تعجبون وهو منكم يتعجب، فلما نظر إليكم راغبين مغرورين قد ذهبت على الدنيا عقولكم وماتت من حبها قلوبكم وعشقتها أنفسكم وامتدت إليها أبصاركم استوحش الزاهد منكم لأنه كان حيا وسط موتى، يا داود ما أعجب شأنك ألزمت نفسك الصمت حتى قومتها على العدل، أهنتها وإنما تريد كرامتها وأذللتها وإنما تريد إعزازها، ووضعتها وإنما تريد تشريفها وأتعبتها وإنما تريد راحتها، وأجعتها وإنما تريد شبعها، وأظمأتها وإنما تريد ريها، وخشنت الملبس وإنما تريد لينه وجشبت المطعم وإنما تريد طيبه، وأمت نفسك قبل أن تموت، وقبرتها قبل أن تقبر، وعذبتها قبل أن تعذب، وغيبتها عن الناس كي لا تذكر، وغبت بنفسك عن الدنيا إلى الآخرة، فما أظنك إلا قد ظفرت بما طلبت. كأن سيماك في عملك وسرك ولم يكن سيماك في وجهك فقهت في دينك ثم الناس يفتون، وسمعت الأحاديث ثم تركت الناس يحدثون ويروون، وخرست عن القول وتركت الناس ينطقون، لا تحسد الأخيار ولا تعيب الأشرار ولا تقبل من السلطان عطية ولا من الأخوان هدية. آنس ما تكون آنس ما تكون إذا كنت بالله خاليا، وأوحش ما تكون إذا كنت مع الناس جالسا فأوحش ما تكون آنس ما يكون الناس، وآنس ما تكون أوحش ما يكون الناس جاوزت حد المسافرين في أسفارهم، وجاوزت حد المسجونين في سجونهم، فأما المسافرون فيحملون من الطعام والحلاوة ما يأكلون، فأما أنت فإنما هي خبزتك أو خبزتان في شهرك، ترمي بها في دن عندك فإذا أفطرت أخذت منه حاجتك فجعلته في مطهرتك ثم صببت عليه من الماء ما يكفيك، ثم اصطنعت به ملحا فهذا إدامك وحلواك، فمن سمع بمثلك صبر صبرك أو عزم عزمك، وما أظنك إلا قد لحقت بالماضين، وما أظنك إلا قد فضلت الآخرين ولا أحسبك إلا قد أتعبت العابدين، وأما المسجون فيكون مع الناس محبوسا فيأنس بهم وأما أنت فسجنت نفسك في بيتك وحدك فلا محدث وجليس معك، ولا أدري أي الأمور أشد عليك، الخلوة في بيتك تمر بك الشهور والسنون أم تركك المطاعم والمشارب، لا ستر على بابك، ولا فراش تحتك، ولا قلة يبرد فيها ماؤك، ولا قصعة يكون فيها غداؤك وعشاؤك? مطهرتك قلتك وقصعتك تورك وكل أمرك يا داود عجب. أما كنت تشتهي من الماء بارده ولا من الطعام طيبه ولا من اللباس لينه? بلى، ولكنك زهدت فيه لما بين يديك فما أصغر ما بذلت، وما أحقر ما تركت، وما أيسر ما فعلت في جنب ما أملت، أما أنت فقد ظفرت بروح العاجل وسعدت إن شاء الله في الآجل، عزلت الشهرة عنك في حياتك لكي لا يدخلك عجبها ولا يلحقك فتنتها فلما مت شهرك ربك بموتك وألبسك رداء عملك، فلو رأيت اليوم كثرة تعبك عرفت أن ربك قد أكرمك.
: لما مات داود الطائي شيع الناس جنازته. فلما دفن قام ابن السماك على قبره فقال: يا داود كنت تسهر ليلك إذ الناس نائمون، قال: وكنت تسلم إذ الناس يخوضون، وكنت تربح إذ الناس يخسرون فقال الناس جميعا: صدقت حتى عدد فضائله كلها. فلما فرغ، قام أبو بكر النهشلي فحمد الله ثم قال:
يا رب إن الناس قد قالوا ما عندهم ومبلغ ما علموا، اللهم اغفر له برحمتك ولا تكله إلى عمله.
في الطبقة السادسة سفيان بن سعيد الثوري
قال: يزيد بن هارون أخذ العلم عن سفيان الثوري وهو ابن ثلاثين سنة.
قال سفيان الثوري: لو لم أعلم لكان أقل لحزني.
عن محمد بن يوسف الفريابي قال: قلت لسفيان الثوري: أرى الناس يقولون سفيان الثوري، وأنت تنام الليل. فقال لي: اسكت، ملاك هذا الأمر التقوى.
قال علي بن ثابت رأيت الثوري في طريق مكة فقومت كل شيء عليه، حتى نعليه: درهما وأربعة دوانيق.
পৃষ্ঠা ২৩৭